وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

السبت، تشرين الأول ١٠، ٢٠٠٩

هل سنشهد عزوفا عن الأحزاب الإسلامية الحاكمة؟

صلاح بصيص
...............

سخط من الشارع العراقي تجاه الأحزاب الإسلامية المتمركزة على دفة القرار السياسي، يقابله عدم رضا من الأحزاب العلمانية المنكمشة، الجامدة، والمكتفية بتصريحات ووعود غير ملموسة، تنظيرية فقط، لم تعطى المساحة الكافية ولم تلعب دور يستحق الذكر، ليس بسبب عمومية الأحزاب الإسلامية وسيطرتها بل لتخبط هذه الأحزاب وعدم تمكنها من رسم خط يوازي سطوة الطرف الأخر والتميز بفعل يقنع الناخب بالتوجه لها واختيارها، أزمة مبدأ وعمل ينقلنا إلى مجتمع متحرر يؤمن بمنهج وبرنامج علماني حر بعد ان يأسنا من خطط اغلب الإسلاميين وعدم قدرتهم على إدارة شؤون الناس وإيصالهم إلى مستوى متوسط من السعادة والعيش بسلام...فنحن نعيب أداء وتوجه الأحزاب العلمانية وانكماشها وعدم تأثيرها في الحدث واكتفاءها بحملات توعية خجولة هنا وهناك الغرض منها توعية الناخب ومحاولة عرقلة عجلة الأحزاب الإسلامية من ذوي المساحة في المشهد السياسي العراقي، والرضا بلعب دور المتفرج والفاضح للأخطاء، بانتظار سقوط الأحزاب الإسلامية من عيون الشارع العراقي بعد ان ينكشف زيف بعضها ويبان ضعفها عندئذ سيضطر الناخب إلى اختيار الند والنقيض، وهنا سيفعل السؤال هل نحن بحاجة إلى إعطاء فرص أخرى للأحزاب الحاكمة والمشاركة في العملية السياسية أم نستعيض عنها بأحزاب لها منهجيات وإيديولوجيات جديدة تحمل دماء جديدة وان كان ذلك فأين هي تلك الأحزاب...
لقد تكرس الانشقاق بعد سقوط نظام صدام وبالأخص عند تشكيل الجمعية الوطنية في زمن بريمر، تميز أبطال تلك المرحلة بالمراهنة على الانتماء الديني والمذهبي فقط، لذلك أكثر من برز على الساحة السياسية وقتذاك ولحد اليوم هي الأحزاب الدينية التي استطاع اغلبها ان يطور من برامجه واستراتيجياته بتدرج المرحلة ليصطبغ اغلب الشخصيات بصبغة الإسلام الحداثوي مرة والليبرالي مرة، وغيرها، بعد ان شكلت اغلب الرجالات السياسية المنبثقة من المرحلة الأولى فجوة واسعة بينها وبين العامة والتي ولدت عزوف وعدم رغبة في اعتلاء الإسلاميين مركز القرار والريادة، بالمقابل ظلت الأحزاب العلمانية البعيدة عن مراعاة القيمة المذهبية حبيسة المقاعد المتأخرة وإذا كان البعض منها نفذ فبمباركة من رجال الدين، فالحزب الشيوعي مثلا أضحى فاقدا لأسلحة المواجهة ولم يسعفه سوى التاريخ العريض لان تزاحم الإيديولوجيات تمخض عن فرز رغبة الشارع وثقافته الأولى، والأولى قصدت بها هنا النظرة والتفكير الذي كان سائدا سابقا من ان رجل الدين يختلف عن الاعتيادي في علمه وحلمه وترفعه عن ارتكاب المعصية والخطأ فهو منقذا ومخلصا من غياهب الضياع، وقد تلتها ثقافة جديدة متناقضة تمارس العقل كأداة من أدوات الاختيار بعد ان غيبته العاطفة، ربما ستتجلى هذه النظرة جليا في الانتخابات القادمة... فهل سيفهم هؤلاء اللعبة.
المستقبل يخبأ الكثير، ولا يبدو هناك أي انفراج في العلاقات السياسية، لانها مرحلة متشابهة بتشابه رجالها ممن يخوضون الصراع حتى وان تعددت الائتلافات وكثرة الاحزاب، فما الذي سيقدمونه اكثر مما قدموه خلال الفترة الماضية؟

Salah_bsy99@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: