بالصبر انتزع العراقيون يومهم
نـــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر
على الرغم من كل الجهود التخريبية الجبارة التي بذلتها مجموعات العنف والارهاب، مدعومة بالاعلام الطائفي والعنصري واموال البترودولار التي تغدقها عليهم اسر حاكمة واجهزة مخابرات وانظمة بوليسية حاكمة في المنطقة، على الرغم من كل ذلك، فقد وفت الحكومتان العراقية والاميركية بوعدهما، فتم اليوم تحقيق واحدة من اهم بنود الاتفاقية الاستراتيجية والامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن نهاية العام 2008، فلقد انسحبت القوات الاميركية المقاتلة كاملة من العراق، وتحولت مهمة المتبقية منها، والتي تقدر بخمسين الفا، الى مهام المساعدة والتدريب فقط،، وبذلك يكون العراقيون قد تقدموا خطوة جديدة الى الامام باتجاه اتمام الاستقلال الناجز والسيادة التامة وبناء النظام الديمقراطي الذي يعتمد مبدا التداول السلمي للسلطة عبر صندوق الاقتراع، الحكم فيه للناخب العراقي الذي اثبت اكثر من مرة انه، وبوعيه وحضوره المستمر، قادر على ان يهلك مسؤولين ويستخلف آخرين كلما حانت ساعة الصفر ليقف امام صندوق الاقتراع ليدلي بصوته.
انه يوم العراقيين بامتياز، والذين انتزعوه من الظروف القاسية بصبرهم ومثابرتهم واصرارهم الوطني منقطع النظير، فلو كانوا قد ساروا خلف الشعارات الفارغة وجروا وراء العنف والاقتتال الطائفي الذي كاد ان يغرق البلاد بفوضى عارمة، ولو كانوا قد صدقوا الاعلام الطائفي والعنصري المضلل، بتشديد اللام الاولى وكسرها، لما شهدنا مثل هذا اليوم ابدا، لان الشعارات الفارغة والاعلام المخادع والعنف والاقتتال، كلها ذرائع لاستمرار تواجد القوات الاجنبية في البلاد.
لقد استمر الارهابيون، الذين تحالف معهم ايتام النظام الشمولي البائد، يمارسون القتل والتدمير حتى اللحظة الاخيرة التي سبقت حلول هذا اليوم الاغر (31 آب 2010) وكل ذلك من اجل عرقلة انسحاب القوات الاجنبية المقاتلة من العراق، ليبقى مبرر القتل والتدمير قائما ليواصلوا به خداع السذج والمغفلين بشعارات الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال، فلقد حاولوا، مثلا، خلال الاسابيع الاخيرة المنصرمة، تحقيق بعض الفراغ الامني في الشارع العراقي من خلال حملاتهم الدنيئة التي استهدفوا بها قوات الامن العراقية الباسلة، الا ان كل محاولاتهم هذه باءت بالفشل.
واليوم تقف القوات العراقية وجها لوجه امام مسؤولياتها الوطنية التاريخية لتثبت قدرتها الحقيقية على الامساك بالملف الامني بقوة واقتدار، لتسقط كل الرهانات التي ظلت تشيع عند الراي العام، العراقي خاصة، من ان انسحاب القوات الاجنبية المقاتلة من العراق في هذا الظرف الحساس سيرمي العراق من جديد في اتون حرب اهلية، طائفية وعنصرية، لان العراقيين غير مستعدين لمثل هذه اللحظة، على حد زعمهم، الا اننا جميعا على يقين من ان قواتنا المسلحة الباسلة قادرة على تحمل واجباتها الوطنية، مهما كلف الثمن، اذ لم يبق من المشوار الا القليل باذن الله تعالى.
يجب ان يحث هذا اليوم التاريخي قادة الكتل السياسية ويحفز زعماء الاحزاب التي فازت في الانتخابات النيابية الاخيرة، على الاسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعد ان يتنازلوا عن مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة ويقدموا المصالح العليا للبلاد وللمواطن الذي حملهم بصوته الى سدة السلطة والمسؤولية، فلقد وفى العراقيون بالتزاماتهم عندما شاركوا في الانتخابات الاخيرة، وبقي على من منحهم الشعب ثقته ان يفوا بالتزاماتهم، فليس من المعقول ابدا ان يظل مجلس النواب معطلا بلا افق او نور في نهاية النفق، كما انه ليس من المعقول ان تستمر مؤسسات الدولة العراقية (الرئاسات الثلاث تحديدا) مشلولة على الرغم من مرور قرابة ستة اشهر على تاريخ اجراء الانتخابات العامة الاخيرة، فلقد مل الشارع العراقي من تصريحات المسؤولين التي تتناقض بشكل فج ومضحك يبعث في اغلب الاحيان على القرف او الغثيان.
ان الزمن ليس لصالح احد في العراق ابدا، فهو ليس لصالح الزعماء وقادة الكتل السياسية، كما انه ليس لصالح الشعب العراقي الذي يمر باسوأ ازمة في الخدمات اليومية الاساسية كالكهرباء والماء الصالح للشرب وسلة الحصة التموينية والوقود وغير ذلك الكثير.
ان استمرار الوضع السياسي على حاله من الركود والمراوحة في مكانه، سيفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية، والتي قد تؤثر في نهاية المطاف فتبدا ترسم خارطة النظام السياسي الجديد وبطريقة لا تخدم المصالح العليا للبلاد، ولقد راينا كيف ان الادارة الاميركية حاولت، ومن خلال الوثيقة التي حملها الى بغداد مطلع الشهر الحالي (آب) مساعد وزيرة الخارجية الاميركية السيد جيفري فيلتمان، ان تقود انقلابا على الدستور العراقي من خلال تغيير معالم مؤسسات الدولة بما يضمن لها ضرب عدة عصافير في حجر واحد، كما يقول المثل المعروف.
ومن اجل ايضاح بعض الحقائق، تعالوا نقرا بنود هذه الوثيقة الاميركية، والتي نامل ان تصر كل القوى السياسية على رفضها لما فيها من ثغرات دستورية خطيرة تفضي الى اقامة نظام سياسي مضطرب ومتضارب الاتجاهات ومتناقض المسؤوليات والمهام، ضعيف البنى التحتية، هش المؤسسات.
تعالوا، اولا، نمر على نص الوثيقة، التي تتالف من سبعة بنود، ليتسنى التعليق عليها بشكل سليم.
تدعو الوثيقة الى:
اولا: تشكيل (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) تكون مهمته تنسيق السياسات العراقية في الشؤون الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالامن الوطني بما يشمل الامن المالي والاقتصادي وامن الطاقة، فضلا عن مراجعة ميزانية القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها.
ثانيا: تاسيس منصب رئاسي رابع يضاف للمناصب الرئاسية الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب) يدعى (الامين العام للمجلس السياسي للامن الوطني) ويرشح الامين العام هذا من قبل رئيس الجمهورية ويصادق مجلس النواب على ترشيحه بالاغلبية المطلقة.
ثالثا: يتكون (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) من؛ الامين العام للمجلس السياسي للامن الوطني، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس الوزراء، رئيس مجلس القضاء، رئيس اقليم كردستان، وقد يشارك في المجلس ايضا وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنفط ومدير المخابرات.
رابعا: تتضمن سلطات (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) مراجعة القرارات المتعلقة بسياسة التوظيف في القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها، ومراجعة الاتفاقيات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليها، ومراجعة المشتريات الدفاعية الرئيسية اضافة الى مراجعة الجهود الرئيسية لنشر الجنود والعمليات القتالية، ومراجعة قضايا المحتجزين، والمجلس له حق التوصية بتعيين ضباط برتبة عميد فما فوق، والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية على التعيينات.
خامسا؛ تقترح الوثيقة ان يشرع البرلمان قانونا لـ (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) على ان تعكس صلاحياته المسؤولية المشتركة لكل من الرئيس ومجلس الوزراء ومجلس النواب في مجال الامن الوطني والشؤون الخارجية.
سادسا؛ اقترحت الادارة الاميركية ان يراس الدكتور اياد علاوي الامانة العامة لـ (المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية) بينما تكون رئاسة الحكومة للسيد نوري المالكي ورئاسة الجمهورية للسيد جلال الطالباني وتكون رئاسة البرلمان للقائمة العراقية.
سابعا، واخيرا؛ اقترحت الوثيقة الاميركية ان تجري مفاوضات تشكيل الحكومة بين قائمتي العراقية ودولة القانون على ان تسند بعض الوزارات لقائمتي الكردستاني والوطني.
ومن الواضح جدا فان الادارة الاميركية تسعى من خلال هذه الوثيقة:
1- : تفتيت مؤسسات الدولة العراقية وافراغها من محتوياتها الدستورية، وكل ما يمنحها قوة تشريعية وتنفيذية، فاذا كان المجلس المقترح له كل هذه الصلاحيات (التشريعية) فما هو دور مجلس النواب اذن؟.
2- : اعادة النظر بما انجزته مؤسسات الدولة العراقية خلال الفترة الدستورية المنصرمة، ما يربك المنجز وقد يعيد البلاد الى المربع الاول.
3- : التدخل المباشر في تسمية المواقع، وكانها تريد ان يظل من سيتبوأ موقعه الجديد رهن اشارات الادارة الاميركية، والتي ستكون في هذه الحالة ولي نعمته شاء ام ابى.
4- : كما ان الوثيقة تتناقض بشكل سافر مع ما تعلنه الادارة الاميركية من كونها تقف على مسافة واحدة من كل الاطراف السياسية، كما انها تتناقض مع الرؤية التي تعلنها عادة في الاعلام الادارة الاميركية وكل القوى السياسية العراقية المشاركة اليوم في العملية السياسية، من انهم يتمسكون بمبدا تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، فمن الواضح فان بنود الوثيقة تفضي الى تهميش اكثر من كتلة نيابية.
5- : ان اية مراجعة لاية سياسات عامة هي من مهام مجلس النواب حصرا، فيما تذهب الوثيقة الى انتزاع هذا الحق الدستوري من المجلس لتسلمه الى مجلس جديد يتم تشكيله بقرار اميركي.
6- : ان الوثيقة بهذه الطريقة من التفكير تساهم في تكريس الحالة الهلامية لنتائج الانتخابات، فباية صفة دستورية تمنح الوثيقة السيد علاوي مثل هذا المنصب السيادي المهم؟ اذا كان الجواب بصفة كونه زعيم اكبر كتلة برلمانية، فلماذا لا تقترح الوثيقة تسميته رئيسا للوزراء؟.
7- : كما ان الوثيقة تكرس المحاصصة باسوأ حالاتها، بعد ان تشعب المؤسسات بشكل متداخل، فكيف يمكن ان يكون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اعضاء في مجلس يراسه شخص ثالث؟ هل يقبل الاميركيون بمثل هذه الطريقة من النظام السياسي لبلدهم ليقترحوها لغيرهم؟ وهل يمكن للسيد اوباما ان يعمل في البيت الابيض اذا كان عضوا في مجلس يراسه غيره من اعضاء احد مجلسي الكونغرس (النواب او الشيوخ)؟.
8- : تبني مبدا تقاسم السلطة، الامر الذي يضعف النظام السياسي برمته، وبالتالي يعرض التجربة الديمقراطية للخطر.
9- : تحصر الوثيقة المشكلة في توزيع المناصب، ولانها لم تجد العدد الكافي من المواقع السيادية لتوزيعها بالتساوي على الجميع، لذلك تقترح تاسيس منصب جديد بمقاسات خاصة يلبي طموح اجندات سياسية خاصة، فيما يعلم جميع العراقيين بان المشكلة ليست في المناصب وانما في مكان آخر، اساسه انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين، وعدم الالتزام بنتائج الانتخابات، ولذلك، فمهما اقترحت الادارة الاميركية من مناصب جديدة، فان ذلك لا يحل المشكلة ابدا، وانما قد يساهم في حل مشاكل بعض الكتل والقادة والزعماء والاجندات السياسية الخاصة.
10- : كما ان الوثيقة تؤسس وبطريقة غير دستورية، لتعديل دستوري، فقط من اجل اعطاء المنصب السيادي الجديد موقعه الشرعي بين مؤسسات الدولة، وهذا خطا كبير يؤسس لتغييرات دستورية مزاجية، سيلجا اليها السياسيون كلما ارادوا ان يستحدثوا موقعا جديدا لترضية هذا الطرف او ذاك؟.
مما تقدم يتضح مدى خطورة استمرار الركود السياسي مدة زمنية اضافية، والحل في الاتفاق فقط.
31 آب 2010
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نـــــــــــــزار حيدر لوكالة (اصوات العراق) المستقلة للانباء:
تحت هذا العنوان، نشرت يوم امس وكالة (اصوات العراق) المستقلة للانباء، نص التقريرالسياسي التالي، والذي اعدته المحررة في الوكالة، الزميلة كوثر الزبيدي.
بغداد/ أصوات العراق: قال المحلل السياسي مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن نــــــــزار حيدر، السبت، ان ضمان التجديد لولاية ثانية للمالكي مرهون ببقاء قائمته ضمن التحالف الوطني ليضمن القائمة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان، معربا عن قلقه من تصاعد العمليات “الارهابية” في العراق.
وقال حيدر لوكالة (أصوات العراق) من واشنطن، الجمعة (قانونيا ودستوريا، فان التحالف الوطني هو صاحب الحق في تسمية رئيس الوزراء الجديد، ما يعني ان القانون سيضمن التجديد للمالكي في حالة واحدة فقط، وهي عندما تكون دولة القانون ضمن التحالف الوطني ليضمن القائمة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان).
يذكر ان الحوارات شبه متوقفة بين قطبي التحالف الوطني الرئيسيين، دولة القانون والائتلاف الوطني، بعد ان اتجه كل منهما للعراقية من اجل عقد تحالف معها لتشكيل الحكومة التي تاخر تشكيلها اكثر من خمسة اشهر منذ اجراء الانتخابات في اذار/ مارس الماضي.
واضاف (اما اذا فكر دولة القانون بالتفريط في التحالف فسيفقده ذلك حقه في الحديث عن التجديد من الناحية الدستورية).
واعرب السيد حيدر عن اعتقاده بان (دولة القانون سيعود الى التحالف الوطني بحثا عن طريقة للتفاهم مع الائتلاف باي شكل من الاشكال، فهو الطريق الدستوري الوحيد امام دولة القانون، اذا ما اراد ان يحتفظ بحق تشكيل الحكومة، كما انه الطريق الاسلم لكل الكتل السياسية للخروج من هذه الازمة والا فانها ستطول الى ما لا يعلم مداها الا الله والراسخون في العلم.
وحول ايقاف الحوارات بين القانون والعراقية، علق حيدر قائلا (ان القانون والعراقية يرفضان الشرط الاميركي للتحالف وتشكيل الحكومة الجديدة، لانهما لا يريدان رئاسة وزراء بلا صلاحيات او رئيس وزراء ضعيف ولذلك فان اصل سر توافقهما المزعوم منتفي في هذه الحالة).
يذكر ان القائمة العراقية كانت اعلنت الاسبوع الماضي ايقاف مفاوضاتها مع قائمة دولة القانون على خلفية وصف رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في حوار له مع فضائية الحرة، بان القائمة العراقية تمثل المكون السني الذي يجب مشاركته في الحكومة.
وتابع حيدر (لقد قلت مرارا وتكرارا واكرر رأيي هنا بان الحوارات بين دولة القانون والعراقية ليست جدية، وانما هي لسببين هامشيين، الاول ترضية للاميركان الذين يصرون على ان تتشكل الحكومة الجديدة منهما تحديدا من دون ان يعني ذلك تهميش الاخرين) مستدركا (الا ان العمود الفقري للحكومة الجديدة يريدونه ان يتشكل من هاتين القائمتين، طبعا بعد الاخذ بالمشروع الاميركي القاضي بتقاسم السلطة بين هاتين القائمتين، فالامريكيون لا يريدون ان يعود رئيس الوزراء القادم بنفس الصلاحيات السابقة).
يذكر ان دولة القانون عادت وعرضت، بعد ايقاف الحوارات بينها وبين العراقية، عرضت على الاخيرة الاتفاق على حكومة شراكة وطنية قبل الخوض بمنصب رئيس الوزراء، لكن العراقية رهنت عودة المفاوضات بينهما بقبول القانون بشروط العراقية.
واضاف حيدر (اما السبب الثاني وراء حوار العراقية ودولة القانون الذي كان قائما منذ فترة وجيزة، فهو للضغط على بقية القوائم، فدولة القانون تبتز الائتلاف الوطني بحواراتها وما تسربه من معلومات بشانها،
وقال حيدر لوكالة (أصوات العراق) من واشنطن، الجمعة (قانونيا ودستوريا، فان التحالف الوطني هو صاحب الحق في تسمية رئيس الوزراء الجديد، ما يعني ان القانون سيضمن التجديد للمالكي في حالة واحدة فقط، وهي عندما تكون دولة القانون ضمن التحالف الوطني ليضمن القائمة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان).
يذكر ان الحوارات شبه متوقفة بين قطبي التحالف الوطني الرئيسيين، دولة القانون والائتلاف الوطني، بعد ان اتجه كل منهما للعراقية من اجل عقد تحالف معها لتشكيل الحكومة التي تاخر تشكيلها اكثر من خمسة اشهر منذ اجراء الانتخابات في اذار/ مارس الماضي.
واضاف (اما اذا فكر دولة القانون بالتفريط في التحالف فسيفقده ذلك حقه في الحديث عن التجديد من الناحية الدستورية).
واعرب السيد حيدر عن اعتقاده بان (دولة القانون سيعود الى التحالف الوطني بحثا عن طريقة للتفاهم مع الائتلاف باي شكل من الاشكال، فهو الطريق الدستوري الوحيد امام دولة القانون، اذا ما اراد ان يحتفظ بحق تشكيل الحكومة، كما انه الطريق الاسلم لكل الكتل السياسية للخروج من هذه الازمة والا فانها ستطول الى ما لا يعلم مداها الا الله والراسخون في العلم.
وحول ايقاف الحوارات بين القانون والعراقية، علق حيدر قائلا (ان القانون والعراقية يرفضان الشرط الاميركي للتحالف وتشكيل الحكومة الجديدة، لانهما لا يريدان رئاسة وزراء بلا صلاحيات او رئيس وزراء ضعيف ولذلك فان اصل سر توافقهما المزعوم منتفي في هذه الحالة).
يذكر ان القائمة العراقية كانت اعلنت الاسبوع الماضي ايقاف مفاوضاتها مع قائمة دولة القانون على خلفية وصف رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في حوار له مع فضائية الحرة، بان القائمة العراقية تمثل المكون السني الذي يجب مشاركته في الحكومة.
وتابع حيدر (لقد قلت مرارا وتكرارا واكرر رأيي هنا بان الحوارات بين دولة القانون والعراقية ليست جدية، وانما هي لسببين هامشيين، الاول ترضية للاميركان الذين يصرون على ان تتشكل الحكومة الجديدة منهما تحديدا من دون ان يعني ذلك تهميش الاخرين) مستدركا (الا ان العمود الفقري للحكومة الجديدة يريدونه ان يتشكل من هاتين القائمتين، طبعا بعد الاخذ بالمشروع الاميركي القاضي بتقاسم السلطة بين هاتين القائمتين، فالامريكيون لا يريدون ان يعود رئيس الوزراء القادم بنفس الصلاحيات السابقة).
يذكر ان دولة القانون عادت وعرضت، بعد ايقاف الحوارات بينها وبين العراقية، عرضت على الاخيرة الاتفاق على حكومة شراكة وطنية قبل الخوض بمنصب رئيس الوزراء، لكن العراقية رهنت عودة المفاوضات بينهما بقبول القانون بشروط العراقية.
واضاف حيدر (اما السبب الثاني وراء حوار العراقية ودولة القانون الذي كان قائما منذ فترة وجيزة، فهو للضغط على بقية القوائم، فدولة القانون تبتز الائتلاف الوطني بحواراتها وما تسربه من معلومات بشانها،
والعراقية كذلك تبتز الائتلاف بحواراتها مع القانون اذا ما فكر الائتلاف التحاور بشكل جدي مع العراقية)
ولفت الى ان (الحوارات بين القانون والعراقية ليس فيها اي شئ حقيقي بالمطلق فهما على طرفي نقيض لا يجمع) موضحا (اذا ما اراد القانون ان يأتلف مع العراقية لتشكيل الحكومة، فان حق تسمية رئيس الوزراء يعود الى العراقية في هذه الحالة وليس الى القانون، فالعراقية، في هذه الحالة، هي القائمة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان، وليست القانون) واضاف (لذا فالقانون يكون صاحب الحق في تسمية رئيس الوزراء في حالة بقائه في التحالف الوطني فقط، وهذا ما لا يمكن ان تتنازل عنه القانون التي تصر على حق التجديد للمالكي).
واعرب حيدر عن خشيته من (وقوف بعض القوى الداخلية والاقليمية والدولية وراء عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة بانتظار نهاية الشهر الحالي عندما يدخل قرار تحويل مهام القوات الاميركية من الحالة القتالية الى التدريب، بالاضافة الى سحب جل هذه القوات من العراق، ليتسنى لمثل هذه القوى ان تؤثر بشكل اكبر في مسار العملية السياسية).
يذكر ان مهمة القوات الامريكية الخمسون الف التي ستبقى في العراق بعد الانسحاب، سيتحول نهاية الشهر الجاري (اب/ اغسطس) من قتالي الى دعم وتدريب للقوات العراقية.
وقال حيدر (هذا هو الخطر الكبير المحدق بالعراق وشعبه وبالديمقراطية الوليدة، خاصة وان نذر الخطر باتت تحوم حول العراق، من خلال التصعيد الخطير في العمليات الارهابية).
وكانت الوكالة قد نشرت بتاريخ (7 حزيران) المنصرم نص التقرير التالي، بشان آفاق مستقبل تشكيل الحكومة الجديدة، والذي عده مراقبون بانه كان قراءة مستقبلية دقيقة للمشهد السياسي، اذ جاءت توقعاته صحيحة مئة في المئة.
ولفت الى ان (الحوارات بين القانون والعراقية ليس فيها اي شئ حقيقي بالمطلق فهما على طرفي نقيض لا يجمع) موضحا (اذا ما اراد القانون ان يأتلف مع العراقية لتشكيل الحكومة، فان حق تسمية رئيس الوزراء يعود الى العراقية في هذه الحالة وليس الى القانون، فالعراقية، في هذه الحالة، هي القائمة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان، وليست القانون) واضاف (لذا فالقانون يكون صاحب الحق في تسمية رئيس الوزراء في حالة بقائه في التحالف الوطني فقط، وهذا ما لا يمكن ان تتنازل عنه القانون التي تصر على حق التجديد للمالكي).
واعرب حيدر عن خشيته من (وقوف بعض القوى الداخلية والاقليمية والدولية وراء عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة بانتظار نهاية الشهر الحالي عندما يدخل قرار تحويل مهام القوات الاميركية من الحالة القتالية الى التدريب، بالاضافة الى سحب جل هذه القوات من العراق، ليتسنى لمثل هذه القوى ان تؤثر بشكل اكبر في مسار العملية السياسية).
يذكر ان مهمة القوات الامريكية الخمسون الف التي ستبقى في العراق بعد الانسحاب، سيتحول نهاية الشهر الجاري (اب/ اغسطس) من قتالي الى دعم وتدريب للقوات العراقية.
وقال حيدر (هذا هو الخطر الكبير المحدق بالعراق وشعبه وبالديمقراطية الوليدة، خاصة وان نذر الخطر باتت تحوم حول العراق، من خلال التصعيد الخطير في العمليات الارهابية).
وكانت الوكالة قد نشرت بتاريخ (7 حزيران) المنصرم نص التقرير التالي، بشان آفاق مستقبل تشكيل الحكومة الجديدة، والذي عده مراقبون بانه كان قراءة مستقبلية دقيقة للمشهد السياسي، اذ جاءت توقعاته صحيحة مئة في المئة.
بغداد/ أصوات العراق: رأى محللون سياسيون أن ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي لن يتمكنا من حسم موضوع تسمية مرشحهما لرئاسة الوزراء قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية الاولى لمجلس النواب الجديد.
وقال المحلل السياسي مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن نــــزار حيدر لوكالة (أصوات العراق) إن (الائتلافين، حسب معلوماتي الخاصة، لم يتفقا إلى الآن على تسمية رئيس للوزراء، وهناك مشاكل عويصة وحقيقية بينهما وليس كما يصرح اعضاؤهما من الذين يحاولون تهوين الامور والتقليل من شأن المشاكل الداخلية).
يذكر أن الحوارات والاتصالات جارية بين الكتل النيابية الفائزة في انتخابات السابع من أذار مارس الماضي من اجل تشكيل الحكومة المقبلة، والتي حصلت فيها القائمة العراقية على 91 صوتا تلتها قائمة دولة القانون بحصولها على 89 صوتا.
وأضاف أنه (لو تم قريبا عقد الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد، فإن الكتل لن تتفق على شئ باستثناء الاتفاق على جعل الجلسة الاولى مفتوحة إلى اشعار آخر، لحين الاتفاق على تسمية الرئاسات الثلاث بحزمة سياسية واحدة، على الرغم من أن ذلك، الاتفاق على جعل الجلسة مفتوحة، يضر بالعملية السياسية وربما سيشكل خطرا عليها).
وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني وجه رسالة إلى قادة الكتل السياسية الفائزة يطلب منهم تقديم مقترحات له حول تحديد موعد الجلسة الاولى للبرلمان والتي، وفقا للدستور، يجب أن يدعو لها رئيس الجمهورية بعد اسبوعين من تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وتاتي دعوة الطالباني بعد مرور ستة ايام على مصادقة المحكمة الاتحادية على كامل نتائج الانتخابات.
واعرب المحلل حيدر عن اعتقاده أن (الائتلافين ليس امامهما إلا الاتفاق فيما بينهما، وأن تشكيل التحالف المطلوب بينهما زائد التحالف الكردستاني هو السيناريو الاقرب إلى التصور والواقع، ليس من باب غلق الطرق امام العراقية، وإنما لأسباب تاريخية تعود بالثلاثي إلى تحالفات سياسية قديمة لا يمكن لأحد التغاضي عنها او تجاوزها لأسباب غير منطقية وغير معقولة).
22 آب 2010
وقال المحلل السياسي مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن نــــزار حيدر لوكالة (أصوات العراق) إن (الائتلافين، حسب معلوماتي الخاصة، لم يتفقا إلى الآن على تسمية رئيس للوزراء، وهناك مشاكل عويصة وحقيقية بينهما وليس كما يصرح اعضاؤهما من الذين يحاولون تهوين الامور والتقليل من شأن المشاكل الداخلية).
يذكر أن الحوارات والاتصالات جارية بين الكتل النيابية الفائزة في انتخابات السابع من أذار مارس الماضي من اجل تشكيل الحكومة المقبلة، والتي حصلت فيها القائمة العراقية على 91 صوتا تلتها قائمة دولة القانون بحصولها على 89 صوتا.
وأضاف أنه (لو تم قريبا عقد الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد، فإن الكتل لن تتفق على شئ باستثناء الاتفاق على جعل الجلسة الاولى مفتوحة إلى اشعار آخر، لحين الاتفاق على تسمية الرئاسات الثلاث بحزمة سياسية واحدة، على الرغم من أن ذلك، الاتفاق على جعل الجلسة مفتوحة، يضر بالعملية السياسية وربما سيشكل خطرا عليها).
وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني وجه رسالة إلى قادة الكتل السياسية الفائزة يطلب منهم تقديم مقترحات له حول تحديد موعد الجلسة الاولى للبرلمان والتي، وفقا للدستور، يجب أن يدعو لها رئيس الجمهورية بعد اسبوعين من تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وتاتي دعوة الطالباني بعد مرور ستة ايام على مصادقة المحكمة الاتحادية على كامل نتائج الانتخابات.
واعرب المحلل حيدر عن اعتقاده أن (الائتلافين ليس امامهما إلا الاتفاق فيما بينهما، وأن تشكيل التحالف المطلوب بينهما زائد التحالف الكردستاني هو السيناريو الاقرب إلى التصور والواقع، ليس من باب غلق الطرق امام العراقية، وإنما لأسباب تاريخية تعود بالثلاثي إلى تحالفات سياسية قديمة لا يمكن لأحد التغاضي عنها او تجاوزها لأسباب غير منطقية وغير معقولة).
22 آب 2010
. . . . . . . . . . .
نــــــــزار حيدر معلقا على تصريحات أحد ابرز وكلائها:
المرجعية الدينية..لموقف اكثر حزما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفجيرات الزيارة الاخيرة عمقت التلاحم المذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 تموز 2010
وصف نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، المرجعية الدينية بالحصن الحصين الذي يلوذ به العراقيون ويلجأون اليه كلما مر مشروعهم السياسي، تحديدا، بمنعطف خطير، كما هو عليه الحال اليوم.
واضاف نــــزار حيدر الذي كان يعلق في حديث صحفي ادلى به للاعلامي الزميل احمد علي، على التصريحات التي ادلى بها وكيل المرجعية العليا في مدينة كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، والذي ابدى فيها قلق المرجعية من تاخر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مبديا استعدادها لتقديم النصح والمشورة للاسراع في انجاز هذه المهمة، قائلا:
ان هذه التصريحات تدلل على عدة حقائق مهمة يجب ان لا نغفل عنها، لتتضح لنا معالم الطريق الوعر الذي بدات تسلكه العملية السياسية بسبب فشل زعماء الكتل البرلمانية في التوصل الى حلول مرضية للشعب العراقي.
فاولى هذه الحقائق هي ان صبر المرجعية بدا ينفد، وهي بذلك تعبر عن ضمير وموقف كل العراقيين الذين بداوا يخافون على مستقبل العملية السياسية، فالى متى يستمر الساسة بالضحك على ذقونهم من خلال التلاعب بالالفاض، وتكرار الوعود الكاذبة للشارع العراقي الذي يراقب عن كثب وينتظر بفارغ الصبر؟.
وثاني هذه الحقائق هي ان المرجعية بدات تنظر الى السياسيين وكانهم فشلوا في المهمة التي حملها اياهم الشعب العراقي عندما منحهم ثقته في الانتخابات النيابية الاخيرة، فبعد مرور اكثر من اربعة اشهر على اجراء تلك الانتخابات لايزال الساسة بعيدون كل البعد عن اي اتفاق يمكن ان نراه في نهاية النفق.
اما ثالث هذه الحقائق فهي ان المرجعية بدات تتلمس المخاطر الجدية المحدقة بالعملية السياسية وبمستقبل العراق، ولذلك فهي غير مستعدة لمنح السياسيين مدة زمنية اطول مما استغرقته مفاوضاتهم التي تبين اليوم انها كانت عقيمة وانها تشبه الى حد بعيد حوار الطرشان، والتي تدلل على ذلك التصريحات المتناقضة والمتضاربة بين الكتل النيابية وزعماءها والمتحدثين والناطقين باسمها، والتي تعيدنا بين الفينة والاخرى الى المربع الاول من حديث الحوارات وكان اجتماعاتهم التي استغرقت لحد الان اكثر من (4) اشهر كانت لغرض شرب الشاي والاسئناس وتبادل وجهات النظر، فمتى يا ترى سيدخلون في صلب الموضوع؟.
لقد ظلت المرجعية الدينية تنأى بنفسها عن التدخل المباشر في العملية السياسية، وهذه هي المرة الاولى التي تتحدث فيها بهذه الطريقة، ما يعني ان السيل قد بلغ الزبى، وان الخطر بات محدقا بصورة مباشرة بالعملية السياسية وبمستقبل العراق، ولذلك فانا ادعو المرجعية الدينية هذه المرة الى ان تكون اشد حزما في حديثها مع السياسيين، وارى انها لو تنتقل من حديث اسلوب النصح والمشورة مع من يزورها من زعماء الكتل النيابية والاحزاب السياسية، الى حديث التقريع والتوبيخ، اذ يبدو للمتابع بان مثل هؤلاء (الزائرين) لا يفهمون لغة الاشارة او اسلوب النصح والمشورة الذي ظلت تتبعه المرجعية الدينية بصفتها الاب الراعي للعملية السياسية برمتها، والتي اثبتت بمواقفها الوطنية انها فوق السياسة على حد تعبير الرسالة التي بعثها مؤخرا عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي الى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته الدستورية.
ان انظار العراقيين ترنو اليوم صوب النجف الاشرف بانتظار ما ستفعله وتقوله المرجعية الدينية، بعد ان كاد الياس يدب في نفوسهم من اقوال وافعال السياسيين الذين فشلوا فشلا ذريعا في توجيه خلافاتهم لخدمة اهداف الشعب العراقي النبيل، فالمرجعية الدينية، بكل تاكيد، غير مستعدة للمجازفة بسمعتها او المخاطرة بمصداقيتها التي حثت بها العراقيين للمشاركة في كل عملية انتخابية شهدها العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، بالرغم من تردد الكثيرين في المشاركة، وان السكوت عما يجري اليوم او عدم الاهتمام بالتطورات التي باتت تشكل خطرا على البلاد والعباد، يعد مجازفة ومخاطرة بالسمعة والمصداقية والثقة.
لقد منحت المرجعية الدينية هؤلاء السياسيين الفرصة الكافية لحل مشاكلهم فيما بينهم من دون تدخلها المباشر، ولكن يبدو انهم فشلوا في استثمار الفرصة والوقت لتنحية مشاكلهم جانبا وتحقيق الاتفاق المرجو للاسراع في تشكيل الحكومة المرتقبة، والتي تتوقف عليها الحلول المرجوة للكثير من المشاكل والازمات العويصة التي يعيشها العراقيون.
انني على ثقة تامة من ان المرجعية الدينية ستغير من طريقة تعاطيها مع السياسيين بعد ان تاكدت من فشلهم الذريع في القدرة على التعايش بالطريقة التي تصب في المحصلة لصالح الشعب العراقي، كما انني على ثقة من ان المرجعية الدينية ستتخذ الموقف التاريخي المناسب الذي يمليه عليها الظرف العصيب الذي يمر به العراق، خاصة وانه اليوم يقف على اعتاب استحقاقات دستورية ودولية مهمة للغاية، فلقد عودتنا المرجعية على دقة المواعيد وحكمة التصرف سواء عند الاقدام او عند الاحجام، لا فرق، وهي سوف لن تفرط لا بسمعتها ولا بمصداقيتها ولا....بدينها، لصالح حفنة من السياسيين الذين يعتبرهم الكثير من العراقيين بانهم فاشلون.
وكان نزار حيدر قد اعتبر العمليات الارهابية الاخيرة التي طالت زوار مرقد الامام الكاظم عليه السلام في مدينة الكاظمية المقدسة في العاصمة العراقية بغداد، دليل على افلاس الارهابيين وفشلهم في تحقيق اهدافهم الدنيئة، واضاف:
لقد انقلب سحر هذه العمليات الارهابية على الساحر، فبدلا من ان تفجر اعمالهم الارهابية الجبانة حربا طائفية بين السنة والشيعة، كما خطط لها الارهابيون، عندما نفذوا جرائمهم بالقرب من منطقة الاعظمية لاثارة النعرات الطائفية، كما هو الحال بالنسبة الى التفجير الذي وقع قرب جسر الائمة من جهة الاعظمية، اذا بنا نرى كيف ان اهالي الاعظمية النجباء سارعوا قبل غيرهم الى نقل جثامين الشهداء والجرحى المصابين الى مستشفى النعمان بسياراتهم الخاصة، حتى قبل العناصر الحكومية، التي قامت هي الاخرى بدورها مشكورة على احسن وجه، كما انهم فتحوا ابواب بيوتهم ومنازلهم لاستراحة الزائرين واستقبالهم والترحيب بهم والتقليل من عناء المشي على الاقدام، الى جانب مبادرة الكثير منهم بنقل الزائرين بسياراتهم الخاصة من مدينة الصدر الى اقرب منطقة يسمح لهم بقيادة السيارات عن مدينة الكاظمية، في طريق الممر الذي يربط بين مدينة الصدر والاعظمية.
لقد تجنبت كاميرات الاعلام العربي الطائفي والعنصري، وتحديدا فضائياته المسمومة والحاقدة والمحرضة على العنف والارهاب، اظهار هذه الصور الوطنية الرائعة التي تحكي عمق التلاحم الوطني بين العراقيين، وتسليط الضوء عليها، لان مثل هذه الصور لوحدها تكفي للحديث عن الحقيقة، وهي ان تدل على شئ فانما تدل بما لا يدع مجالا للشك على ان الارهابيين لا مكان لهم بين العراقيين الذين قرروا العودة الى سابق عهدهم يتعايشون على الحلوة والمرة، كما يقول المثل العراقي، بعد ان تيقنوا جميعا بانه لا مستقبل لكل العراقيين الا بالتعايش، وانه لا مفر من التلاحم بوجه التحديات الارهابية التي ان خدعت بعض العراقيين لبعض الوقت، الا انها من المستحيل ان تستمر في خداع المغفلين كل الوقت.
ان تفجيرات الزيارة عمقت التلاحم المذهبي بين العراقيين، وبذلك اسقطعت مرة اخرى مشروع الارهابيين الذي يتستر خلف الدين والمذهب لتدمير العملية السياسية وتمزيق صفوف الشعب العراقي الابي.
9 تموز 2010
. . . . . . . . . . . . . .
نـــــــــــزار حيدر
محذرا من مغبة القبول بفكرة تقاسم السلطة:
حذر نـــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، قادة الكتل السياسية من مغبة القبول بفكرة تقاسم السلطة بين كتلتين نيابيتين بواقع سنتان لكل واحدة منهما، معتبرا ان الفكرة تؤسس لاسوء محاصصة على الاطلاق.
واضاف نــــزار حيدر، الذي كان يتحدث الليلة على الهواء مباشرة لقناة (الفيحاء) الفضائية في نشرتها الاخبارية الرئيسية:
ان فكرة تقاسم السلطة بهذه الطريقة، والتي تضغط ادارة الرئيس اوباما على زعماء الكتل السياسية في بغداد لتنفيذها بسبب تعثر جهودهم الرامية الى الاسراع في الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة القادمة، هي خطوة غير دستورية بالمطلق، ولذلك فان القبول بها سيطعن العملية السياسية القائمة على اساس احترام الدستور، بالصميم، فضلا عن ان القبول بها سيدخل البلاد في ازمة تشكيل الحكومة كل سنتين بدلا عن الاربع سنوات، ولذلك فان على زعماء الكتل ان يرفضوا المقترح الذي جاءهم به نائب الرئيس الاميركي بايدن، وبشكل واضح وبلا مجاملات سياسية.
ولو فرضنا ان احد الاثنين اللذين سيتقاسمان السلطة، غاب عن الساحة خلال السنتين الاولى، فمن الذي سيخلفه في الاتفاق؟ اليس معنى ذلك اننا سننقل الازمة من اربع سنوات الى سنتين؟ ما يضر جدا بالبلاد والعباد.
ان اربع سنوات دستورية غير كافية لمنح الحكومة فرصة الانجاز المطلوب على اي صعيد، في ظل الظروف القاسية التي يمر بها العراق، فما بالك اذا قلصنا المدة الى سنتين؟ فماذا يمكن لمثل هذه الحكومة ان تنجز؟ الا ان يكون الهدف من السلطة هو لتقاسم الغنيمة بين الفرقاء وليس لانجاز اهداف الشعب العراقي التي ضحى من اجلها بالغالي والنفيس؟.
لقد احتج السيد رئيس الوزراء الحالي المنتهية ولايته الدستورية، اكثر من مرة في معرض دفاعه عن تمسكه في الترشح لولاية دستورية ثانية، بانه يريد ان يحافظ على المنجزات الامنية تحديدا الى جانب منجزات المصالحة الوطنية، لانه اذا جاء غيره الى السلطة في هذا الظرف الحساس فقد يعني ذلك التفريط بالمنجزات، على حد قوله، فكيف يمكن ان يقبل بفكرة تقاسم السلطة مع غيره ولمدة سنتين فقط؟.
ان الدستور العراقي يتحدث عن حق الكتلة النيابية الاكثر عددا في تشكيل الحكومة، ولم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد الى فكرة تقاسم السلطة التي ابتدعها الاميركيون تخلصا من المازق الذي اوقعهم فيه زعماء الكتل السياسية، فاذا كان السيد المالكي يعتبر ان كتلة (التحالف الوطني) البرلمانية التي تشكلت من اندماج (الوطني ودولة القانون) هي الكتلة النيابية الاكثر عددا الذي يعطيها الدستور الحق في تشكيل الحكومة القادمة، فلماذا يتنازل عن هذا الحق الدستوري للكتلة الكبيرة التي هو جزء منها، بغض النظر عمن سيكون مرشحها لرئاسة الوزراء؟ اما اذا لم يكن يعتبر الامر كذلك، فلماذا لا يعلن عن ذلك للراي العام العراقي، ويتنازل عن السلطة لصالح مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا، والتي هي (العراقية) في هذه الحالة؟.
انني ارى ان كل قادة الكتل النيابية يتخبطون في مواقفهم ولا يعرفون كيف يخرجون من ورطتهم التي اوقعوا بها انفسهم.
ان اخشى ما اخشاه هو ان تصدق نبوءتي التي تحدثت عنها قبل عدة اشهر عندما قلت بان هناك اطراف داخلية واقليمية ودولية تدفع باتجاه افشال كل الجهود الرامية الى الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، لايقاع البلاد في ازمة دستورية وفراغ دستوري ليس لها مخرج الا ما يسميه البعض بالحكومة الانتقالية او ما اشبه، وان تخندق الجميع في مواقعهم ورفضهم التنازل عن تطلعاتهم الشخصية والحزبية لصالح المصلحة العليا للبلاد، يساعد في تنفيذ مثل هذه الاجندات الخطيرة، ولذلك فان على كل الفرقاء، خاصة (التحالف الوطني) ان ينتبه جيدا الى هذه المخاطر فلا يظل يلعب بالنار، لان الوقت ليس لصالحه ابدا، وهو بذلك سيضيع الفرصة ليس على نفسه، فحسب، وانما على العراقيين كذلك، الذين يتطلعون الى التاسيس بشكل سليم لنظام ديمقراطي تقوم ركائزه على احترام الدستور.
3 تموز 2010
. . . . . . . . . . . .
نـــــــــــــزار حيدر
لـ (شبكة الوليد للاعلام) الاليكترونية:
بالتغيير الثقافي، يمكن اعادة بناء العراق اعتبر نــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان التغيير الحقيقي المرجو للعراق، لا يمكن ان نتصوره الا بالتغيير الثقافي اولا، والذي يجب ان يمس طريقة التفكير وادوات الحوار والاهداف الغائية للعملية الديمقراطية.
واضاف نــــــــــــــــــــــزار حيدر، الذي كان يجيب على اسئلة هيئة تحرير (شبكة الوليد للاعلام) الالكترونية:
بعد ان ابتلي العراقيون، ولفترة زمنية طويلة، بما اسماهم المفكر العراقي الراحل عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي، وعاظ السلاطين، باتوا اليوم يعانون من مثقفي السلاطين، الذين ينظرون للديكتاتوريات على حساب النظام الديمقراطي الجديد الذي يبنيه العراقيون اليوم باغلى الاثمان.
ادناه نص الحوار:
السؤال الاول:
كيف تنظرون الى دور النخبة في بناء العراق؟.
الجواب:
لعلي اختلف مع السؤال بعض الشئ، فانا لا اعتقد بان التغيير يبدا من النخب، خاصة في بلداننا العربية، التي تحولت فيها النخب الى كومبارس يسير في ركب الانظمة الشمولية الاستبدادية، منظرة ومعللة ومبررة لها استبدادها وسلطتها البوليسية القمعية.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان البناء عملية شاملة يفترض انها تمس كل جوانب الحياة، والتي على راسها النظام السياسي، فاذا صلح هذا النظام صلحت الكثير من الامور تبعا له، والعكس هو الصحيح، فاذا فسد النظام السياسي فسد كل شئ، ونحن في العراق نختزن الكثير من التجربة بهذا الخصوص في ذاكرتنا الجمعية، سواء البعيدة منها او المنظورة، فعندما رفع النظام الشمولي البائد شعار التنمية في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، ونجح على الصعيد المادي، ان من خلال التكنلوجيا والبناء والتنمية الاقتصادية وغيرها، الا ان كل ذلك لم يصمد امام فساد النظام السياسي الذي تحول الى سلطة الفرد الاوحد، فانهار كل ما بناه النظام بسبب حروبه العبثية التي راح يشنها ضد شعبنا الكردي في شمال العراق تارة وضد الجارة ايران تارة اخرى، وضد الجارة الكويت ومن ثم المجتمع الدولي تارة ثالثة ورابعة، وهكذا.
وكدليل على صحة ما اذهب اليه هنا، فان الدينار العراقي كان وقتها يعادل (3.7) دولار اميركي، ولكنه انهار فيما بعد لتصل قيمته يوم سقوط الصنم الى ان يعادل السنت الاميركي الواحد (40) دينارا عراقيا.
تاسيسا على ذلك، فانا لا اتفاءل كثيرا عندما ارى نظاما سياسيا ما ينجح في التنمية على اي صعيد كان اذا لم يقرر اصلاح نفسه، لان مثل هذه النجاحات ستنهار ان عاجلا ام آجلا، وما تجربة النظام السياسي في ايران ابان حكم العائلة البهلوية التي قادت ما اسمته بالثورة البيضاء، الا واحدة من الادلة على هذه الحقيقة.
اننا، في العراق، كما في عالمنا العربي، بحاجة الى التاسيس لدول وليس لانظمة، وللاسف الشديد فان جل شعوبنا تعيش في ظل انظمة تصدر تشريعاتها على هيئة قرارات او مرسومات ملكية او جمهورية وكانها هبة او منحة او تفضلا من الحاكم لرعيته او عليها.
بناء على هذا الفهم، فانا اعتقد بان عملية البناء التي يجب ان تكون شاملة تبدا من التغيير الثقافي اولا، فمشكلتنا اننا لازلنا لم نتعلم كيف نعيش في هذه الحياة التي خلقنا الله تعالى فيها وسخر لنا كل شئ خلقه، فلازلنا نتفنن في الموت والقتل والتدمير والخلافات والمشاحنات والنفاق والتناقضات، اما فن الحياة والسعادة والتعايش والتعاون والحوار والتفاهم وتنظيم الخلاف فلازلنا بعيدين عنها كل البعد.
ومن اجل ان نحقق مثل هذه الثقافة، فاننا بحاجة الى ان تشترك كل شرائح المجتمع العراقي في عملية بناء العراق، والذي كما قلت، تبدا من التغيير الثقافي اولا.
ان المقصود بالتغيير الثقافي، هنا، هو ذاك التغيير الذي يجب ان يمس طريقة التفكير وادوات الحوار والاهداف الغائية للعملية الديمقراطية، فالكثير منا، مثلا، يتصور بان الديمقراطية تعني صندوق الاقتراع فحسب، او ان الدولة تعني الحكومة فقط، وهذا خطا يجب ان يتغير، فاذا كان صندوق الاقتراع هو اداة الفرقاء للوصول الى السلطة، اي انه يشرعن الوصول الى السلطة، فان الانجازات والنجاحات هي التي تمنح هذه السلطة الشرعية المطلوبة للاستمرار في الحكم، فحكومة وصلت الى السلطة عن طريق صندوق الاقتراع تفشل في تحقيق اهداف الناخب، لهي حكومة بلا شرعية للاستمرار في سدة الحكم، وهذا ما يجب ان يفهمه العراقيون من اجل تغيير طريقة التعامل مع الحكومة، اية حكومة تصل الى السلطة عن طريق صندوق الاقتراع، حتى لا يكتفي الشعب بايصال ممثليه الى السلطة بالانتخابات، ثم يرقد في سبات عميق لا يعرف ماذا تفعل الحكومة وما الذي انجزته وما هي نجاحاتها، وفي اي برنامج فشلت ولماذا وكيف؟.
كذلك، فان اعتماد فهم ان الدولة تعني الحكومة تحديدا، خطا آخر لا يساهم في بناء مفهوم الدولة، وهو الفهم الذي يدفع اليوم كل الفرقاء السياسيين والكتل البرلمانية بالتشبث بتسمية رئيس الوزراء القادم منها لتضمن وصولها الى الحكومة ــ الدولة، انما ينبغي تغيير هذا الفهم بمفاهيم اخرى تعتمد اركان الدولة بالكامل، فالبرلمان جزء من الدولة والسلطة القضائية جزء من الدولة والمعارضة تحت قبة البرلمان جزء من الدولة، ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والاعلام ومراكز الابحاث ومجموعات التفكير والتنظير، ان كل ذلك اجزاء من الدولة لا يمكن الفصل بينها ابدا.
اما على صعيد النخبة، فلقد حاولت ان تساهم في عملية البناء، كل حسب اختصاصها، الا انها، وللاسف، تعرضت لعمليات تصفية جسدية وملاحقات امنية خسر العراق الجديد بسببها الكثير من الطاقات والكفاءات والخبرات التي حاولت ان تعود الى بلدها للمساهمة في عملية البناء، اذ كما نعرف فان النظام الشمولي البائد كان قد صفى النخب العراقية وعلى مختلف الاصعدة، فلقد عمد النظام البائد الى تبني سياسة الولاء للسلطة اولا، في التعامل مع النخب العراقية، ومن كان يشك في ولائه كان يعمد الى تصفيته وان كان رفيقا في الحزب الحاكم، او عبقريا او مثقفا ومفكرا او عالما ومتخصصا في اي مجال من مجالات العلم والمعرفة.
كما ان سياسات الحزبية الضيقة والمحاصصة التي اعتمدتها الاحزاب والكتل التي حكمت في بغداد بعد سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003، غلقت الابواب امام النخب العراقية التي لا تنتمي جلها الى الاحزاب الحاكمة اليوم، ما اضاع فرصة ذهبية كبيرة امام العراقيين للاستفادة من النخب العلمية التي تعلمت كثيرا وابدعت اكثر في بلدان المهجر طوال مدة اقامتها فيها.
كما ان للفساد الاداري والروتين وضياع القرار في دهاليز مؤسسات الدولة، اضاع الكثير من الفرص امام النخب العلمية والمثقفة التي حاولت الرجوع الى بلدها لتصب فيه خبرتها الطويلة.
لقد استبشرت هذه النخب خيرا بمؤتمر الكفاءات الذي رعاه مجلس النواب قبل حوالي عامين في العاصمة بغداد، الا انها اصيبت بخيبة امل كبيرة عندما علمت بانه كان مؤتمرا استعراضيا اريد منه خدمة اغراض دعائية انتخابية لقائمة على حساب القوائم الاخرى.
وما بقي من جهود تبذلها بعض النخب هنا وهناك في بلاد المهجر، لتنظيم التواصل الدائم مع الداخل، لخدمة عملية التنمية والبناء، لم تعد كونها جهودا محدودة لا ترقى الى مستوى الطموح وفعل الدولة.
السؤال الثاني:
هل وقف المثقفون ووجهاء المجتمع، الموقف المطلوب خلال محنة العراق وسنواته السبع العجاف؟.
الجواب:
لا شك في ذلك، فلقد سعت مفاتيح المجتمع العراقي، خاصة شريحة المثقفين والوجهاء، الى ضبط ايقاعات الشارع للحيلولة دون انفلاته، فكلنا نعرف، مدى خطورة الظرف القاسي الذي مر به العراق منذ سقوط الصنم، خاصة في فترة الاثارات الطائفية التي توجت بالعملية الارهابية التي نفذتها جماعات العنف والارهاب التكفيرية في مدينة سامراء المقدسة، بتفجيرها لمرقد الامامين الهمامين العسكريين، والتي اريد منها تفجير الحرب الاهلية والطائفية بين ابناء العراق الواحد، الا ان الموقف المتزن والحكيم الذي ابدته مفاتيح المجتمع العراقي، وعلى راسها المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف، وشريحة المثقفين والوجهاء، الذين دعوا جميعهم الى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء المخطط الذي رسمته الجماعات الارهابية للعراق الجديد، هو الذي حال دون انزلاق العراق في اتون الحرب الاهلية والحمد لله.
ولكن ما يؤسف له حقا، هو ان بعض (الوجهاء) ومن ينعتون انفسهم بالمثقفين انجروا الى مخطط الارهابيين عندما حولوا مناطقهم الى حواظن دافئة لجماعات العنف والارهاب، والى ملاذات آمنة للارهابيين، ما ساعدهم على مواصلة مخططاتهم الدنيئة مدة زمنية اطول، ما كان يمكنهم ان يستمروا كل هذه المدة الزمنية الطويلة ينفذون فيها خططهم التخريبية، لو لم يجدوا في داخل العراق من يساعدهم على تحقيق اهدافهم، فكلنا نعرف فان الارهابيين في العراق جلهم من القتلة الذين تسللوا اليه من خارج الحدود مستفيدين من الانفلات الامني الذي صاحب عملية سقوط الصنم، ومدعومين بالمال الحرام الذي اغدقته عليهم انظمة واسر حاكمة في المنطقة، الى جانب الدعم اللوجستي الذي يحصلون عليه من اجهزة مخابرات اقليمية ودولية عديدة، الهدف من وراء كل ذلك هو تدمير العملية السياسية الجديدة التي يشهدها العراق، وتحديدا محاولات العراقيين في بناء تجربتهم الفتية المتمثلة في النظام الديمقراطي الجديد.
السؤال الثالث:
هل هناك انتقادات ترغبون بتوجيهها للمثقفين ووجهاء المجتمع العراقي؟.
الجواب:
ان كان لي ان انتقد احدا، فانني انتقد اربع شرائح في المجتمع العراقي الجديد:
الشريحة الاولى: هم السياسيون الذين عادوا الى العراق بعد سقوط الصنم ليمسكوا بالسلطة.
كنت اتمنى عليهم ان ينقلوا للعراق الجديد، وللشعب العراقي، افضل ما تعلموه في بلاد المهجر، خاصة وان جلهم عاش في بلاد الغرب التي تحكمها الانظمة الديمقراطية، ويحكمها القانون والنظام والتنظيم في كل مناحي الحياة.
كنت اتمنى عليهم ان يعودوا الى العراق بافضل ما تعلموه، اذا بهم ينقلوا للعراق اسوأ ما تعلموه، او قل ما لم ينسوه من تربيتهم (العراقية) وثقافتهم (العالم ثالثية) وللاسف الشديد.
ثانيا: الشريحة الثانية، هم السياسيون الذي يريدون ان يرموا بكرة الديمقراطية العراقية في ملعب الانظمة الاستبدادية الشمولية البوليسية.
انهم يرومون الى رمي الديمقراطية العراقية في حضن الديكتاتوريات العربية، وهذا، لعمري امر خطير ينبغي ان لا يتورط فيه هؤلاء، فاذا كان الناخب العراقي قد منحهم ثقته لتسنم موقع ما في السلطة الجديدة، فهذا لا يعني انه وقع لهم على صك ابيض، مفتوح، يمنحهم الحق في التصرف بثقة الناخب كيف ومتى وانى يشاء، ابدا، فالعراقيون سيحاسبون هؤلاء اشد الحساب واعسره، اذا ما لمسوا منهم تواطؤا في التفريط بالديمقراطية الفتية التي يبنيها الشعب العراقي بدماء النحور ودموع الارامل والايتام.
ان النظام السياسي العربي الفاسد يحاول اليوم هضم التجربة الديمقراطية في العراق الجديد بعد ان يئس من امكانية تدميرها، ولذلك فانا، هنا، احذر هذا النوع من السياسيين من مغبة ان يكونوا هم العامل المساعد لمثل هذا الجهد العربي الرسمي.
ان عليهم ان لا يكونوا اعداء انفسهم، واعداء شعبهم وبلدهم.
ثالثا: الشريحة الثالثة، هي شريحة المثقفين اليساريين، من مخلفات العهود البائدة، من الذين ينتقدون ديمقراطية بلادهم لحساب الديكتاتوريات التي يكتبون في وسائل اعلامها.
تصور، ان احدهم ينتقد في مقال له استمرار (حزب الدعوة) بالسلطة في بغداد مدة (6) اعوام، يعتبرها كافية من اجل ان لا نؤسس لسلطة الحزب الواحد، وقد نشر مقالته النقدية التنظيرية هذه في صحيفة رسمية لنظام سياسي لا زالت عائلة واحدة تحكم البلاد لاكثر من (200) عام، انظروا الى التناقض في الموقف والرؤى.
للاسف الشديد، فان امثال هؤلاء الذين كانوا في يوم من الايام يملأون الدنيا صراخا وعويلا بشعارات طبقة البروليتاريا وامثالها من هذه المصطلحات التي لم تشبع جائعا او تكسو عريانا، اذا بهم اليوم في خدمة السلطان، واي سلطان؟ انه سلطان الانظمة الوراثية الشمولية المتخلفة.
اتمنى عليهم ان يعيدوا النظر في طريقة نقدهم، ووسائلهم في هذا النقد، فبدلا من ان يوجهوا سهامهم الى ديمقراطية العراق الفتية من اسوار ديكتاتوريات الانظمة الشمولية ومنجنيقاتها الحارقة، عليهم ان يدخلوا الى المدينة فينتقدوا من الداخل ما امكنهم الى ذلك سبيلا، ليساهموا في الاصلاح والتصحيح والبناء بدلا من التهريج الذي لا ينفع شيئا.
انهم يطعنون بالديمقراطية العراقية في صحف النظم الشمولية، مقابل دراهم معدودة، وهم بذلك يخذلون الديمقراطية ولكنهم بالتاكيد لم ينصروا الديكتاتورية والنظام السياسي الشمولي، فكيف، يا ترى، تحول منظروا طبقة الكادحين وطبقة البروليتاريا الى منظرين لمصاصي دماء الكادحين، على حد وصفهم للنظم البورجوازية ايام زمان؟.
فبعد ان ابتلي العراقيون، ولفترة زمنية طويلة، بما اسماهم المفكر العراقي الراحل عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي، وعاظ السلاطين، باتوا اليوم يعانون من مثقفي السلاطين، الذين ينظرون للديكتاتوريات على حساب النظام الديمقراطي الجديد الذي يبنيه العراقيون اليوم باغلى الاثمان.
الشريحة الرابعة، هي شريحة (المثقفين) العرب، واخص منهم بالذكر الاتحادات العربية المعنية بالفكر والثقافة والكتابة والكتاب، بتشديد التاء، وغير ذلك، هؤلاء الذين تعاملوا بعدوانية مفرطة مع الحالة الثقافية الجديدة في العراق، بالمقاطعة تارة وبالتخوين تارة اخرى، ناسين او متناسين انهم مؤسسات في خدمة الانظمة الشمولية والبوليسية القمعية.
اتمنى عليهم ان يعيدوا النظر في مواقفهم من الحالة الثقافية في العراق وكل ما يتعلق بها من مؤسسات، ففي العراق اليوم منظمات ومؤسسات ثقافية وفكرية حرة لا تنتمي الى السلطة، وهي تحاول ان تبني نفسها وكيانها بعيدا عن سلطة الحاكم، وان اكبر دليل على ذلك هو هذا الكم الهائل من الاعلام الحر ووسائله المختلفة، والتي تطال باقلامها اكبر مسؤول، تفضحه اذا سرق وتنتقده اذا قصر، بتشديد الصاد، وتشير اليه باصابع الاتهام اذا شك فيه الشارع.
السؤال الرابع:
هل تؤيدون من يقول بان العمق الثقافي والمعرفي في العراق، هو الذي حافظ على تماسك شعبه بعد ان تعرض لكل هذه الاهوال؟.
الجواب:
اكيد، فعلى الرغم من الجهد التخريبي الجبار الذي بذله الاعلام الطائفي والعنصري (العربي) مثل قناة الجزيرة القطرية واخواتها، على الرغم من كل ذلك، الا ان العراق خرج من المحنة اشد عزيمة واقوى عضدا واحرص على المثابرة، وانا اجزم بالقول انه لولا التراث الفكري والثقافي والديني والحضاري الذي يتميز به الشعب العراقي، لانهار البلد وتمزق الوطن وتفتت المجتمع.
انظروا الى تجارب اخرى في هذا العالم تعرضت الى معشار ما تعرض له العراق وشعبه الابي الصامد،
ما الذي بقي منها سوى الاطلال التي يقف عليها الشعب باكيا ناحبا ومولولا؟.
السؤال الخامس:
ما هو جديدكم من مؤلفات وبحوث ونشاطات؟.
الجواب:
تحديدا، منذ سقوط الصنم ولحد الان، نشرت اكثر من (500) مادة بين بحث ومقال ودراسة وحوار ومحاضرة، غطت مختلف القضايا الحيوية والشؤون الهامة، كالثقافة والسياسة والاعلام والفكر والتاريخ والدين والحضارة.
ولقد سعيت، وانا اكتب في هذه المجالات، الى ان اكون قريبا من الواقع، لتاتي معالجاتي منطقية بعيدة عن التنظير، او خارج الزمن، كما سعيت الى ان اكون حاضرا عند قهوة الصباح لاكبر عدد ممكن من القراء، خاصة المهتمين بالشان العراقي بالاضافة الى العراقيين انفسهم، ولقد باتت نتاجاتي تصل الى البريد الالكتروني لاكثر من ربع مليون قارئ، يساعدني في الوصول اليها، مشكورين، عدد كبير من المجموعات البريدية التي تتطوع في نشر نتاجاتي، الى جانب عدد من الاخوة القراء الذين يساعدونني متطوعين في نشرها، شاكرا لهم حسن صنيعهم، بالاضافة الى انها تنشر في المئات من الصحف المقروءة والمواقع الالكترونية، العراقية تحديدا والعربية بشكل عام.
وتتوزع هذه المجموعة البريدية الكبيرة على كم هائل من المؤسسات بمختلف اتجاهاتها واهتماماتها، بالاضافة الى كم هائل من الاشخاص، كذلك، بمختلف اتجاهاتهم ومواقعهم ومسؤولياتهم، ليتجاوز عدد القراء المليون قارئ ومتابع، حسب آخر احصائية.
كما بادرت عدد من مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، من وزارات ومؤسسات فكرية وثقافية، مشكورة، الى طباعة العديد من البحوث والدراسات على هيئة كراسات وكتيبات ليتسنى لاكبر عدد ممكن من القراء للاطلاع عليها والاستفادة منها.
ولا اخفيكم سرا، فلقد حاولت ان اطبع هذه النتاجات بعد تصنيفها وتبويبها، على هيئة كتب، بعد ان اقترح علي ذلك والح علي الكثير من الاخوة والاصدقاء الاحبة، ليتم تداولها بين الناس في مكتباتهم، الا ان ضيق ما في اليد حال دون تحقيق هذه الامنية التي انتظرها وينتظرها كثيرون من المتابعين، على امل ان يقيض الله تعالى لي من يساعدني لانجاز هذه المهمة في القريب العاجل.
ختاما:
اتقدم بجزيل شكري وكبير ثنائي للسادة في هيئة تحرير (شبكة الوليد للاعلام) الالكترونية، الذين اتاحوا لي هذه الفرصة الثمينة لاطل من خلالها على القراء الكرام.
داعيا العلي القدير ان يوفق ويسدد كل العاملين المخلصين، الذين يبذلون جهودا جبارة من اجل انقاذ شعوبنا العربية من براثن الاستبداد والديكتاتورية والانظمة الشمولية، لينعم المواطن العربي بكرامته، بعد ان ينال حريته ويتمتع بارادته.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
30 حزيران 2010
. . . . . . . . . . . . . .
نــــزار حيدر
خلال تابينه الشهيد الحكيم في العاصمة واشنطن:
20 حزيران 2010
العراقيون اباة الضيم، ولن يسكتوا طويلا على الظلم
دعا نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، زعماء الكتل السياسية الى ان يكون الانسان (المواطن) محور حركتهم السياسية ومشروعهم الحكومي، بدلا عن المحاور الذاتية، الانانية، والصراع على السلطة وتحقيق الاهداف الحزبية الضيقة.
واضاف نـــــزار حيدر، الذي كان يتحدث في الحفل التابيني الذي اقامته ليلة امس الجالية العراقية في العاصمة الاميركية واشنطن، في مركز الامام علي (ع):
لقد كان الانسان هو محور حركة الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، ولذلك كان مشروعه الجهادي ضد الاستبداد والديكتاتورية، مشروعا وطنيا لم يميز فيه بين العراقيين لا على اساس ديني ولا على اساس مذهبي او اثني او مناطقي او اي اساس آخر.
ولقد سعى الشهيد الذي عاصر ثلاث مراحل من تاريخ جهاد وتضحيات الشعب العراقي والتي يمكن ان نقسمها، بفترة ما قبل الديكتاتورية وفترة الديكتاتورية والثالثة هي فترة ما بعد الديكتاتورية، مرحلة التغيير وسقوط الصنم، سعى خلال كل هذه الفترات الى ان يكون حاضرا في الساحة من اجل نصرة قضايا العراقيين من دون تمييز، فلقد اصر على ان يكون حاضرا، حيا او ميتا، فجاءت شهادته لتسجل له حضورا دائما ومستمرا في قلوب ومشاعر وحياة العراقيين شاهدناها ولمسناها في هذا العام، كما في الاعوام السابقة، في مجالس التابين التي شهدها العراق والعالم.
كما انه سعى الى تثبيت اركان مشروعه الجهادي الذي يتمحور حول الانسان، المواطن، من خلال اهتمامه بمأسسة العمل، ان على الصعيد الاجتماعي او السياسي او الحقوقي او المعلوماتي، فشيد (مؤسسة الشهيد الصدر) للاهتمام بالقضايا الاجتماعية للعراقيين، خاصة ضعاف الحال اقتصاديا وماديا، واسس (المركز الوثائقي لحقوق الانسان) الذي وثق جرائم النظام البائد وضحاياه، ومنها جريمته في الاهوار، واسس (بنك المعلومات) الذي اشرف عليه الدكتور عادل عبد المهدي وحجة الاسلام المجاهد السيد محمد الحيدري، والذي يعد اليوم احد ابرز المراجع في المعلومة والتوثيق لكل الدارسين والمهتمين بقضايا العراق، كما انه شيد عددا من المؤسسات التي اهتمت بالجانب الحقوقي للقضية العراقية في عهد النظام البائد، اذ نجحت هذه المؤسسات، والتي تقف على راسها تلك التي كان يديرها الشهيد السيد علي العضاض في جنيف، في ايصال مظلومية العراقيين الى الراي العام العالمي من خلال الحضور الفعال في المحافل الدولية الحقوقية، وعلى راسها هيئة الامم المتحدة.
ولو امهل القدر الشهيد الحكيم ليبقى مدة زمنية اطول بعد التغيير، لاخذ على السياسيين اليوم غياب الانسان، المواطن، في مشروعهم السياسي، فان ما يؤسف له حقا هو ان هؤلاء انشغلوا بامتيازاتهم ومصالحهم الذاتية واهدافهم الحزبية الضيقة فاضاعوا مصالح المواطنين الذين يعانون اليوم الاميرين بسبب غياب الكثير من القضايا التي تدخل في صلب كرامة الانسان، فماذا يعني ان يعاني العراقيون من غياب الطاقة الكهربائية في شدة حر الصيف التي وصلت في بعض محافظات العراق الى (52) درجة مئوية كما هو الحال في البصرة مثلا؟ واين ثمار الـ (15) مليار دولار التي صرفتها وزارة الكهرباء خلال السنوات القليلة الماضية على مشاريع الطاقة التي وعدت بها العراقيين؟.
واتساءل، لو قطعت (الحكومة) الطاقة الكهربائية على منزل السيد الوزير، وبقية المسؤولين، ليشعر بحرارة الصيف، هذا اذا كانت عائلة سيادته تعيش في العراق، هل كان سيتعامل بدم بارد مع معاناة العراقيين الذين يعيشون في وسط لهيب الحر القائض كما يفعل اليوم؟.
واقول بصراحة، فان شعبا بلا كهرباء، هو شعب بلا كرامة، لان الكهرباء اليوم هي عماد الحياة، فعندما تغيب الكهرباء عن بلد ما تغيب معها الزراعة والصناعة والتعليم والاخلاق والتفوق والابداع وكل شئ، وتتوقف الحياة، ولذلك فانا اجزم بان الحكومة العراقية اليوم تتعمد سحق كرامة المواطن العراقي بتماهلها في حل مشكلة الكهرباء.
تصوروا ان الامتحانات الوزارية للمرحلة النهائية للسادس الاعدادي، البكالوريا، ستبدا في الثالث من شهر تموز القادم، اي في لب الحر القائض مع انقطاع التيار الكهربائي، فاي جهل وتخلف هذا الذي يدفع بوزارة التربية وغيرها من الوزارات المعنية لاجراء الامتحانات بمثل هذا التوقيت؟ ثم ينتظرون من الطالب العراقي ان يتفوق وينجح ويبدع؟ اي منطق هذا الذي يديرون فيه البلد؟ واي منطق هذا الذي يردون فيه بعض الوفاء للمواطن العراقي الذي ضحى بكل غال ونفيس من اجل ان يصل هؤلاء وامثالهم الى السلطة؟.
تصوروا، ان مدير التربية (الشهم) في احدى المحافظات اصدر قرارا يقضي بجمع الكراسي الفارغة من قاعات الامتحانات حتى لا تجلس عليها المراقبات، وبينهن حوامل لا يطقن الوقوف ساعات طويلة يراقبن الطالبات، خاصة وان بعض القاعات الامتحانية تم تنظيمها في الساحات العامة للمدارس، تحت اشعة الشمس الحارقة، مع غياب تام لنسمة الهواء، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، اي ان على المراقبة ان تقضي الوقت وقوفا تحت اشعة الشمس الحارقة والكهرباء مقطوعة، فاي تعامل انساني هذا؟ واي مرجلة هذه التي يبيعها السيد المدير العام على الجنس اللطيف والضعيف؟ واتساءل، لو كانت زوجته او ابنته او اخته او حتى زوجة ابنه او صديقه هي المراقبة في مثل هذه القاعات، فهل كان سيصدر مثل هذا القرار القرقوشي؟ ام انه كان سيبعث لها مولدة الكهرباء مع عرش مرصع من مكتبه الخاص؟.
ايها المسؤولون، اتقوا الله في العراقيين، والا....فان اجل الله آت، وهو الذي يمهل ولا يهمل، وما مصير الطاغية الذليل صدام حسين ببعيد عنكم، وان {يوم المظلوم على الظالم، اشد من يوم الظالم على المظلوم} فاعتبروا يا اولي الالباب.
انني احذر السياسيين، وبشدة، من مغبة التمادي مع هذا المنطق الاعوج، منطق النزاع السياسي الذي اضاع كرامة المواطن، او كاد، في ظل غياب مؤسسات الدولة كنتيجة للانتخابات التشريعية الاخيرة، وفي ظل غياب الامن الذي عاد يهدد حياة المواطن، وفي ظل غياب الخدمات الاجتماعية والحياتية وغياب البطاقة التموينية، وتنامي ظاهرة الفقر والمحرومية، فان ما شهدته محافظة البصرة الفيحاء يوم امس قد يكون الشرارة التي ستشعل فتيل ثورة شعبية عارمة تسقط عروش السياسيين بعد ان اتضح للعراقيين بانهم ليسوا اهلا لتحمل المسؤولية وانهم ليسوا اهلا للثقة.
ان منطقهم اعوج ودليلهم افلج وردهم اهوج، فاذا سكت المواطن على حقه المضيع، وصفوه بالطيب الصالح الذي يسير الى جانب الحائط ويقول، يا رب السترة، الحال الذي يتمنونه من المواطن دائما، حتى لا يسبب لهم صداعا، واذا احتج او اعترض او تظاهر مطالبا بحقه الطبيعي في الحياة الحرة الكريمة، اتهموه بالخروج عن القانون وان قوى اقليمية ودولية، وربما سكان من الكواكب الاخرى، تحركه ضد الحكومة، ثم يزيدون الامر تعقيدا عندما يصوبون رصاصهم الحي الى صدور الاطفال المتظاهرين المحتجين من الذين راعهم ان يرون الشيخ الكبير يموت من الحر والطفل الصغير يختنق من الحر، فمالكم كيف تحكمون؟.
يا زعماء الكتل السياسية، ويا زعماء الكتل النيابية، اين غيرتكم الوطنية؟ واين غيرتكم الانسانية؟ واين شعاراتكم؟ واين لافتاتكم الانتخابية؟ واين وعودكم؟ اليس فيكم رجل رشيد ينقذ البلاد من ورطتها قبل ان تعم التظاهرات كل العراق فتقلب الطاولة عليكم جميعا، وعندها {ولات حين مندم}؟.
لقد حذرت من الطوفان قبل ثلاث سنوات، واخشى ان يكون الوقت قد حان حينه اليوم.
واقولها واكررها بصراحة، فان العراقيين اباة الضيم، لن يسكتوا طويلا على هذا الظلم الواقع عليهم، فيما ينعم (الزعماء) و (القادة) بالنعيم والرفاهية في قصور الطاغوت امام مكيفات الهواء البارد التي لم ينقطع عنها الكهرباء لحظة واحدة.
لن يسكت العراقيون على حقوقهم، ولن يصنعوا طاغوتا بعد اليوم، ولن يكونوا شياطين خرساء بسكوتهم عن الحق.
تذكروا الفقراء والمساكين والمحرومين الذين يتضورون الما من حر الصيف، فلتعيشوا بعض معاناتهم لتبحثوا لهم عن الحلول المناسبة والعاجلة، فردود الفعل المتسرعة من جانب الحكومة لا تنفع كثيرا، وان تطييب الخواطر بقرارات متعجلة لا تغني المواطن ولا تسمنه من جوع، وان الشعارات واللافتات البراقة لا تحل مشكلة الكهرباء، التي بحاجة الى قرارات عملية تبدا اولا من رفع السيد رئيس الوزراء يده عن الوزراء الفاشلين واستبدالهم بآخرين يمكنهم ان ينجحوا في حل المشكلة، فالى متى يظل (القادة) يدافعون عن الفاشلين؟ والى متى يتسترون على اللصوص؟ والى متى يحمون المختلسين؟ والى متى المخادعة والتضليل الذي لم يعد ينطلي على احد؟.
20 حزيران 2010
علي (ع) .. حاكمية الانسان
نـــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر
هل يحق لاحد ان يفرض نفسه حاكما على الناس؟ بالتعيين مثلا او بالوراثة او بالانقلاب العسكري والمؤامرات المسلحة؟ او بالامر الواقع في اطار نظرية التمكن بالقوة، او ما يعرف بالنصوص التاريخية بنظرية الدعوة الى النفس (الاستيلاء)؟.
وهل يحق لاحد ان يفرض رايه عليهم ويجبرهم على الاعتقاد بشئ لا يرونه صحيحا أو مناسبا؟ او لا تستوعبه عقولهم، او لم يفكروا فيه بالاساس؟.
وهل يحق لاحد ان يجبر الناس على الايمان بما يؤمن به هو، او ان يقسرهم على الاخذ برايه مهما كلف الثمن، او ان يحتكر الحقيقة فلا يقبل من غيره رايا او حجة، ولا يسمح لاحد بالتفكير بطريقة مغايرة؟.
واخيرا، هل يحق لاحد ان يرهب الناس لاتخاذ موقف ما، او ان يسلبهم حرية الارادة او حرية الاختيار، من خلال فرض نفسه كوصي عليهم بصفتهم قاصرين لا يميزون بين الصالح والطالح من المصالح العامة، فيعاملهم كالاطفال القصر او السفهاء الذين لا يجوز تسليمهم المال حتى يبلغوا الحلم او يبرأوا من سفههم؟.
في ذكرى ولادته المباركة في الثالث عشر من شهر رجب الاصب، ساحاول ان استنطق امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، لاستشرف في كلامه وخطبه ورسائله الاجوبة الصحيحة على تلك الاسئلة التي طالما شغلت الناس، خاصة العرب والمسلمين، الذين ابتلوا بانظمة ديكتاتورية واستبدادية فرضت نفسها على الانسان، المواطن، فرضا، تارة بالحديد والنار واخرى بالتضليل وثالثة بالتقديس الديني المزور ورابعة بالترغيب وهكذا.
وان استنطاق امير المؤمنين يمر حتما من خلال آيات القران الكريم، على اعتباره القرآن الناطق، من جهة، ولكونه التجسيد الحي لآياته البينات من جهة آخرى، خاصة على صعيد الحكم وادارة الدولة.
فالقرآن الكريم يرفض، بشكل قاطع، كل انواع الاكراه والفرض والاجبار، سواء في الايمان والدين او في الفكر والثقافة او حتى في السلطة، يقول تعالى في الايات القرآنية التالية:
{ما على الرسول الا البلاغ} {ما على الرسول الا البلاغ المبين} {ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا} {فان اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظا} {فذكر انما انت مذكر* لست عليهم بمسيطر} {ادع الى سبيل ربك بالحكومة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن* ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين} {لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} {افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} {انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا* انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا} {قل يا ايها الكافرون* لا اعبد ما تعبدون* ولا انتم عابدون ما اعبد* ولا انا عابد ما عبدتم* ولا انتم عابدون ما اعبد* لكم دينكم ولي دين}.
شريطة ان يتحمل الانسان مسؤولية قراره {كل امرئ بما كسب رهين}.
ولقد رفض القران الكريم الطريقة العلمانية في اجبار الناس على الايمان بشئ ما، بالقسر والارهاب وربما بالتقتيل والنفي وغير ذلك من وسائل الارهاب لفرض الايمان القسري، كما يرفض القرآن الكريم فكرة احتكار الحقيقة من لدن الحاكم مثلا، فايمان الانسان بفكرة ما لا يحتاج الى اذن من احد، كما انه لا يتحقق بالقوة والاكراه:
{قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد} {قال فرعون آمنتم به قبل ان آذن لكم ان هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها اهلها فسوف تعلمون* لاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم اجمعين}.
وبمجموع هذه الايات وغيرها، يشرعن القرآن الكريم ضد الاستبداد بكل اشكاله.
وتتجلى هذه المنظومة الفكرية الحضارية الراقية في مستويين:
الاول؛ في حرية الاختيار.
والثاني؛ في حرية التعبير.
على المستوى الاول، تتجلى الحرية في اختيار الحاكم والانتماء للجماعة والمدرسة الفكرية والسياسية التي يراها الانسان مناسبة له اكثر من سواها.
على المستوى الثاني، تتجلى الحرية في تبني السياسات العامة، القبول او الرفض، المعارضة، الاعلام، والقول او اختيار السكوت، والتجمع والتظاهر، وغير ذلك.
على الصعيد الاول، فان امير المؤمنين عليه السلام لم يفرض نفسه حاكما على احد، فهو لم يسع الى السلطة بالقوة او بسلاح الميليشيات، على الرغم من علمه ويقينه، وكذلك الناس جميعا، بانه احق الناس بها، وهو القائل {لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري} او في قوله بالخطبة الشقشقية {اما والله لقد تقمصها فلان وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى الي الطير} او ما ورد في كتاب له الى طلحة والزبير، مع عمران بن حصين الخزاعي {اما بعد، فقد علمتما، وان كتمتما، اني لم ارد الناس حتى ارادوني، ولم ابايعهم حتى بايعوني، وانكما ممن ارادني وبايعني، وان العامة لم تبايعني لسلطان غالب، ولا لعرض حاضر} وانما سعت اليه السلطة فقبلها استجابة لموقف الراي العام الذي لم يجد في غيره اهلا لها، وهو القائل يصف الموقف {فما راعني الا والناس كعرف الضبع الي، ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم} او في قوله يصف ما جرى بالبيعة العامة {وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم علي تداك الابل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى انقطعت النعل، وسقط الرداء، ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم اياي ان ابتهج بها الصغير، وهدج اليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت اليها الكعاب} ففي راي الامام ان اغتصاب السلطة او فرض الحاكم نفسه على الناس من دون تفويض او قبول يعد منقصة لحاكمية الانسان، مرفوضة بكل المعايير الدينية والعقلية والمنطقية.
وقبل ذلك، فهو عليه السلام عندما اعطى البيعة للخلفاء الذين سبقوه كان صادقا في بيعته التي حقق بها المصلحة العامة وهو القائل {وطفقت ارتئي بين ان اصول بيد جذاك، او اصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه} او في كلامه من كتاب له عليه السلام الى اهل مصر، مع مالك الاشتر لما ولاه امارتها {اما بعد، فان الله سبحانه بعث محمدا، صلى الله عليه وآله وسلم، نذيرا للعالمين، ومهيمنا على المرسلين، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الامر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي، ان العرب تزعج هذا الامر من بعده، صلى الله عليه وآله وسلم، عن اهل بيته، ولا انهم منحوه عني من بعده، فما راعني الا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فامسكت يدي حتى رايت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون الى محق دين محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما، تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم التي انما هي متاع ايام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب، او كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه} لان البيعة في قاموسه عهد، والعهد امانة والتزام ومسؤولية، اولم يقل القرآن الكريم {واوفوا بالعقود} و {ان العهد كان مسؤولا}؟ وهو القائل عليه السلام {ان الوفاء توأم الصدق، ولا اعلم جنة اوقى منه}؟.
ولقد تجلى صدق امير المؤمنين عليه السلام في الالتزام بالبيعة من خلال ما كان يبذله للخلفاء من مشورة كان يصب فيها عصارة فهمه وعلمه وأحسن تجاربه وافضل آرائه واحسنها وادقها، والدليل على ذلك قول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في عشرات المرات (لولا علي لهلك عمر) لمعرفته افضل من غيره ان ما كان يستشير به علي عليه السلام كان من الخطورة بمكان ان يقوده الى الهاوية والى الهلاك الحتمي لولا ان امير المؤمنين كان يبذل له احسن الراي كلما استشاره، ولو ان الخليفة كان يشك في نصح الامام ومشورته قيد انملة لما استشاره ابدا، ومن قول الخليفة يمكن ان نتصور خطورة المواقف، التي كان يكفي كل واحد منها الى قلب نظام الحكم بانقلاب عسكري مثلا او بالتآمر، لو كان المستشار غير امير المؤمنين، وكذلك نتصور به حجم ثقة الخليفة بالامام.
فعندما استشاره في الخروج الى غزو الروم بنفسه، واخرى لقتال الفرس، بذل له الامام افضل الراي عملا بالقاعدة التي تقول (المستشار مؤتمن) قائلا له:
{انك متى تسر الى هذا العدو بنفسك، فتلقهم فتنكب، بضم التاء، لا تكن للمسلمين كانفة دون اقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون اليه، فابعث اليهم رجلا محربا، بكسر الميم وسكون الحاء، واحفز معه اهل البلاء والنصيحة، فان اظهر الله فذاك ما تحب، وان تكن الاخرى، كنت ردأ للناس، ومثابة للمسلمين}.
وانا اجزم انه لو كان غير امير المؤمنين قد استشاره الخليفة بمثل هذا الامر وفي مثل هذا الموقف والظرف، لشجعه على قيادة الجيش بنفسه ليخلو له الجو فيستغل غياب الخليفة عن عاصمة البلاد ليقود ضده انقلابا عسكريا يطيح به وبسلطته، كما فعل كثيرون من (الخلفاء وامراء المؤمنين) في طول البلاد وعرضها، عندما كان الابن ينقلب على ابيه والاخ على اخيه، كان آخرها انقلاب الابن الشيخ حمد امير قطر الحالي على ملك ابيه الذي كان في رحلة استجمام خارج (الدولة) ولقد راينا كيف ان معاوية بن ابي سفيان رفض راي عمرو بن العاص ومشورته عندما اشار عليه بقبول عرض الامام في معركة صفين والداعي الى مناجزته وجها لوجه وترك الناس وشانهم، لحقن دماء المسلمين وعدم جر الامة الى قتال، هذا العرض الذي تقدم به امير المؤمنين لمعاوية في رسالة بعثها اليه يقول فيها {وقد دعوت الى الحرب، فدع الناس جانبا واخرج الي، واعف الفريقين من القتال، لتعلم اينا المرين على قلبه، والمغطى على بصره، فانا ابو حسن قاتل جدك واخيك وخالك شدخا يوم بدر، وذلك السيف معي، وبذلك القلب القى عدوي، ما استبدلت دينا، ولا استحدثت نبيا، واني لعلى المنهاج الذي تركتموه طائعين، ودخلتم فيه مكرهين} فعندما اشار عمرو على معاوية بقوله (لقد انصفك الرجل، فليس له احد غيرك، واعلم انك ان نكلت عنه لم تزل سبة عليك وعلى عقبك ما بقي عربي) رد عليه معاوية مشككا بنوايا وزيره (المؤتمن) عمرو بن العاص قائلا (ما غششتني مذ نصحتني الا في هذا الموقف، وانت تعرف من هو، الا ان تخرج له انت) ثم اضاف (يا عمرو ليس مثلي يخدع نفسه، والله ما بارز ابن ابي طالب رجلا قط الا سقى الارض من دمه) ثم تلاحيا وعزم معاوية على عمرو ليخرجن الى علي، ان كان جادا في نصحه، ولم يكن مغررا به طمعا في مآل امره، يعني السلطة) فكان ما كان من (بطل العروبة والاسلام) عمرو بن العاص، عندما رمى بنفسه من على ظهر فرسه رافعا ثوبه كاشفا عن عورته للامام، الذي عفى عنه ولم يقتله قائلا له {اذهب، انت عتيق عورتك}.
ذات الحال مارسه امير المؤمنين عليه السلام مع الخليفة الثالث عثمان بن عفان، الذي سعى عليه السلام لينصحه فيجنبه مهاوي الهلكة، الا ان اعتماد الخليفة على وزراء ومستشارين سيئين، وتاثيرهم الروحي وتاثير القربى عليه، هو الذي انتهى به الى ما انتهى اليه من فتنة كبرى قادت الامة الى مصائب جمة.
فلما اجتمع الناس اليه عليه السلام وشكوا ما نقموه على عثمان وسالوه مخاطبته لهم واستعتابه لهم، دخل عليه السلام على الخليفة فقال له من بين ما قاله في كلام طويل {فالله الله في نفسك، فانك، والله، ما تبصر من عمى، ولا تعلم من جهل، وان الطرق لواضحة، وان اعلام الدين لقائمة، فاعلم ان افضل عباد الله عند الله امام عادل، هدي وهدى، فاقام سنة معلومة، وامات بدعة مجهولة، وان السنن لنيرة، لها اعلام، وان البدع لظاهرة، لها اعلام، وان شر الناس عند الله امام جائر ضل وضل، بضم الضاد، به، فامات سنة ماخوذة، واحيا بدعة متروكة، واني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وآله، يقول: ((يؤتى يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في نار جهنم، فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرها)) واني انشدك الله الا تكون امام هذه الامة المقتول، فانه كان يقال: يقتل في هذه الامة امام يفتح عليها القتل والقتال الى يوم القيامة، ويلبس امورها عليها، ويبث الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرجون فيها مرجا، فلا تكونن لمروان سيقة، بتشديد الياء وكسرها، يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر}.
ولشدة اخلاص الامام واحترامه لعهوده ومواثيقه وحرصه على الامة وخوفه من الفتنة عليها، فقد وصف علاقته مرة بالخليفة الثالث بقوله لعبد الله بن عباس، وقد جاءه برسالة من عثمان، وهو محصور يساله فيها الخروج الى ماله بينبع، ليقل هتف الناس باسمه للخلافة، بعد ان كان ساله مثل ذلك من قبل، فقال عليه السلام:
{يا بن عباس، ما يريد عثمان الا ان يجعلني جملا ناضحا بالغرب، اقبل وادبر، بعث الي ان اخرج، ثم بعث الي ان اقدم، ثم هو الان يبعث الي ان اخرج، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت ان اكون آثما}.
وان اعظم ما انجزه الامام عليه السلام على مستوى حاكمية الانسان، المواطن، في الدولة الاسلامية، هو انه شرعن المعارضة للحاكم، من خلال احترامه لها وحمايتها وعدم المساس بها، فهو، مثلا:
اولا: لم يمنع معارض من السفر كما فعل الخليفة الاول، بمعنى آخر، انه لم يحجر على معارض فيفرض عليه الاقامة الجبرية في منزله او في مدينته، لمجرد انه يعارض الحاكم، او ان تعلم السلطة او تتوقع منه غدرا او مؤامرة، فعندما اراد طلحة والزبير ان يغادرا المدينة المنورة الى مكة المكرمة، بعد ان فرض عليهما الحكم الاقامة الجبرية مدة مديدة، استاذنا الامام، وهو الخليفة الحاكم الذي بايعه الاثنان كبقية المسلمين من المهاجرين والانصار، بحجة انهما يريدان اداء مناسك العمرة، فاذن لهما الامام وهو يعرف جيدا ما يبيتان من مؤامرة يجران فيها الامة الى فتنة عمياء، معركة الجمل، قائلا لهما {والله ما تريدان العمرة وانما تريدان الغدرة} واكتفى بان خوفهما بالله من التسرع الى الفتنة.
ثانيا: رفض ان يسقط الخوارج من ديوان العطاء، او ان يمنعهم من دخول المسجد، بعد ان ثبت انهم يعارضون السلطة اشد المعارضة، وعندما قيل له: (يا امير المؤمنين، ان بين اصحابك من يريد ان يتركك ويلتحق بالاعداء، فماذا اعددت لذلك؟) فقال عليه السلام قولته المشهورة {اني لا آخذ على التهمة ولا اعاقب على الظن}.
ولشدة حرص الامام على تعليم الناس فن المعارضة والتجرؤ على ابداء الراي الاخر امام الحاكم، قال مرة للخريت بن راشد، الذي ظل يصر على الامام ليقتل الخوارج او على الاقل ان يعتقلهم ويزج بهم في السجن حتى قبل ان يبادروا الى شئ، بحجة انهم يتآمرون على الحكم، وان اثنين منهما وهما عبد الله بن وهب وزيد بن الحصين الطائي، يقولان في الامام، الحاكم، قولا لو ارتقى الى مسامعه لقتلهما او زجهما في السجن:
{اني مستشيرك فيهما فبماذا تشير؟} فاجابه الخريت: (اشير عليك ان تستدعيهما وتضرب اعناقهما).
رفض الامام هذا الراي، قائلا بما معناه: لقد كان ينبغي لك ان تعلم اني لا اقتل من لم يقاتلني ولم يظهر لي عداوة، كان ينبغي لك، لو انني اردت قتلهم، ان تقول لي، اتق الله، فبم تستحل قتلهم ولم يقتلوا احدا ولم ينابذوك ولم يخرجوا من طاعتك؟.
كما انه عليه السلام رفض ان يقاتلهم احد من بعده مبررا لهم مواقفهم المعارضة للسلطة بقوله {لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فاخطاه، كمن طلب الباطل فادركه} وكانه يريد ان يقول بان الخوارج عارضوا السلطة ظنا منهم انهم على حق، ولذلك فان حالهم يختلف جذريا عن حال من يعارض السلطة لينال الباطل بسهمه.
ثالثا: لم يمنع احدا من ابداء رايه وفي اي وقت يشاء، فهو لم يتخذ اي قرار بقمع حرية التعبير بحجة الاحكام العرفية مثلا او حالة الطوارئ او ما اشبه، فعندما تسور الاشعث بن قيس جدار مسجد الكوفة والامام واقف في محراب الصلاة يلقي خطبتي الجمعة، اذا بالاشعث يقاطعه ويعارضه فهب اليه عدد من اصحاب الامام وهموا باعتقاله والاعتداء عليه، فصاح بهم الامام وامرهم بان يتركوه يكمل حديثه ويواصل كلامه، حتى اذا انتهى الاشعث من حديثه عاد الامام يواصل خطبته بعد ان رد عليه بما يليق به ويستحقه.
وروي انه كان جالسا في اصحابه، فمرت بهم امراة جميلة، فرمقها القوم بابصارهم، فقال عليه السلام:
{ان ابصار هذه الفحول طوامح، وان ذلك سبب هبابها، فاذا نظر احدكم الى امراة تعجبه فليلامس اهله، فانما هي امراة كامراته} فقال رجل من الخوارج (قاتله الله كافرا ما افقهه) فوثب القوم ليقتلوه، فقال عليه السلام {رويدا، انما هو سب بسب، او عفو عن ذنب}.
وعند مسيره من الكوفة الى البصرة، كتب الى اهل الكوفة يقول:
{اما بعد، فاني خرجت من حيي هذا: اما ظالما، واما مظلوما، واما باغيا، واما مبغيا عليه، واني اذكر الله من بلغه كتابي هذا لما نفر الي، فان كنت محسنا اعانني، وان كنت مسيئا استعتبني}.
رابعا: وعندما ضربه عدو الله وعدوه ابن ملجم بالسيف في محراب الصلاة، اوصى عليه السلام ولديه الحسن والحسين عليهما السلام وعموم بني هاشم بقوله {يا بني عبد المطلب، لا الفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا، تقولون: قتل امير المؤمنين، الا لا تقتلن بي الا قاتلي.
انظروا اذا انا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل، فاني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور}.
لقد سعى الامام بهذا الموقف الى ان يحاصر اثار الجريمة فلا يدعها تنتشر في المجتمع فتثير الكراهية والحقد وروح الانتقام، وربما الحرب الاهلية والطائفية، لان هذه كلها اشد خطرا على المجتمع من الجريمة ذاتها، ولذلك حاصر الامام آثار الجريمة ورفض ان يخوض ولي الدم بدماء الناس بحجة او باخرى.
خامسا: على الرغم من عظم المعاناة التي عاناها الامام من مجتمعه بسبب تمرده عليه تارة وعدم طاعته له اخرى، وعصيانه قراراته تارة ثالثة، على الرغم من كل ذلك، الا ان التاريخ لم يسجل لنا اسم سجين سياسي او سجين راي واحد في دولة الامام، ما يعني انه عليه السلام كان يحمي المعارضة ويشجع على الراي والراي الاخر، كما انه لم يشا ان يقمع حرية التعبير باي شكل من الاشكال.
لقد وصف الامام شدة معاناته اكثر من مرة، كقوله {ان كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وانني اليوم لاشكو حيف رعيتي، كانني المقود وهم القادة، او الموزوع وهم الوزعة} وكقوله {لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت اشياء} ومع كل ذلك لم يكن في دولة الامام سجن او معتقل لمعارض، لان الحرية في نهج الامام قيمة عظيمة لا تتقدم عليها اية قيمة اخرى.
سادسا: ولقد كان الامام عليه السلام يرفض البيعة من احد بالاكراه، او ان يفرضها على احد، او ان يستغل ضعف الانسان او هزيمته ليفرض عليه البيعة، ابدا، فعندما اخذ مروان بن الحكم اسيرا يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسين عليهما السلام الى امير المؤمنين عليه السلام، فكلماه فيه، فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا امير المؤمنين؟ فقال عليه السلام {او لم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته، انها كف يهودية، لو بايعني بكفه لغدر بسبته، اما ان له امرة كلعقة الكلب انفه، وهو ابو الاكبش الاربعة، وستلقى الامة منه ومن ولده يوما احمر}.
سابعا: وهو عليه السلام كان يلزم الناس بما يلزموا به انفسهم، فهو لم يحاول ان يشق صدورهم ليعرف حقيقة نواياهم، فليس في دولة الامام محاكم تفتيش، انما كان ياخذهم على الظاهر، ولذلك كان يرفض منهم التبرير بالتفسير الباطني لمواقفهم وآرائهم، فلقد تحدث عليه السلام عن الزبير مرة قائلا {يزعم انه قد بايع بيده، ولم يبايع بقلبه، فقد اقر بالبيعة، وادعى الوليجة، فليات عليها بامر يعرف، والا فليدخل فيما خرج منه}.
ثامنا: انه عليه السلام كان يؤسس لمعارضة حقيقية، فكان يرفض المعارضة من اجل ابتزاز الحاكم او فرض الامر الواقع، ولذلك فهو عليه السلام كان قد مارس المعارضة الايجابية في عهد الخلفاء الثلاثة، فلم يكن ليتوانى عن قول الحق وان كان مرا على السلطة، او ان يسكت على باطل وان كلفه الكثير، لان هدف المعارضة في نهج الامام هو الرقابة والمساءلة والاصلاح، بعيدا عن الابتزاز لتحقيق المصالح الذاتية والانانية، اوليس هو القائل لما عزموا على بيعة عثمان {لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري، ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين، ولم يكن فيها جور الا علي خاصة، التماسا لاجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه}.
وتاسيسا على هذا النهج المعارض القويم، شجع الامام المعارضة الحقيقية في عهده بالسلطة، فكان يرفض الابتزاز كلما سعت اليه المعارضة، كما انه كان لا يتنازل عن حق تحت ضغط الامر الواقع، فلقد كلم مرة طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من تركه مشورتهما، والاستعانة في الامور بهما، وقد احس منهم سعيهم لابتزازه وفرض الامر الواقع عليه، قائلا {لقد نقمتما يسيرا، وارجاتما كثيرا، الا تخبراني، اي شئ كان لكما فيه حق دفعتكما عنه؟ ام اي قسم استاثرت عليكما بهم؟ ام اي حق رفعه الي احد من المسلمين ضعفت عنه؟ ام جهلته؟ ام اخطات بابه؟}.
ثم ختم عليه السلام حديثه معهما ملخصا فيه فلسفة المعارضة الحقيقية ذات الجدوى، بقوله {رحم الله رجلا راى حقا فاعان عليه، او راى جورا فرده، وكان عونا بالحق على صاحبه}.
ولقد كان عليه السلام يرفض البيعة من احد بثمن، بمعنى آخر، انه كان يرفض الابتزاز والمحاصصة والمساومة، فلقد قال مرة يصف ذلك بقوله {ولم يبايع حتى شرط ان يؤتيه على البيعة ثمنا، فلا ظفرت يد البائع، وخزيت امانة المبتاع}.
تاسعا: رفض الامام مهنة صناعة الطاغوت التي تمارسها الامم، لان الطاغوت يصادر حاكمية الانسان، حريته وارادته وخياراته، بعد ان يفرض بدلا عنها حاكميته الفردية، في اطار الاستبداد الديني او السياسي.
ولقد راى الامام ان المديح باب هذه المهنة السيئة ولذلك كان يرفضه رفضا قاطعا، ولقد سعى لان يستعيض عن المديح بتعليم الناس وتشجيعهم على قول الحق وابداء الراي وحرية التعبير بلا خوف او وجل او تردد، فلقد خطب الناس مرة بعد ان سمع من احدهم كلاما طويلا، يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه وطاعته له، قائلا {ان من حق من عظم جلال الله سبحانه في نفسه، وجل موضعه من قلبه، ان يصغر عنده، لعظم ذلك، كل ما سواه، وان احق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه، ولطف احسانه اليه، فانه لم تعظم نعمة الله على احد الا ازداد حق الله عليه عظما، وان من اسخف حالات الولاة عند صالح الناس، ان يظن بهم حب الفخر، ويوضع امرهم على الكبر، وقد كرهت ان يكون جال في ظنكم اني احب الاطراء، واستماع الثناء، ولست، بحمد الله، كذلك، ولو كنت احب ان يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو احق به من العظمة والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء، لاخراجي نفسي الى الله سبحانه واليكم من التقية، في حقوق لم افرغ من ادائها، وفرائض لابد من امضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند اهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس اعظام لنفسي، فانه من استثقل الحق ان يقال له او العدل ان يعرض عليه، كان العمل بهما اثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، او مشورة بعدل}.
وبهذا النص يكون الامام قد اسس لمبدا الرقابة والنقد والمساءلة، بعد ان الغى كل الممارسات السيئة التي تصنع من الحاكم طاغوتا يعبد من دون الله تعالى، فيصادر حاكمية الانسان بتكميم الافواه وقمع حرية التعبير والنقد، مثل المصانعة والمديح والثناء واسماع الحاكم ما يحب ان يسمعه والغش عند المشورة وغير ذلك.
عاشرا: ولقد اسس الامام كذلك لمفهوم الحكومة المدنية والتي تعني في نهجه عليه السلام:
الف؛ الالتزام بالقانون، الذي يجب ان يكون فوق الجميع، فليس من حق الحاكم ان يتميز عن اي مواطن في الدولة، فضلا عن عائلته واقربائه وزبانيته.
باء؛ المساواة في الحقوق، اذ لا يحق لاحد، حاكما كان ام محكوما، ان يتميز عن الاخرين، فيتمتع بالفرص اكثر من غيره، او ان يتمتع بها ويحرم الاخرين منها، او ان يحتكرها لجماعته فحسب.
جيم؛ المساواة في الواجبات، فلا يحق للحاكم ان يطالب الناس بواجباتهم فيما يسعى هو للتملص او التهرب منها.
وانا شخصيا لا اعرف حاكما تحدث عن حقوق المواطنين وواجبات السلطة كما فعل الامام عليه السلام، وهي بالتاكيد دليل على حرص الامام لتكريس مبدا حاكمية الانسان، المواطن، في ظل حكومته.
انه عليه السلام اسس لمفهوم حضاري في غاية الاهمية تتلخص فلسفته في ان السلطة التي تنشد بناء المواطن الصالح الذي يتحمل واجباته ازاء بلده وشعبه والسلطة الحاكمة، عليها اولا ان تصنع منه المواطن الواعي العارف بالامور غير الجاهل بالقضايا العامة، ومن اجل ذلك فان عليها ان لا تحجب عنه المعلومة الصحيحة التي لا تصيبه بالعمى والجهل، كما ان عليها ان تطلعه على حقوقه كاملة ليعرف كيف يتصرف ويتعامل مع الامور.
كيف يمكننا ان نبني المواطن الصالح اذا كان الحاكم يستغفله ويستخف بعقله ويقصر في تعليمه؟ وكيف يمكننا صناعته اذا كانت السلطة تحجب عنه المعلومة الصحيحة بحجج واعذار شتى؟ وتاليا، كيف يمكن ان ننتظر من مثل هذا المواطن ان يتحمل المسؤولية وواجباته ازاء وطنه ومجتمعه، وهو الذي لا يميز بين الحقوق والواجبات، او انه لا يعرف حقوقه ولم يسمع الا حديث السلطة عن حقوقها وواجبات المواطن؟.
لقد حرص الامام عليه السلام على ان:
اولا: يعلم المواطنين حقوقهم وواجباتهم كاملة غير منقوصة، فقال عليه السلام اكثر من مرة {ايها الناس، ان لي عليكم حقا، ولكم علي حق، فاما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتاديبكم كيما تعلموا، واما حقي عليكم، فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والاجابة حين ادعوكم، والطاعة حين آمركم}.
وفي هذا النص:
الف: جاء الخطاب للناس وليس لفئة اجتماعية دون اخرى، ما يشير الى تبني الامام لمفهوم الحكومة المدنية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
باء: قدم حقوق الناس على حقوق الحاكم، ما يشير الى ان بناء الدولة يبدا من المجتمع وليس من السلطة، وان الاخيرة لا يحق لها ان تحاسب الناس او ان تنتظر منهم التزاما أو وفاءا ما لم يتمتعوا بحقوقهم اولا.
ثانيا: ايصال المعلومة الصحيحة الى الناس فلا يعمي عليهم الخبر او يطمس عنهم الحقيقة ابدا، بل انه لخص مرة سبب الطاعة العمياء التي عرف بها جيش الشام لصاحبهم، معاوية بن ابي سفيان، بقوله عليه السلام {الا وان معاوية قاد لمة من الغواة، وعمس عليهم الخبر، حتى جعلوا نحورهم اغراض المنية}.
ولذلك نرى اليوم كيف ان جماعات العنف والارهاب تستغفل المغرر بهم بالتضليل واخفاء الحقيقة قبل ان تتكمن من تجنيدهم لتنفيذ اعمالهم الارهابية الدموية والتخريبية، لان الواعي لا ينفذ مثل هذه الاعمال الاجرامية، وان الصاحي الذي يمتلك عقله وارادته لا يمكن ان ينخرط بمثل هذه الجماعات الدموية التي تسعى لقتل الحياة والانسان.
ان اعتماد الامام على هذين الامرين، هو من اجل ان يكون المواطن في دولته على بينة من امره ليختار بارادة حرة، فاذا اختار كذلك تحمل المسؤولية كاملة، وعندها فقط يمكن للحاكم ان يحاسبه على خياره، فيجزيه الجزاء الاوفى اذا كان صحيحا وسليما، او ان يعاقبه اذا كان مخطئا ومسيئا.
بل انه عليه السلام كان يحث على الصراحة والوضوح والشفافية في العلاقة بين السلطة والناس، فلقد اوصى بذلك وزيره مالك الاشتر النخعي لما ولاه مصر، بقوله عليه السلام:
{وان ظنت الرعية بك حيفا فاصحر لهم بعذرك، واعدل عنك ظنونك باصحارك، فان في ذلك رياضة منك لنفسك، ورفقا برعيتك، واعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق}.
17 حزيران 2010