صادق الحسيني
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ ﴿الاعراف 56﴾ كان اغلبنا ينبذ حكم اولاد البغايا (هــــدام وعصابته)، ونرى فيه انحرافا عن الشرع السماوي كما هو انحرافا عن الشرع الإنساني، فقد استبد ظالما بالطغيان والجور، وانحرف متسافلا الى مستوى تنكره كل المعتقدات الانسانية فضلا عن رسالات الانبياء، والناس امام هذا الظلم الفادح كان البعض منهم يتوجه الى الله للخلاص، ولكن اغلب الشارع العراقي كان يقول ((ان شارون لو حكمنا لكان افضل من صدام)) وقد استجاب اله دعائنا بذلك وبعث لنا في كل وزارة شارون على راس عصابة شارونية. ولو التفتنا قليلا لما يقوله القران ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ ﴿العنكبوت 43﴾، والقران الكريم يحمل بين جنبيه القصص والامثال لكي يأخذ منها الناس العبرة والموعظة. ﴿إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ ﴿النساء 58﴾. فاله سبحانه وتعالى في قصة يوسف يقول ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ ﴿يوسف 33﴾، نبي الله يوسف عليه السلام وبعد ان وضع في موقف يطلب منه فيه معصية الله، ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ ﴿يوسف 32﴾، وتم تهديده بالسجن ان لم يستجيب لمن راودته عن نفسه. في هذا الموقف وجد يوسف عليه السلام ان السجن قد يكون فيه الم جسدي ولكنه ليس بمعصية، فحصر تفكيره في الحل او المخرج من هذا المأزق بما سمعه من خيارات على لسان من دعته إلى نفسها، أي انه خير نفسه بخيار شيطان امرأة العزيز، واختار من بيتهما ما يحفظ له ايمانه، ولكن يوسف عليه السلام كان بأمكانه ان يقول كما قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندما تعرض له سفهاء وصبية الطائف، ورموه بالحجارة حتى ادمى جسده الشريف، فقال دعائه المعروف ((ان لم يكن بك سخط علي فلا ابالي غير ان عافيتك هي اوسع لي))، فأجتهاد يوسف عليه السلام في الابتعاد عن المعصية حبب اليه السجن مع ما فيه من المعاناة، ولكنه بذلك اختار ان يكون قريب من الله، ومع ان يوسف كان بأمكانه ان يختار العافية كما في دعاء الرسول محمد صلى الله عليه واله بعد ان آذاه اهل الطائف، ولكنه حصر خياره بما كاد به شيطان من راودته عن نفسه واختار بينهما الاقرب إلى الله والابعد عن المعصية وارتكاب الاثام. وجاءت مشيئة الله ان يدخل يوسف السجن بدعائه، ومن رجمة الله وتوفيقه ان جعل كيد الشيطان الذي جاهرت به امرأة العزيز ضد يوسف عليه السلام، خيراً نازلا من الله على يوسف عليه السلام، اذ انتشرت دعوة يوسف وبدأ بنشر التوحيد وهو في السجن، واطلق دعوته للناس إلى الله ﴿أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ﴿يوسف 39﴾. وبذلك نعلم الان ان هذه الحكومة الفاسدة هي مما كسبناه بدعائنا ان شارون افضل وارحم من هــــــدام وعصابته، فجائنا شارون وزبانيته بل جاءوا باقبح مما جاء به شارون اليهودي، ولو كنا قلنا ربنا ان المهدي عليه السلام امام العدل والرحمة فأرحمنا به وازح به العصابة الفاسدة، لكان الامر مختلف، ولكن لازال الامر بأيدينا ان نطلب من الله ان يرحمنا بأولياءه الصالحين وندعوا في هذه الايام بدعاء الافتتاح بصدق متوجهين إلى الله سبحانه وتعالى. ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ ﴿البقرة 186﴾. {عن الامام الصادق عليه السلام في قوله ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي)) يعلمون اني اقدر على ان اعطيهم ما يسألون} {تفسير العياشي ج1 ص83}. فدعاء العبد يجب ان يتضمن الاقرار واليقين بعطاء الله. وكذلك لابد من التوجه إلى الله بما هو الله وليس التوجه بالصفات التي نضعها بانفسنا وهي ليست من افعال الله سبحانه وتعالى، اذ اننا قد نتوجه لغير الله دون ان نعلم. عن الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه دخل السوق، فإذا هو برجل موليه ظهره يقول: لا والذي احتجب بالسبع، فضرب علي عليه السلام ظهره، ثم قال: من الذي احتجب بالسبع؟ قال: الله يا أمير المؤمنين، قال: أخطأت ثكلتك أمك، إن الله عز وجل ليس بينه وبين خلقه حجاب لأنه معهم أينما كانوا، قال: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت، قال: أطعم المساكين؟ قال: لا إنما حلفت بغير ربك. وجاء في انجيل متى 27وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ:«ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ!». 28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْمَيَانِ، فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ:«أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟» قَالاَ لَهُ:«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ!». 29حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً:«بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا». 30فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا} متى 9 : 27 – 29. يسوع عليه السلام في هذه الايات يخبر الناس ان عطاء الله غير محدود، ولكن تحصيله يأتي على قدر ايمان العبد بالله، فالشفاء مثلا ليس بيد عيسى عليه السلام ان كان العبد لايؤمن ان الله ممكن ان يشفيه ويسببه بيد عيسى عليه السلام، وهذا قوله عليه السلام:«بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا». فاجابة الدعاء متعلقة بمعرفة الله وحسن ظن العبد بقدرة الله على الاجابة، واذا كان حسن الظن بالله متعلق باخلاص العبد في الانقطاع لله سبحانه وتعالى وصدق توجهه في الدعاء، فإن معرفة الله هي ما يميز درجات العباد وقربهم من الله سبحانه وتعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق