وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الجمعة، تشرين الثاني ١٤، ٢٠٠٨

إعلام الدولة والإعلام الخاص.. المشاهد بين شاشتين

ننشر جانبا من ندوة عقدت على هامش مهرجان القاهرة للاعلام العربي المنعقد حاليا والذي يشارك فيه وفد كبير (عددا ) من شبكة الأعلام العراقية .. ورغم هذا فهناك غياب واضح للعراق في مثل هذه المشاركات؟!
المشاركون فى الندوة:
- عبد اللطيف المناوي أمين لجنة الإعلام والندوات بالمهرجان (مديراً للندوة).
- عادل درويش صحافي.
- حافظ المرازي نائب رئيس قناة الحياة.
- ونخلة الحاج مدير الأخبار بقناة العربية.
- يسري فودة الإعلامي بقناة الجزيرة.
- سعد العجمي وزير الإعلام الكويتي الأسبق.
- فاطمة بن حوحو الإعلامية الجزائرية.
ـــــــــــ
قدم عبد اللطيف المناوي أمين لجنة الإعلام والندوات بالمهرجان الندوة بشكل موجز، قال فيه إن الإعلام الخاص ظهر بقوة في الفترة الأخيرة، خاصة وأننا اعتدنا في السنوات الماضية على "وجود صوت واحد"؛ ولكن مع التطور السياسي والاقتصادي الذي شهدته المنطقة في العقد الأخير، ظهرت "حالة من الحرية في الدول العربية أدت إلى فرض حالة من حالات الانفتاح الإعلامي"؛ مؤكداً أن التعبير الذي يعتبر العالم "قرية صغيرة" بات واقعاً بالفعل.
وقال المناوي، باعتبار أن التجربة ليست مصرية.. بل عربية، لذا نفتح الموضوع عربياً من خلال إعلاميين عرب ومصريين لهم خبرات بالخارج.
وأخذ الكلمة أ. عادل درويش محرر الشئون البرلمانية في صحيفة الـ "ديلي ميل" الذي أكد أن المجتمعات الناطقة باللغة العربة لم تصل إلى مرحلة التصنيع الكامل سواء في الصحافة أو التلفزيون- باعتبارها سلعة ينتجها الإعلاميون "ويشتريها المشاهد".
القطاع الخاص وحملة الأسهم لا يتحملوا التكاليف الباهظة لصناعة الإعلام:
وتحدث عن التكاليف الباهظة لصناعة الإعلام المرئي و المسموع أو المكتوب، ضارباً مثالاً على ذلك بتغطية حرب جورجيا؛ ومن أجل ذلك قال درويش إنه لابد من مساهمة الدولة.. لكن مع تحقيق معادلة الاستقلالية. وأضاف أنه نظراً للتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم الآن، باتت القنوات تقلص من حجم الإنتاج، وتغير من شكل الإنتاج.
تجربة الـ BBC:
وعن ذلك قال درويش إن راديو وتلفزيون الـ BBC استطاع تحقيق المعادلة الصعبة بين التمويل والحرية الإعلامية.. وهو ما أعطى الشبكة الاستقلالية والقوة التي مكنتها من المعارضة لدرجة أنها كانت تستضيف في برامجها رجال الدولة والساسة "وتحاكمهم" عن نهجهم.. وهو ما جعل توني بلير- على سبيل المثال- رئيس الوزراء البريطاني السابق لم يظهر بها سوى مرتين اثنتين فقط، وجعل مارجريت تاتشر لا تظهر بها ولو لمرة واحدة.
الحرية والمسئولية، وهل هناك توازن أو حيادية:
كما تناول درويش قضية الحرية والمسئولية، والتوازن و الحيادية؛ وضرب مثالاً على ذلك باستضافة رئيس تحرير صحيفة القدس وإحدى الشخصيات الإسرائيلية (من أجل التوازن)، وعرض وجهتي النظر دون إبداء (لتحقيق الحيادية).
تجربة مصر الصحافية:
وانتقد درويش تجربة مصر الصحافية، قائلاً إنه رغم وجود عدد كبير من الصحف المعارضة التي تكتب ضد الدولة، إلاّ أن ذلك ليس معناه الحرية الصحافية؛ ففي بريطانيا يتم معاقبة مثل هؤلاء.
وأضاف درويش أنه مع هذا الكم الكبير من الصحف المصرية "أتمنى لو نصل إلى مرحلة يوجد فيها ولو صحيفة واحدة تفصل بين مقالات الرأي والأخبار".. لكن ما هو موجود على الساحة الآن ذات طابع حكومي- مثال الأخبار والأهرام أو الجمهورية، أو حف معارضة ينفق عليها حزب ما مثل الأهالي أو الوفد.. وغيرها من الصحف الحزبية. وأكد درويش أهمية وجود ولو صحيفة واحدة مستقلة عن التبعية في بلد مثل مصــر.
وتعقيباً على رأي درويش، قال المناوي مدير الندوة إن ذلك لن يتحق إلاّ بفصل الإدارة عن التحرير.
المرازي: ليس صحيحاً إعلام الدولة هو اعلام الحكومة
من جانبه، أشار حافظ المرازي إلى تجربة صحيفة المصري اليوم باعتبارها صحيفة مستقلة وتحقق أرباحاً، كما أن هناك بوادر للصحافة المستقلة أيضاً مثل "صحيفة الشروق"، موضحاً أن المشكلة تكمن في مجتمعاتنا العربية التي ترسخ لديها مفهوم خاطئ بأن إعلام الدولة هو إعلام الحكومة.. وهذا غير صحيح، فالـ BBC إعلام دولة لكنه ليس إعلام حكومة، مشيراً أيضاً إلى تجربة وليدة فى بيئة عربية كالعراق تحاول أن تحتذي بنموذج أمريكي، فهي عبارة عن هيئة إعلامية يعينها البرلمان العراقي وهذا لا يعني أنها تابعة للحكومة.
وقال أن أي مديح لإعلام الدولة ليس معناه أنه موجه للحكومة، وفى الوقت نفسه لا يمنع هذا الحكومة من أن يكون إعلام خاص- مثل الصحف الصادرة عن الحزب الوطني.
كما تطرق إلى نقطة هامة، وهي اقتصاد السوق الذي لم يصل إلى حد الكمال، فنسبة المساهمة للقطاع الخاص يجب ألا تزيد عن نسبة 10 % للمالك- ومن يرثه وهذا غير مطابق للواقع، ففى العالم كله لا تزيد هذه النسبة عن 2% وهذا يحمى من إمكانية إساءة استخدام هذه الملكية.
المرازي: قناة الجزيرة لا تعد إعلاماً خاصاً:
وأضاف المرازي أن قناة الجزيرة لا تعد إعلاما خاصاً فهي بدون الإعانات الحكومية لا تستطيع أن تستمر، موضحاً أن الجزء التجاري في قناة الجزيرة يحاول الاستقلال عن الحكومة ولكن في النهاية لا يوجد في العالم العربي حتى الآن قنوات إخبارية مستقلة.
وفى المقابل، ضرب المرازي مثالاً بتجربة قناة CNN و FOXNEWS ، قائلاً إنه إعلام أمريكي مستقل ناجح ويحقق كسباً تجارياً وبالتالي فإنه يمكن للإعلام الإخباري الخاص والمستقل أن يحقق أرباحاً، والدليل على ذلك أنه في عالمنا العربي تجذب برامج "التوك شو" السياسية الإعلانات، فمن يردد أن الأخبار لا تحقق ربحاً مخطئ حيث يحاول البعض إبعاد الاستقلالية عن القنوات الإخبارية.
وأوضح المرازي أن ما نعيشه الآن من استقلالية في عمليات البث الفضائي بدون أي وسيط أتاح الفرصة لإنشاء محطات تعتمد على اشتراكات الجمهور وتبتعد عن الحكومة مع ضمان أن تحقق نجاحاً وأرباحاً، ولكن للأسف هناك بعض القنوات تحاول أن "تجمع بين الحسنيين" فتأخذ اشتراكات من الجمهور وفى الوقت نفسه تبث لهم الإعلانات وهذا ممنوع في كثير من دول العالم.
وتعقيباً على المرازي تساءل المناوي هل بالفعل يمكن أن تكون القنوات الإخبارية عملاً إعلاميا مربحاً؟ وهل يمكن أن تعتمد قناة إخبارية على الاشتراكات أو التمويل الخاص دون تدخل الدولة؟.. مؤكداً أن الحكومة جزء من الدولة وليست هي الدولة.
نخلة الحاج: الإعلام الحكومي هو السائد بالعالم العربي:
ويرى نخلة الحاج مدير الأخبار بقناة العربية إن معظم مؤسسات الإعلام في العالم العربي ليس إعلام دولة وإنما إعلام حكومي، وإن هناك ميزة للإعلام الحكومي على حساب الإعلام الخاص.. وهي التمتع بترددات هوائية خاصة؛ لكن التلفزيون الرقمي لم ينتشر بعد لإتاحة تقنيات تسمح بتجاوز ترددات الـ UHF ، فالحكومة تملك وتدفع وتشرع وتراقب، وهذه أوضاع يجب تغيرها.
وأضاف أن هناك حرصاً على تشجيع اقتصاد السوق لأنه يحرك ويطور الرسالة الإعلامية ويجعل التلفزيون بعيداً عن الدعاية السياسية للحكومات، وأعتقد أننا قطعنا شوطاً في هذه الأمور مستفيدين من التشريعات.
أين الشفافية في الإنفاق على الإعلام الحكومي:
ثم طرح الحاج تساؤلاً عن مهام ووظائف وزراء الإعلام العرب في هذا المجال، متسائلاً عن الشفافية في الإنفاق على الإعلام الحكومي.
وعلق المناوي بقوله: هل يمكن اعتبار الإعلام الخاص مستقلاً فعلاً أم وراءه دوافع سياسية، "بمعنى إلى أي مدى يلتزم الإعلام بالشفافية".
فودة: التطور في الإعلام الإلكتروني حدث رغم أنف الحكومات العربية:
وأشار يسري فودة الإعلامي بقناة الجزيرة أن التطور الذي حدث في مجال الإعلام الإلكتروني حدث قسراً.. رغم أنف الحكومات العربية، وبغض النظر عن الأسباب يعد هذا التطور محاولة للتكيف مع ظروف الواقع في ظل الأمية المنتشرة في العالم العربي وضعف الإقبال على شراء الصحف المطبوعة والكتب، بسبب محدودية القدرة الاقتصادية.
فودة: الاستقلالية حلم بعيد المنال.. فمن يدفع يملك:
ويرى فودة أنه منذ السبعينيات- عندما تحولت لندن إلى عاصمة للصحافة العربية- بدأت المحطات الفضائية في الظهور وازدادت أهمية الإعلام المرئي مع اندلاع حرب الخليج حيث تابع العالم وقائع الحرب عبر الـ CNN، ومع انتشار الفضائيات أصبح المشاهد العربي يتابع نفس الحدث على عدد من القنوات في وقت واحد. وقال إنه من الصعب أن توجد صحيفة مستقلة تماماً لأن من يدفع يملك، لذا الاستقلالية التامة "حلم بعيد المنال".
وقال فودة إن الصحافي الآن أكثراً حظاً من ذي قبل لأن هناك صحف متعددة ومتنوعة الاتجاهات وهامش كبير من الحرية، وهناك بدائل عديدة من وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى تجربة الإعلام الإلكتروني التي لم تنضج بعد، وأنه لا يمكن الحكم الآن على تجربة الإعلام الخاص بمعزل عن الواقع.
تجربة تحرير إعلام الدولة:
وعن تجربة تحرير إعلام الدولة تحدث سعد العجمي وزير الإعلام الكويتي السابق الذي دعا في عهده إلى إلغاء وزارة الإعلام الكويتية، قائلاً إنه ليس من المعقول الآن احتكار المعلومات وحجبها عن الإعلاميين في عصر السماوات المفتوحة، وبالتالي لا أرى ضرورة لوجود وزارة للإعلام.
العجمي: تقنين الممارسة الإعلامية من خلال ضوابط وليس قيود
وأكد العجمي إنه يجب تقنين الممارسة الإعلامية من خلال ضوابط وليس قيود؛ ولا بد من تحديد الخط الفاصل بين الحرية والفوضى، مشيراً إلى ضرورة وجود تشريعات واضحة تتعلق بالصحف الإلكترونية عبر الإنترنت التي تعد جنيناً لا يزال في طور التشكل.
بن حوحو: الإعلامي الحكومي موظف:
تحدثت فاطمة بن حوحو الإعلامية الجزائرية عن تجربتها الإعلامية قائلة، إن تجربة الإعلام الحكومي رسخت بداخلها مبادئ وضوابط الرقابة الذاتية على أدائها الإعلامي، ولكن هناك نقطة سلبية هي أن الإعلامي يعد موظف حكومة "له راتب شهري"، وهذا لا يشجعه على تطوير الأداء والمهارات.
وانتقلت بن حوحو إلى تجربة العمل في قناة الـ MBC باعتبارها "أول قناة خاصة انطلقت من لندن لكنها كانت تابعة للمملكة العربية السعودية"؛ فقالت إنها شخصياً اصطدمت بالواقع، لأنها لاحظت أن هناك صراعاً بين السلطة ورأس المال الممول للبرامج الإعلامية، ينعكس إيجاباُ وسلباً على الخدمة الإعلامية.
وفي نهاية الندوة، فرضت بعض التساؤلات حول إعلامنا العربي، مثل: هل هو إعلام فاشل على الرغم من وجود أسماء إعلاميين كبار في العديد من القنوات الخاصة؟، وهل من الضروري أن يكون هناك إعلام يسمي بإعلام الدولة أو إعلام حكومي أو إعلام استقلالي- كل على حدى؟، ولماذا لا يوجد حتى الآن إعلام عام بشكل كامل يطرح كل الأشياء للوصول إلى درجة النضج؟
وعن ذلك، عقب الأستاذ درويش أن التجربة الإعلامية الحالية تشهد تطوراً مستمراً، وأنه في المستقبل القريب سيتم أيضاً تطوير بشكل أكبر وأعمق.
سعد العجمي: إعلامنا بالفعل فاشل والإعلام الخاص له مستقبل:
وأكد أستاذ سعد إن إعلامنا بالفعل إعلام فاشل والإعلام الخاص له مستقبل- وهو ما دعاه إلى الاستقالة من الإعلام الحكومي والاتجاه للإعلام الخاص.
وردت بن حوحو: إن موضوع الفشل والنجاح هو المعيار الرئيس في الوقت الراهن ويقاس بالمصداقية، مطالبة أن يكون التدخل بغض النظر عن وضع الشخص أو الجهة التي يتبعها يصل إلى الإعلام الحر. وفي نهاية الندوة، علق المناوي أنه من المهم أن يكون في هذه المرحلة مراقبة التجربة الإعلامية المصرية مع الإشارة إلى إعطاء مساحة أكبر لتعديل مفهوم الملكية في الإعلام العام متمنياً الوصول إلى إعلام الدولة بمفهوم الدولة وليس بمفهوم الحكومة.

ليست هناك تعليقات: