قراءة مقارنة للاتفاقية الاستراتيجية
مع الولايات المتحدة الاميركية
مع الولايات المتحدة الاميركية
في صلب الموضوع
لقد شهد تاريخ العراق الحديث (1921 ولحد الان) التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات مع اكثر من دولة، الا ان اهمها اربعة وقعها العراقيون مع (بريطانيا العظمى) التي احتلت العراق في العام 1914 وهي كالتالي حسب التسلسل الزمني:
الاتفاقية الاولى وقعها رئيس وزراء العراق السيد عبد الرحمن النقيب، في العام 1922، والتي نص منطوقها على ان رئيس الوزراء في العراق يستمد صلاحياته من المندوب السامي، ولذلك اطلق على هذه الاتفاقية عبارة (ان صك الانتداب تم صبه في قالب اتفاقية) فيما يعلق عليها المؤرخ العراقي المعروف السيد عبد الرزاق الحسني بقوله (كانت المعاهدة نسخة (طبق الاصل) لصك الانتداب البريطاني على العراق، ان لم يكن هذا الصك قد مسخ مسخا موسعا بشكل المعاهدة) وقد نصت بعض بنود الاتفاقية على ما يلي:
المادة 2: يتعهد جلالة ملك العراق بان لا يعين، مدة هذه المعاهدة، موظفا ما في العراق من تابعية غير عراقية في الوظائف التي تقتضي ارادة ملكية بدون موافقة جلالة ملك بريطانية.
وهو النص الذي فسره القوميون بانه مسعى بريطاني لابعاد العراق عن محيطه العربي، فيما فسرته الاكثرية من الشعب العراقي بانه مسعى بريطاني لاقصاء الاغلبية عن الحكم، والتي كانت تتهم بوطنيتها وانتماءها الى العراق، الاتهام الذي ورد على السنة الكثير الكثير من القادة العراقيين الطائفيين بالاضافة الى انه ورد على لسان اكثر من مسؤول بريطاني حكم في العراق.
المادة 12: لا تتخذ وسيلة ما في العراق لمنع اعمال التبشير، او المداخلة فيها، او لتمييز مبشر ما على غيره، بسبب اعتقاده الديني، او جنسيته.
ومن باب الشئ بالشئ يذكر، يثبت السيد عبد الرزاق الحسني المؤرخ العراقي المعروف، في حاشية كتابه (العراق في ظل المعاهدات) نص التعليق التالي بهذا الخصوص:
{اتضح خلال الحرب العالمية الثانية(1939- 1945) ان بين المبشرين من لم يتخذ التبشير الا وسيلة مقنعة لستر نشاطه السياسي، فقد كان في (الهندية) مبشر اميركي لا يتحدث الا عن المسيح، وكان ينطلق الى الارياف والقرى في جولات لا تخلو من مغامرة، وكلما نبهته السلطات الادارية الى ضرورة حماية نفسه من الاوباش، استولى عليه مس من الهياج الروحي، وذرفت عيناه دمعا سخيا، مرددا اقواله بانه يضحي بحياته في سبيل السيد المسيح ومبادئه، فلما نشبت الحرب ظهر هذا المبشر ضابطا ماهرا يتجول في طول العراق وعرضه، وقد ظهر انه من البريطانيين، ولم تكن له صلة بالاميركان، هذه هي قصة المبشر استيفنسن في الهندية بلواء الحلة}.
اما بشان البروتوكولات المتعلقة بهذه الاتفاقية فقد ورد فيها الكثير من النصوص التي الغت سيادة العراق جملة وتفصيلا، منها البروتوكول (الاتفاقية) الخاص بالموظفين البريطانيين، والذي نص على ان توافق الحكومة العراقية على ان تعين، كلما وعندما يطلب اليها ذلك، موظفا بريطانيا ينال موافقة المعتمد السامي، على ان تتحمل الحكومة العراقية مرتباتهم ومخصصاتهم بالكامل، والبروتوكول العسكري، الذي نص على ان تتعهد الحكومة العراقية بان تخول قائد القوات البريطانية في العراق الحق بتفتيش الجيش العراقي والقوات الاخرى المحلية كلما تراءى له ضرورة ذلك، فيما نصت المادة التاسعة، على انه في حالة القيام باعمال عسكرية، مما ينوي ان تشترك فيها قوات تقوم باعبائها او تتولى امرها حكومة صاحب الجلالة البريطانية، يجب ان يعهد بقيادة القوات المشتركة الى قائد عسكري بريطاني ينتخب لاجل ذلك الغرض، والاخر العدلي (القضائي) الذي نص على ان يتعهد صاحب الجلالة ملك العراق، ان يستخدم في المحاكم اختصاصيين حقوقيين من البريطانيين، كما نصت (3) من المادة الثانية، على ان الاجانب (ويقصد بهم رعايا الدول الاوربية والاميركية) المحالين على المحاكمة لهم ان يطلبوا ان تتولى محاكمتهم، محكمة فيها حاكم بريطاني واحد على الاقل، وهو يراس المحكمة، واخيرا البروتوكول (الاتفاقية) المالي، الذي نص على ان توافق حكومة جلالة ملك بريطانيا على نقل ملكية المرافق العمومية الآتية الذكر الى حكومة العراق، وتوافق حكومة العراق على قبول هذا النقل، وذلك بالثمن المقدر المبين فيما يلي امام كل من هذه المرافق المعينة (الري 6,212,040 روبية، الطرق 320,000 روبية، الجسور 1,117,500 روبية، البريد والبرق والتلفون 1,760,000 روبية، المجموع 9,409,540 روبية) فيما نصت المادة (6) على ان تقبل حكومة العراق على عاتقها مسؤولية القيام بتسديد كامل قيمة المرافق المعينة في المادة السابقة، لحكومة جلالة ملك بريطانيا، اما المادة التالية فقد نصت على (ان مبلغ الـ 9،409,540 روبية هذا يجب ان يشكل دينا يقتضي تسديده باقساط سنوية في خلال مدة معينة، ويعين مقدار هذه الاقساط على وجه يضمن دفع المبلغ الاصلي، مع فائدة سنوية قدرها (5) بالمئة في خلال عشرين سنة من تاريخ عقد هذه الاتفاقية.
ومن اجل الالمام بدوافع صاحب التوقيع المثبت في ذيل الاتفاقية، واقصد به رئيس وزراء العراق الذي عينه الاحتلال البريطاني، السيد عبد الرحمن النقيب، يحسن بنا ان نتعرف على طريقة تفكيره وابرز المبادئ التي كان يؤمن بها، والتي شكلت دافعا قويا له للتوقيع على هذه الاتفاقية التي علق عليها جل زعماء العراق آنئذ بقولهم انها باعت العراق لعقود طويلة قادمة، وهي الاسس التي ظلت بقية الاتفاقيات الثلاث تحملها وتحافظ عليها من دون مس، مع بعض التغييرات الطفيفة لذر الرماد في العيون وللانحناء امام كل عاصفة سياسية كانت تمر بالعراق، بسبب المواقف الوطنية الرافضة لها.
فرئيس وزراء العراق هو نقيب الاشراف وشيخ الاسلام والزعيم الروحي لاتباع الطريقة القادرية في العالم، السيد عبد الرحمن النقيب، عينه البريطانيون على راس اول حكومة شكلها الاحتلال بعد الغزو البريطاني للعراق.
والنقيب هذا هو الذي منح الانجليز فتوى شرعية بحقهم في حكم العراق، عندما وقف خطيبا امام المس بيل ليقول لها (خاتون، ان امتكم عظيمة ثرية وقوية، فاين قوتنا نحن؟ انني اعترف بانتصاراتكم، وانتم الحكام وانا المحكوم، وحين اسال رايي في استمرار الحكم البريطاني، اجيب انني من رعايا المنتصر، انكم، يا خاتون، تفهمون صناعة الحكم).
وقال لها (انكم بذلتم الاموال والنفوس في سبيل ذلك، ولكم الحق في ان تنعموا بما بذلتم) واضاف:
انه منع افراد اسرته من التدخل فيما لا يعنيهم، لكن الكثيرين من الناس جاؤوا يطلبون مشورته، فاجابهم ان الانجليز فتحوا هذه البلاد واراقوا دماءهم في تربتها وبذلوا اموالهم من اجلها، فلا بد لهم من التمتع بما فازوا به شان الفاتحين الاخرين.
وعندما احتلت بريطانيا العراق، وكلفت حكومتها السر ارنولد ولسن وكيل الحاكم المدني العام في العراق في آخر تشرين الثاني 1918 باستفتاء العراقيين في شكل الدولة التي يريدون اقامتها والرئيس الذي يختارونه لها، ولما ظهرت النتائج قرر ولسن ايفاد جيرترود بيل الى لندن لكي تشرح للمسؤولين وضع العراق ونتائج الاستفتاء، زارت المس بيل السيد عبد الرحمن النقيب في داره في شباط 1919 قبيل سفرها الى العاصمة البريطانية، فقال لها؛ ان الاستفتاء حماقة وسبب للاضطراب والقلاقل، واضاف؛ لو ان السر بيرسي كوكس موجود لما كانت هناك حاجة لاستفتاء الناس عن رايهم في مستقبل البلاد، ولام النقيب الحكومة البريطانية على تعيينها كوكس سفيرا لها في طهران، معتبرا ان هناك الف ومئة رجل بوسعهم ان يشغلوا منصب السفارة في طهران، ولكن ليس من يليق للعراق سوى كوكس الرجل الذي حنكته الايام والمعروف والمحبوب وموضع ثقة اهل العراق على حد رايه (يذكر ان النقيب كان يكره ان يرى احد انجال الشريف حسين حاكما في العراق).
وكان النقيب هذا يعارض كليا قيام حكومة عربية ويعتبر ان بحث الاستقلال العربي امر لا يستحق الاهتمام، وكان يرغب في ان يرى العراق تحت ادارة بريطانية يسندها جيش احتلال لا يقل تعداده عن (40) الفا، وكان يخشى من انتعاش الجمعيات السياسية العربية.
وعندما شن بعض البريطانيين في صحافتهم وفي مجلس العموم واللوردات حملة على الحكومة لاجبارها على سحب قواتها من العراق قال؛ (انه لا يفهم كيف تسمح الحكومة البريطانية باستمرار هذا الكلام المزعج) وحين حدد مسؤول انجليزي بقاء الاحتلال سنتين قبل ان يتقرر مصير (الامارة) قال النقيب هذا (لتكن اربع سنوات).
ولم يفت النقيب ان يذيل توقيعه على الاتفاقية بالعبارة التالية:
صاحب السماحة والفخامة السير السيد عبد الرحمن افندي جي بي أي رئيس الوزراء ونقيب اشراف بغداد، لا ادري لماذا؟ ولكن ربما لاعطاء الاتفاقية مسحة دينية وقدسية خاصة تحول دون تجرؤ احد من العراقيين الاعتراض عليها.
مما تقدم، ومن خلال البحث في شخصية النقيب هذا، يتضح جليا بانه قبل التوقيع على مثل هذه الاتفاقية التي اسست للاحتلال وتاليا للانتداب بسبب تلهفه للسلطة التي كان يطلبها باي ثمن، حتى لو كان استقلال العراق وسيادته، ولذلك فهو كان يردد كل قول او موقف يعتقد بان بريطانيا تحب سماعه او تلمسه من الشخصيات العراقية، بمعنى آخر فان النقيب قايض السلطة بالسيادة والاستقلال، ربما لانه كان من (الاقلية) التي لا تستطيع عادة ان تحكم بلد ما من دون الاستعانة بالاجنبي وتاليا بالاستبداد والارهاب والتعسف والبطش.
بعد هذه الاتفاقية تتالت الاتفاقيات الثلاث الاخرى، والتي، كما قلنا آنفا، لم تخرج عن الخط العام الذي حددته الاتفاقية الاولى، فقد وقع السيد عبد المحسن السعدون اتفاقية عام 1926 { والسعدون هذا كان يعتقد بان مفهوم الوطنية لم يتبلور بعد في العراق، وان اهل العراق لم يكونوا شعبا واحدا بل شعوبا متباينة، كما ان العراق محاط بالاعداء من كل جانب، ولهذا فمصلحة العراق مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتعاون مع الانجليز، وعلى هذا قبل بان يوقع على الاتفاقية بالرغم من شدة المعارضة، وقبح بنودها، وهو القائل عنها ( اننا كالاطفال الذين يبحثون عن مربية، فانعم الله عليهم بام فاضلة ستاخذهم الى طريق الكرامة والاخلاق، وهذه الام هي بريطانيا، وهذا ما ستقوم به المعاهدة)}.
ووقع السيد حعفر العسكري على اتفاقية عام 1927 في العاصمة البريطانية لندن بعد ان تعذر توقيعها في بغداد بسبب شدة المعارضة التي واجهتها من قبل الوطنيين الذين كانوا يرون في كل هذه الاتفاقيات تكريس لمبادئ (كوكس- النقيب) المعروفة والتي كرست نظام حكم (الاقلية) في العراق، مهما تعددت وتكررت مرات التوقيع عليها، اذ يبقى المضمون واحد والجوهر لم يتغير.
اما آخر معاهدة فقد وقعها السيد نوري السعيد في العام 1930 والتي تم بموجبها تمديد الانتداب البريطاني على العراق لمدة (25) عاما.
وهي المعاهدة التي تعذر توقيعها في بغداد فوقعت في لندن، ولشدة معارضة العراقيين لها، وانعدام امكانية تمريرها في المجلس النيابي، اقدمت وزارة نوري السعيد على حل المجلس النيابي في الاول من تموز سنة 1930، اذ لم تجد فيه ما يسوغ الاعتماد عليه في امرار هذه المعاهدة منه، وشرعت في انتخاب مجلس جديد، والفت حزبا لها دعته (حزب العهد العراقي) لاقرار المعاهدة وما يتبعها من ذيول ومراسلات ونحوها، فكان للحزب (70) مقعدا في المجلس من اصل (88) مقعدا.
يقول الحسني عن ظروف تمرير المعاهدة:
{دعي المجلس الجديد الى عقد جلسته السابعة في تاريخ غير متفق عليه من قبل، وهو يوم الاحد الموافق 16 تشرين الثاني 1930، وانتشرت الدوريات المسلحة استعدادا للطوارئ.
وكان الحزب الحكومي قرر قبل يوم وجوب التعاون مع بريطانيا العظمى على اساس قبول هذه المعاهدة، فما كاد رئيس المجلس يعلن افتتاح الجلسة حتى ناوله رئيس الوزراء هذا الاقتراح؛
لما كانت نصوص المعاهدة العراقية البريطانية المنعقدة في 30 حزيران 1930 قد نشرت للراي العام منذ مدة طويلة، وكانت انتخابات مجلس النواب قد جرت على اساس استفتاء الشعب فيها، اقترح على المجلس الموقر ان يوافق على المذاكرة فيها على صورة مستعجلة.
وتلى رئيس المجلس النيابي اقتراح رئيس الوزراء فقبلته الاكثرية (العهدية) حزب رئيس الوزراء، فكانت جلسة تاريخية دامت اربع ساعات، واسفرت عن قبول المعاهدة باكثرية (69) صوتا ضد (13) صوتا من المعارضين، وتغيب عن الجلسة خمسة نواب}.
ولم يعثر على ملحق سري لهذه المعاهدة الا بعد ان دالت ايام نوري السعيد، وتالفت الوزارة الشوكية في يوم 6 من تشرين الثاني علم 1932، ويقول السيد الحسني انه لم يكن قد اطلع احد على هذا الملحق في حينه، لا الملك فيصل ولا مجلس وزرائه، ولا برلمان البلاد ولا صحافتها، ولذلك جوبهت هذه المعاهدة باستنكار شديد من قبل الشعب العراقي، الذي عدها احتلالا دائميا للعراق بعد ان كانت البلاد خاضعة لنظام الانتداب المؤقت، على حد وصف المؤرخ العراقي السيد عبد الرزاق الحسني الذي يضيف:
على ان الطعن في هذه المعاهدة لم يقتصر على العراقيين حسب، فان بعضا من اعضاء (لجنة الانتدابات الدائمة) في عصبة الامم كان يرى ان قبول العراق لهذه المعاهدة سيجعله، تحت الحماية البريطانية، كما ان مسيو رابار عضو اللجنة المذكورة قال ( وانا شخصيا لا احب ان ارى بلادي تدخل في مثل هذا التعهد الذي قبله العراق على نفسه).
وعندما حاول السيد صالح جبر رئيس وزراء العراق في العام 1948 (وهو الوحيد الذي ينتمي الى الاكثرية العراقية، والذي حاول تصحيح مسار الاتفاقيات الاربعة الماضية من خلال توقيعه على المعاهدة الخامسة) حذف الانتداب من الاتفاقية الرابعة، من خلال اقناع لندن بالتوقيع على نص خامس، حرك البريطانيون الشارع العراقي بشعارات الحزب الشيوعي العراقي متهمين جبر بسعيه لشرعنة الاحتلال البريطاني، وانه وقع على محاضر سرية لم يطلع عليها احد، فكان الشارع العراقي ضحية مؤامرة كبيرة وضحية عملية تضليل واسعة حاكتها بريطانيا بخيوط الشيوعيين آنذاك، والذين اتهموا، فيما بعد، باليمينية على لسان رفاقهم اليساريين الاخرين في الحزب.
ومن اجل ان اكون دقيقا في نقل صورة الواقع العراقي آنذاك، آثرت ان انقل النص التالي من كتاب (اعلام السياسة في العراق الحديث) للمؤلف العراقي المعروف مير بصري.
يقول الكاتب في الصفحة (210) ما نصه:
ذهب صالح جبر الى لندن على راس وفد عراقي وفاوض وزير الخارجية البريطانية ارنست بيفن بشان استبدال المعاهدة العراقية البريطانية لسنة 1930، وقد وقع في 15 كانون الثاني 1948 معاهدة تحالف، انتبه الى التسمية والتي دخلت في قاموس الاتفاقيات بين العراق وبريطانيا لاول مرة منذ عهد الاحتلال، مع بريطانية امدها عشرون سنة في ميناء بورتسموث، ومآلها تحالف الدولتين على اساس المساواة والعدل (وهي العبارة التي لم يرد ذكرها في الاتفاقيات الاربع الاولى) على ان لا يتخذ اي فريق من الفريقين سياسة خارجية تنافي مصالح الفريق الاخر، وهو امر جديد في الاتفاقيات، ونصت ايضا على تاليف مجلس دفاع مشترك، وعدم استعمال القواعد الجوية في العراق في حالة الحرب او خطر الحرب الا بموافقة الحكومة العراقية (وهو النص الذي لم يرد، كذلك، في اي من الاتفاقيات الاربع الاولى).
وعندما اسقطت (التظاهرات) الاتفاقية والحكومة، نجحت بريطانيا في اقناع الراي العام العالمي والبريطاني تحديدا باحقية الانتداب الذي ثبت من خلال (التظاهرات) ان العراقيين يرغبون به اكثر حتى من البريطانيين انفسهم، فهو مطلب عراقي قبل ان يكون مطلبا بريطانيا.
بمعنى آخر، فان الانجليز مرروا الاتفاقية في لندن واسقطوها في بغداد، لتبرئة ذمتهم.
كما نجحت الاقلية في العراق في افشال مسعى الاكثرية، طبعا حسب المصطلح السائد آنئذ، في تصحيح مسار العملية السياسية والتفاوضية مع (الاحتلال البريطاني) فلم يسجل لصالحها شئ يذكر.
ما يثير الريبة حقا، هو، لماذا الغت واسقطت (التظاهرات) اتفاقية وحكومة عام 1948، فيما لم تستطع (التظاهرات) فعل الشئ نفسه في حكومات ومعاهدات 1922 واخواتها؟.
وتلت هذه الاتفاقيات عقد عدد من المعاهدات المشبوهة منها معاهدة سعد آباد عام 1937 وحلف بغداد عام 1955 وبينهما اتفاقات احتكار البترول العراقي الذي منح الشركات البريطانية حق الامتياز وذلك في العام 1925، وهي الاتفاقيات التي يمكن تسميتها باتفاقيات (النفط مقابل السلطة) والتي اهتدت اليها الاقلية في العراق، بعد ان رات فيها الطريق الوحيد للبقاء في السلطة في العراق على غرار ما فعله (آل سعود) في الجزيرة العربية، وتاليا كل الاسر الحاكمة في دول الخليج الحالية.
يتبعه الجزء الثالث والأخير من القراءة
هناك تعليقان (٢):
حمودي سكت وكام نزار حيدر يحجي وينشر والله اشكول حمودي الختلة بعد تفيد انعرفت وعرفوك والمدير حرمته من روحة الحج وعلمود هاي السالفة راح ينعل امك وابوك
خطية المدير
موهستوة رجع من حج شارع الهرم
ما يصير
وكبل جم يوم جان يحج شارع الحمرا
إرسال تعليق