د. محمد عاكف جمال
1. "اننا لا نريد إعلاماً مطبلاً ومادحاً للحكومة ويتستر على عيوب المسؤولين وعلى المفسدين لان ذلك يفسح المجال لظهور طغاة وفراعنة".
2. "لقد ورثنا فكرة يجب أن نعمل على تغييرها وهي ضعف الثقة بين السياسي والإعلامي وان نؤسس لتبادل الثقة بينهما لان من حق الإعلامي كشف الحقائق والوصول اليها ومن حق السياسي ان يرى الإعلامي يتحدث عن إنجازاته التي فيها تحقيق المصلحة الوطنية".
هاتان الجملتان اللتان وردتا في خطاب السيد رئيس الوزراء العراقي أمام الإعلاميين في الثالث والعشرين من أيلول المنصرم، أثارتا إهتمام المراقبين وإستخدمتا مدخلاً لمناقشة ما أراد المالكي إيصاله للإعلاميين. والحقيقة إن هذه المداخلات رغم ما حوته من نقد شديد للسيد المالكي تثري هذا الموضوع الهام وهو العلاقة بين السياسي والإعلامي خاصة في العراق الحديث العهد بالتجربة الديموقراطية.
بداية لا بد من الإشارة إلى أن معظم السياسيين في العالم العربي تنقصهم الدقة في التعبير خاصة حين يكون ما يدلوا به مرتجلاً. وقد يكون البعد عن الدقة عند الإدلاء بتصريح أو توجيه خطاب، في بعض الأحيان، سبباً في سماع تعليقات ليست في صالح السياسي أو سبباً في خلق أزمة سياسية تضطره أو تضطر الناطق بإسمه إلى إعادة صياغة ما أدلى به.
كان الإعلام باهتاً منافقاً لا رونق له في ظل الأنظمة السابقة في العراق لأنه كان تابعاً للحكومة وطبالاً لها ومسبحاً بحمدها، إلا أن الدستور العراقي الجديد رغم سلبياته قد حرر المؤسسة الإعلامية من التبعية للحكومة وألغيت وفق ذلك وزارة الإعلام.
السياسي والإعلامي ينتميان إلى مؤسستين منفصلتين العلاقة بينهما يحكمها الدستور، والحديث عن بناء أواصر الثقة بينهما قد يكون حديثاً في غير محله. فما المقصود بالثقة بين السياسي والإعلامي التي أشار إليها السيد المالكي؟.
إن كانت الثقة تعني الشفافية فهذا حلم لم يطاله أحد حتى الآن، ففي جميع بلدان العالم الديموقراطية لا يتصرف السياسي بشفافية مطلقاً فهو يحرص على الظهور مزهواً أمام وسائل الإعلام ليزف خبراً يعزز من رصيده السياسي، إلا أنه يتهرب منها في موقف آخر. بل نراه يلجأ إلى إستخدام مختلف الوسائل لوضع الخبر في صيغة ويختار توقيتاً للتخفيف من وقعه. وفي أحيان كثيرة يسعى إلى كتمه والتعتيم عليه. فما يتسرب إلى الإعلام عن طريق السياسي يخضع لحسابات الربح والخسارة في رصيده السياسي. وليس معروفاً كم هي الفضائح المالية والجنسية والسياسية التي تلوث بها سياسيون كبار في مختلف دول العالم وبقيت طي الكتمان، نجح الإعلام في كشف بعضها ولعل أشهرها هو علاقة وزير الدفاع البريطاني المحافظ مع الفنانة كريستين كيلر في مطلع ستينات القرن المنصرم والتي أدت إلى إستقالة الوزير، وفضيحة ووترغيت التي أجبر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على الإستقالة بسببها.
وإن كانت الثقة تعني المصالحة بين الإثنين فهي صفقة الخاسر فيها الرأي العام، والحقيقة إن السيد المالكي قد وقع في تناقض واضح مع نفسه، ففي الجملة الأولى التي إقتبسناها من خطابه يشيد بإعلام حر لا يرحم مفسداً أو مسيئاً مهما بلغت مكانته في الدولة في حين يفهم القارئ من الجملة الثانية غير ذلك.
وإن كانت الثقة تعني الإنصاف فلا جدال في ذلك فالسياسي ينبغي أن يُنصف حين تثقل كفة إنجازاته.
الثقة تُبنى على أسس المصلحة الوطنية فقط وهو قيام كل طرف بالواجبات التي تفرضها عليه طبيعة مهنته والتمتع بكامل الحقوق التي منحها الدستور.
السياسي هو من تسلط عليه الأضواء لأنه في قلب الأحداث وهو صانعها، الثقة به لا تعني عدم مراقبته ونقده ومحاسبته، لذلك وضعت جميع الدساتير في الدول الديموقراطية أكثر من رقيب عليه.
المجلس النيابي هو الرقيب على سياسة السلطة التنفيذية التي يقودها رئيس الوزراء وهذا المجلس لديه سلطات إستدعاء أياً منهم للمساءلة والإقالة عند الضرورة. أما الإعلام فهو رقيب على مجلس الوزراء ورقيب على المجلس النيابي ورقيب على مجلس الرئاسة كذلك ولكن ليست لديه سلطة إجرائية سوى القدرة على تحشيد الرأي العام وهذا بالضبط ما يخيف السياسي ويرعبه لأنه يرى في الإعلام وصياً خطراً على رصيده السياسي.
وينبغي هنا الإشارة إلى ما هو مشترك بين السياسي والإعلامي وهو لفت إنتباه الرأي العام وإبهاره. فالسياسي يظهر مزهواً بحدث أنجزه والإعلامي يظهر مزهواً بحدث كشفه، إنه نداء المهنية العالية لدى الطرفين.
كما ينبغي الإلتفات نحو ناحية ثانية وهي أن الرأي العام، في كل بقاع الأرض، أكثر إستعداداً وميلاً لسماع أخبار الفضائج بمختلف أنواعها فهي تنتشر إنتشار النار في الهشيم، وهذه الميزة، على أية حال، ليست مسؤولية الإعلام.
2. "لقد ورثنا فكرة يجب أن نعمل على تغييرها وهي ضعف الثقة بين السياسي والإعلامي وان نؤسس لتبادل الثقة بينهما لان من حق الإعلامي كشف الحقائق والوصول اليها ومن حق السياسي ان يرى الإعلامي يتحدث عن إنجازاته التي فيها تحقيق المصلحة الوطنية".
هاتان الجملتان اللتان وردتا في خطاب السيد رئيس الوزراء العراقي أمام الإعلاميين في الثالث والعشرين من أيلول المنصرم، أثارتا إهتمام المراقبين وإستخدمتا مدخلاً لمناقشة ما أراد المالكي إيصاله للإعلاميين. والحقيقة إن هذه المداخلات رغم ما حوته من نقد شديد للسيد المالكي تثري هذا الموضوع الهام وهو العلاقة بين السياسي والإعلامي خاصة في العراق الحديث العهد بالتجربة الديموقراطية.
بداية لا بد من الإشارة إلى أن معظم السياسيين في العالم العربي تنقصهم الدقة في التعبير خاصة حين يكون ما يدلوا به مرتجلاً. وقد يكون البعد عن الدقة عند الإدلاء بتصريح أو توجيه خطاب، في بعض الأحيان، سبباً في سماع تعليقات ليست في صالح السياسي أو سبباً في خلق أزمة سياسية تضطره أو تضطر الناطق بإسمه إلى إعادة صياغة ما أدلى به.
كان الإعلام باهتاً منافقاً لا رونق له في ظل الأنظمة السابقة في العراق لأنه كان تابعاً للحكومة وطبالاً لها ومسبحاً بحمدها، إلا أن الدستور العراقي الجديد رغم سلبياته قد حرر المؤسسة الإعلامية من التبعية للحكومة وألغيت وفق ذلك وزارة الإعلام.
السياسي والإعلامي ينتميان إلى مؤسستين منفصلتين العلاقة بينهما يحكمها الدستور، والحديث عن بناء أواصر الثقة بينهما قد يكون حديثاً في غير محله. فما المقصود بالثقة بين السياسي والإعلامي التي أشار إليها السيد المالكي؟.
إن كانت الثقة تعني الشفافية فهذا حلم لم يطاله أحد حتى الآن، ففي جميع بلدان العالم الديموقراطية لا يتصرف السياسي بشفافية مطلقاً فهو يحرص على الظهور مزهواً أمام وسائل الإعلام ليزف خبراً يعزز من رصيده السياسي، إلا أنه يتهرب منها في موقف آخر. بل نراه يلجأ إلى إستخدام مختلف الوسائل لوضع الخبر في صيغة ويختار توقيتاً للتخفيف من وقعه. وفي أحيان كثيرة يسعى إلى كتمه والتعتيم عليه. فما يتسرب إلى الإعلام عن طريق السياسي يخضع لحسابات الربح والخسارة في رصيده السياسي. وليس معروفاً كم هي الفضائح المالية والجنسية والسياسية التي تلوث بها سياسيون كبار في مختلف دول العالم وبقيت طي الكتمان، نجح الإعلام في كشف بعضها ولعل أشهرها هو علاقة وزير الدفاع البريطاني المحافظ مع الفنانة كريستين كيلر في مطلع ستينات القرن المنصرم والتي أدت إلى إستقالة الوزير، وفضيحة ووترغيت التي أجبر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على الإستقالة بسببها.
وإن كانت الثقة تعني المصالحة بين الإثنين فهي صفقة الخاسر فيها الرأي العام، والحقيقة إن السيد المالكي قد وقع في تناقض واضح مع نفسه، ففي الجملة الأولى التي إقتبسناها من خطابه يشيد بإعلام حر لا يرحم مفسداً أو مسيئاً مهما بلغت مكانته في الدولة في حين يفهم القارئ من الجملة الثانية غير ذلك.
وإن كانت الثقة تعني الإنصاف فلا جدال في ذلك فالسياسي ينبغي أن يُنصف حين تثقل كفة إنجازاته.
الثقة تُبنى على أسس المصلحة الوطنية فقط وهو قيام كل طرف بالواجبات التي تفرضها عليه طبيعة مهنته والتمتع بكامل الحقوق التي منحها الدستور.
السياسي هو من تسلط عليه الأضواء لأنه في قلب الأحداث وهو صانعها، الثقة به لا تعني عدم مراقبته ونقده ومحاسبته، لذلك وضعت جميع الدساتير في الدول الديموقراطية أكثر من رقيب عليه.
المجلس النيابي هو الرقيب على سياسة السلطة التنفيذية التي يقودها رئيس الوزراء وهذا المجلس لديه سلطات إستدعاء أياً منهم للمساءلة والإقالة عند الضرورة. أما الإعلام فهو رقيب على مجلس الوزراء ورقيب على المجلس النيابي ورقيب على مجلس الرئاسة كذلك ولكن ليست لديه سلطة إجرائية سوى القدرة على تحشيد الرأي العام وهذا بالضبط ما يخيف السياسي ويرعبه لأنه يرى في الإعلام وصياً خطراً على رصيده السياسي.
وينبغي هنا الإشارة إلى ما هو مشترك بين السياسي والإعلامي وهو لفت إنتباه الرأي العام وإبهاره. فالسياسي يظهر مزهواً بحدث أنجزه والإعلامي يظهر مزهواً بحدث كشفه، إنه نداء المهنية العالية لدى الطرفين.
كما ينبغي الإلتفات نحو ناحية ثانية وهي أن الرأي العام، في كل بقاع الأرض، أكثر إستعداداً وميلاً لسماع أخبار الفضائج بمختلف أنواعها فهي تنتشر إنتشار النار في الهشيم، وهذه الميزة، على أية حال، ليست مسؤولية الإعلام.
هناك تعليق واحد:
لك انت فد واحد عاوي وكاضي لك ياسياسي يافساد خلي الناس تلغف اشبيكم
إرسال تعليق