صلاح بصيص
............
هيبة اي حكومة، ومنها العراقية، تكمن في قوتها ومدى تعاملها مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الطارئة... الاساس الذي تشكلت عليه الحكومة العراقية كان رخوا بسبب ما فرض عليها من محاصصة وعدم قدرة الكتل والاحزاب المشاركة في الحكومة من مسايرة الاجواء الديمقراطية الحديثة وراح الجميع يشمر الساعد لمتابعة ما له فقط، الأمر الذي حدا بالشارع العراقي الى تحمل مسؤولية اضافية وهي اخطاء الحكومة وضعفها وما يترتب على هذا الضعف من تداعيات برزت بوضوح في المرحلة الحالية وما رافقها من تفجيرات دامية احدية واربعائية وثلاثية، والواقع يقرأ المزيد...
اهتمام السياسيين بالوطن على قدر ما يدر عليهم من فائدة ومصلحة، والعكس صحيح، الى درجة ان الناس باتوا يترجمون مسرحياتهم الوطنية وخطاباتهم الورقية الى دوافع انتخابية او غايات شخصية او مساومات سياسية، قادتنا لا يعوون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ولم تنضج لديهم فكرة انهم للجميع دون تمييز...وها هو المارثون الانتخابي شارف على البداية، وبوادره لا تختلف كثيرا عن المارثونات السابقة، غياب برامج الكتل والاحزاب المشاركة، عدم امكانية قبول الآخر والتفاعل معه من اجل الوصول الى مفهوم الوطن فوق الرغبات الشخصية والمصالح الضيقة، انعدام الطروحات والافكار الناضجة والاعتماد على لغة الاقصاء والتهميش، تفعيل سياسة لوي الاذرع، المزايدات والتسويات السياسية على حساب المصلحة العامة... ناهيك عن النهج الاحادي والاقصائي الذي يتمسك به المسؤول عند توجيه النقد له، إياك، ولو بالاشارة، انتقاد وزيرا او برلمانيا، او أي مسؤولا كان، فالقضاء جاهز للبدء بتسجيل لوائح الاتهام وصناعة الجرم الذي يلحقه بمن يوقظ المسؤول من سباته، لعن الله من يوقضه ومن يعكر صفو مزاجه، لذا يجب ان يكون احتجاجك مؤدبا، فهو –المسؤول- لا يمنع المؤدبين من ابداء رأييهم، احرص ان تقدم له فروض الطاعة وان تداعب بلطف اذنيه بكلمات شفافة وغير نابية، لانه مسؤول، ولا داعي لمساواة حجم النقد بمستوى الجرم المرتكب، وإلا فالعاقبة معروفة ولنا فيمن سبق من الكتاب والصحفيين الراقدين تحت التراب او على اسرة الموت اسوة حسنة...
صانع القرار الحكومي لا يملك القدرة على تحقيقه واثباته، فمهما كان القرار صائبا يحتاج الى ادوات لتطبيقه، فما بالك اذا كانت الأدوات هي بالاساس تعمل لحساب جهاتها واحزابها التي تعمل بالضد ولا تريد للحكومة ان تقف على قدميها لانها تعمل على عزوف الناخب وتشويه صفحة الصانع، والدليل ما سبق وما تلا استجواب الوزراء في قبة البرلمان من اتهامات وما قيل ان من وراءها دوافع سياسية وانتخابية دفعت باتجاه انتقاء عينات من الجهة التي يراد اسقاطها وتشويها...بالمقابل فصانع القرار، بالتأكيد، لا يعمل بمنتهى الاستقلالية والشفافية، فيفقد دعم الحزب، ولانه يملك حق صناعة القرار يستطيع ان يغير مجرى القرار بعيدا عن اتباعه وداعميه.
التفجيرات المتتالية هي نتاج افكار متوترة، وذهنية مشحونة لا مكان فيها لقبول الآخر، وسواء كانت التفجيرات التي حصلت وستحصل، تكفيرية صدامية قادمة من سوريا، ام سياسية تحمل طابع انتخابي محض، فبالنتيجة هو ضعف في الاداء الأمني للاجهزة الحكومية وفشل في جميع الاختبارات التي تتعرض لها، فبلد الـ(المليون) رجل أمن، تخترقه العجلات المفخخة والعبوات الناسفة من جميع جهاته، وسيطراته المنتشرة في الأزقة والشوارع العامة هي مجرد قيود على حشوات الاسنان والعطور، الغاية من تواجدها هي عرقلة السير وتوفير مناخ ملائم للانفجار، وإلا فما هي الفائدة التي يتوخاها القائمون على هذا السيطرات، وهل وجودها يدفع بتلك الخروقات ويوقف شلال الدم الذي تخلفه الانفجارات؟...
لقد ذكرت في مقالات سابقة من ضرورة احصاء الخروقات التي تقوم بها تلك السيطرات، وانا على يقين تام ان حجم تلك الخروقات لا يذكر، اذن فلماذا هذا التواجد المكثف لتلك النقاط اذا كانت الحصيلة صفر!!!((منين جاي، منين رايح، شايل سلاح)!!! كيف وصلت تلك السيارات اليوم والامس والتي ستصل غدا الى اهدافها دون كشفها، فالانفجارات الاخيرة، اخترقت العجلات المفخخة نقاط التفتيش التي تترك طريق مرور لسيارة واحدة فقط، وخصوصا القريبة من معهد الفنون الجميلة، او القريبة من جامع النداء، تقاطع المعهد القضائي...كيف نفذت تلك العجلات، السؤال تجيب عليه الاجهزة الأمنية، وبعد كل هذا هل يبقى قيمة لخلفية تلك التفجيرات ومن يقف وراءها...
Salah_bsy99@yahooo.com
هناك تعليق واحد:
أشكرك على كتاباتك الجيدة
إرسال تعليق