فيينا (30 تشرين أول/أكتوبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
اعترف رئيس هيئة النزاهة في العراق رحيم حاسن العكيلي بأن الهيئة ما تزال غير محصنة سياسياً، وتتعرض لسلسلة من الضغوط من قبل أحزاب وقوى وتنظيمات سياسية توفر لمرتكبي جرائم الفساد الغطاء المطلوب، الامر الذي يعرقل عملها في تكريس القانون ومكافحة آفة الفساد المستشرية في مختلف الدوائر والأجهزة الحكومية، على حد وصفه ورأى العقيلي وهو قاضِ ومحامٍ سابق أن "فقدان الإرادة السياسية الكاملة، وانخراط جهات سياسية نافذة في التورط بقضايا فساد تجعل هيئة النزاهة العراقية تقف مكتوفة الأيدي ومواجهة تحديات مصيرية". وتابع وفي حديث لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "هيئة النزاهة التي تأسست في العراق في العام 2005، هي بأمس الحاجة إلى الدعم السياسي من قبل كافة الأطراف السياسية المعنية في البلاد، وليس إلى التدخل السياسي، الذي يحبط عملها التشريعي والتربوي والتعليمي، ويجمّد نشاطها ويعرقل تنفيذ المهام الموكولة إليها وفي طليعتها تطبيق القانون ومكافحة الفساد في مختلف الدوائر التابعة للقطاعين العام والخاص". وأنحى العكيلي، المشارك ضمن وفد بلاده في المؤتمر الدولي لمراجعة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والذي أنهي أعمال دورته الرابعة في مقر الأمم المتحدة في فيينا اليوم، باللائمة على عجز قوات التحالف التي وصفها بـ "قوات الاحتلال" و"ضعف القوات العراقية في توطيد الأمن والاستقرار في بعض المناطق والمحافظات التي يعاني سكانها من آفة الفساد"، وربط بين فقدان الأمن والفساد. وشدّد رئيس هيئة النزاهة على القول إن "هناك أمرا واقعا في العراق ما زال قائماً منذ الإطاحة بالنظام (البعثي) السابق ، وجميع أبناء الشعب العراقي بدون استثناء يرغبون في الخلاص من الحالة المفروضة عليهم بحكم الأمر الواقع". وأكد أن النظام السابق هو الذي تسبب بفرض حالة الأمر الواقع في البلاد، وقال إن العراقيين يحتاجون إلى فترة زمنية للخلاص من إرث الرجل المريض صدام حسين الذي عمّم الظلم والقمع والاستبداد والإرهاب، وكرّس الفساد في مختلف دوائر الدولة العراقية ومؤسساتها، على حد تعبيره. ونوّه العكيلي بـ"قدرة الشعب العراقي على تجاوز آثار المحنة الراهنة في البلاد في أقرب وقت ممكن"، مشيراً إلى أن "المعضلة الاساسية تنحصر في استئصال آفة الفساد من جذورها". وفي هذا السياق، اعترف العكيلي بأن "استمرار توتر الأوضاع الأمنية في عدد من المحافظات العراقية، وخصوصاً في ضواحي بغداد ومنطقة الموصل التي شهدت تهجير قسري لبضعة آلاف من المواطنين المسيحيين، ما يزال يشكل تحديات كبيرة"، ولكنه أشار إلى أن عملية بناء الجيش العراقي قطعت "مرحلة متقدمة"، حيث "تمكنت سلطات الأمن العراقية من احكام سيطرتها على الموقف وبشكل شبه كامل في محافظة بغداد وبقية المحافظات العراقية، على حد وصفه. وشدّد العكيلي على القول "ولذلك نحن نضع آمالاَ عريضة على استمرار تحسن الاوضاع الأمنية في العراق، لأن الفساد في ظل سيادة النظام وحكم القانون يصبح بحكم المنتهي". واشاد رئيس هيئة النزاهة بما حققته الهيئة خلال السنوات الثلاثة الماضية على صعيد تذليل العقبات وتجاوز الكم الهائل من التحديات وقال "لقد حققت الهيئة منجزات بالغة الأهمية خلال العام الحالي، حيث انجزت دراسة ومعالجة حوالي 7500 قضية قضائية، يندرج غالبيتها في إطار جرائم الفساد والغش والنصب والاحتيال والتعديات على الغير أو على ممتلكاتهم، وإحالة 242 شخصاً عراقياً على المحاكمة بتهمة الفساد، من بينهم مسؤولون كبار وخمسة وزراء في الحكومة العراقية السابق صدرت بحقهم احكام بالسجن ودفع غرامات مجزية". ولكن العكيلي رفض الكشف عن أسماء المسؤولين والوزراء الذي أحيلوا على المحاكم المختصة، واكتفى بالإشارة إلى أن قانون العفو العام الذي صدر في العراق في منتصف العام الحالي قد شملهم وخرجوا من السجن، على حد تعبيره. وأوضح رئيس هيئة النزاهة في العراق، وهي هيئة فنية رسمية وتشريعية، أن "الهيئة ليست لديها مهام في مجال التحقيق أو استجواب المتهمين بارتكاب جرائم فساد أو رشوة، ولكنها تقوم بجمع المعلومات المتعلقة بآفة الفساد على مختلف المستويات في القطاع العام والخاص"، بالإضافة إلى "دور أساسي يندرج في إطار سن التشريعات والقوانين المعنية بمكافحة الفساد، والمهام التربوية والتثقيفية والإعلامية وبناء أوثق علاقات التعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني". واشار العكيلي إلى خطة طموحة تستهدف تحويل هيئة النزاهة إلى مرجع علمي وعملي وعصري في مختلف ميادين وعلوم مكافحة الفساد في العراق. وبعدما أكد أنه توجد لهيئة النزاهة في بغداد فروع في جميع المحافظات العراقية باستثناء كردستان، وذلك "استجابة لإرادة السلطة الفيدرالية التي تحبذ إنشاء هيئة نزاهة خاصة بالإقليم"، خلص العكيلي إلى القول بأن التعاون والتنسيق قائم بين الحكومة المركزية والحكومة الفيدرالية على صعيد مكافحة الفساد، ولما فيه مصلحة الجانبين.