وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الأربعاء، أيلول ١٦، ٢٠٠٩

لقد ظننت ان الاربعاء الاسود سيوحد السياسيين، فخاب ظني

نــــــــزار حيدر
لصحيفة (الطيف) الالكترونية
..........
انهم يعبثون بمشاعر الناس، ويتاجرون بدماء الابرياء

انهم يعرضون الامن القومي للخطر
................

ادناه، نص الحوار الذي اجراه الزميل الاستاذ معد الشمري، مع نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، لصحيفة (الطيف) الالكترونية:

حاوره: مــعـد الشمــــري

توطئة


شخصية سياسية عراقية مستقلة، لها تاريخها النضالي الطويل، كتب نـــــزار حيدر العديد من المقالات والبحوث الإسلامية واصدر مجلة اسلامية في المهجر، ويدير حاليا في العاصمة واشنطن ـ مركز الاعلام العراقي ـ وهو مؤسسة اعلامية مستقلة.
ومعروف عن نــــزار حيدر بأنه محلل سياسي ، وكاتب معروف بحبه للعراق، ومعروف عنه ايضاً سيرته الذاتية العامرة بالنضال من أجل الحرية والكرامة والإنسانية.
( الطيف) إلتقت نـــــزار حيدر وكان لنا معه هذا الحديث الشيق، وفتحت معه العديد من القضايا التي تهم العراق والعراقيين.

نص الحوار


الطيف:
بداية، ما هي قراءتكم للعملية السياسية الجارية في العراق، وهل تستبشرون خيراً بالقادم؟.
نزار حيدر:
لقد طوت العملية السياسية الجديدة الجارية في العراق، الكثير من الخطوات المهمة التي كان يجب ان تطوى على طريق بناء النظام الديمقراطي.
وبالرغم من ان ما انجز هو دون المستوى المطلوب بسبب التحديات والتعقيدات التي رافقت العملية السياسية، الا انني اعتقد بان المنجز امر هام لا يجوز التقليل من قيمته، او التهاون به.
وانني اذ استبشر خيرا بالقادم، على حد قولكم في نص السؤال، لانني اثق بالناخب العراقي الذي اثبت اكثر من مرة خلال الاعوام القليلة التي اعقبت سقوط الصنم، انه يعي ما يدور حوله وانه يحسن الاختيار، كما انه قادر على تغيير الاوضاع اذا ما قرر ذلك، ويكفيه فخرا انه اليوم (البنت) التي يخطب ودها كل الاحزاب السياسية، كلما اقتربت ساعة الانتخابات، سواء النيابية او المحلية، انتخابات مجالس المحافظات، بالرغم من ان الكثير من الزعماء لم يفوا بوعودهم لهذا الناخب، الا انه سوف لن ينساها لمثل هؤلاء، اذ سيردها عليهم بعقوبة شديدة كما حصل للكثير منهم في الانتخابات المحلية الاخيرة.
الطيف:
أنتم كسياسين مستقلين او إعلاميين، ماهو موقفكم من التفجيرات الأخيرة في بغداد والتي عُرفت بتفجيرات الأربعاء الأسود؟.
نزار حيدر:
كوني مواطن عراقي، بغض النظر عن مهنتي او ادواتي المعرفية، نظرت الى العمل الارهابي الذي ضرب العاصمة بغداد في يوم الاربعاء الاسود، كونه حلقة في سلسلة الاعمال الارهابية التي تحاول ان تدمر حلم العراقيين في اقامة نظام سياسي ديمقراطي ينعم الشعب في ظله بالحرية والكرامة والازدهار.
كما نظرت الى هذا العمل الارهابي الوحشي، كنقطة انعطافة في طريقة تعامل الدولة العراقية مع الارهاب بشكل عام، ومع القوى والمؤسسات (المحلية والاقليمية بل وحتى الدولية) التي تقف وراءه، ولذلك بادرت الى كتابة مقالتي الموسومة (خطة للقضاء على الارهاب في العراق) والمنشورة بتاريخ (20 آب 2009) المنصرم، معتبرا ان ما حدث في يوم الاربعاء سيحث الدولة العراقية بكل مؤسساتها الى ان تفصح عن كل ادوات الارهاب من دون تردد او خوف او مجاملة اذ (لا تقية في الدماء) وازيد (لا مجاملة ولا مصانعة ولا مضارعة ولا مقايضة ولا متاجرة بالدماء).
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فلقد تعلمت من تجارب التاريخ القديم والحديث، درسا مفاده ان دم المظلوم يتحول عادة الى سبب لرص الصفوف وتوحيد المواقف وتشابك الايادي من اجل مواجهة التحدي بوقفة رجل واحد لا يضعف ولا يهن، ولم اكن اعرف ان العراق بدعا من هذا الدرس التاريخي، وان الزعماء والسياسيين والقادة في العراق (الجديد) يتاجرون بدم المظلوم فيبيعوا ويشتروا به، ويقايضوا به السلطة فاذا بدم المظلوم سلعة للمقايضة، واذا به سبب جديد لتمزق الموقف وتشتت الاراء، وكل ذلك لان الزعماء تعاملوا مع هذا الدم بمنطلقات حزبية ضيقة او طائفية واثنية او بمنافسات انتخابية لم يشهد مثلها التاريخ لا قديما ولا حديثا.
لقد ظننت ان الاربعاء الاسود سيوحد موقف السياسيين، فخاب ظني، انهم يعبثون بمشاعر الناس، ويتاجرون بدماء الابرياء.
انهم يعرضون الامن القومي للخطر.
الطيف:
تسربت مؤخراً معلومات وصفت بالمهمة حول تحالف جديد يضم كلا من العراق وسور يا وتركيا وايران، وهو محور قيل ان سبب التفجيرات الأخيرة جاءت لوأد هذا المحور ، ماهو رأيك بذلك؟.
نزار حيدر:
ربما استطيع القول، وبفخر، انني اول من تحدثت عن مثل هذا المشروع، والذي تحدث فيه الرئيس السوري بشار الاسد بعد شهر من حديثي عنه، اذ كنت قد دعوت الى قيام مثل هذا الحلف في المنطقة لاعتبارات عديدة، اتمنى على من يهمه معرفة التفاصيل ان يعود الى مقالتي الموسومة (تغافل الحكام عن شعوبهم، فتح الباب امام التدخل الخارجي) والمنشور بتاريخ (7 آذار 2009) المنصرم، للاطلاع عليها.
ولا ادري على وجه التحديد، ما اذا كان الهدف من وراء كل هذا التصعيد الاخير مع الجمهورية العربية السورية، هو تخريب مثل هذا المشروع ام لا، الا انني اود القول بان الدعوة لمثل هذا المشروع يجب ان لا تاتي على حساب دماء العراقيين، اذ سيخطئ من يظن بان العراقيين على استعداد للمساهمة والمشاركة بمثل هذه التحالفات باي ثمن كان، ابدا.
انني شخصيا عندما اطلقت مثل هذا المشروع، انما من اجل ان تساعد هذه الدول الجارة، العراقيين على بناء دولتهم الجديدة، لا ان يتقاعسوا في ضبط حدودهم ليتسلل منها الارهابيون الذي يستهدفون تدمير العملية السياسية الجديدة الجارية في العراق، او ان يحتظنوا الارهابيين والقتلة من ايتام النظام البائد، ليصدروا للعراقيين الشر والقتل والتدمير كما حصل في يوم الاربعاء الاسود.
الطيف:
هل تتفق مع القول بإن دول الجوار لاتتعاون في فرض الأمن والاستقرار بالعراق، وإن بعضها يشترك في الكثير من العمليات الإرهابية التي تجري داخل البلد؟!.
نزار حيدر:
لا اشك في ذلك قيد انملة، فجل دول الجوار، وللاسف الشديد، متورطة بالاعمال الارهابية التي يشهدها العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، ان بشكل مباشر او بشكل غير مباشر.
فالمملكة العربية السعودية مثلا، متورطة بالارهاب من خلال سماحها بتسلل الارهابيين الى العراق سواء من خلال حدودها المشتركة مع العراق او عبر حدود مشتركة اخرى، كما ان فتاوى التكفير التي يصدرها وعاظ السلاطين القابعين هناك والتي اباحوا فيها دم العراقيين لعبت دورا خطيرا في اذكاء نار الارهاب في بلدنا، فضلا عن ماكينة الاعلام الطائفي التي يديرها الامراء والمشايخ والتي صنعت من الذباحين والقتلة ابطالا حرضت الشباب المغرر بهم للالتحاق في صفوفهم في العراق من اجل ممارسة الارهاب.
ولا يختلف الحال بالنسبة الى بقية دول الجوار الا في حجم الدور ونوعيته، ولذلك لا يمكن لي، كمواطن عراقي، ان استثني دولة من دول الجوار من هذا التدخل السافر الذي لا زلت اتمنى ان تبادر الحكومة العراقية الى الكشف عنه، بمجموعه وبكل تفاصيله، اسوة بما فعلته مؤخرا فيما يتعلق بالجارة سوريا.
لقد عملت وتعاونت قبل ثلاث سنين، مع عدد من الاخوة، لتنظيم فكرة تقديم الارهابيين المتورطين بدم العراقيين الى المحاكم الدولية لمقاضاتهم، بدءا من فقهاء التكفير وليس انتهاءا بالاعلام المحرض، مرورا بالممولين، ولكن، وبسبب عدم تعامل مؤسسات الدولة العراقية مع المشروع تاخر كل هذه المدة، لتعود الحكومة العراقية اليوم الى اثارته مرة اخرى، وكلي امل في ان لا يكون اطلاق المشروع دعاية انتخابية جديدة، وانما حقيقة واقعية ستاخذ موقعها الصحيح في دهاليز واروقة الامم المتحدة وبقية المؤسسات الدولية، فهو احد اهم ادوات الضغط التي بامكان العراق الاستفادة منها لوقف نزيف الدم العراقي.
الطيف:
إذن هل نستطيع القول إن هنالك محاباة لبعض دول الجوار من قبل الساسة على حساب الوطن والمواطن، أم أن الواقع يقول عكس ذلك؟.
نزار حيدر:
بالتاكيد، فالواقع يقول بان القادة والسياسيين والزعماء العراقيين يحابون دول الجوار كثيرا على حساب الدم العراقي الطاهر الذي يراق ظلما وعدوانا.
خذ مثلا على ذلك، فخلال زيارته الاخيرة الى الجمهورية العربية السورية، وقف السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السوري السيد ناجي عطري، يمتدح الدور السوري في مساعدة العراق على استتباب الامن والقضاء على الارهاب، ولقد ظننت انه سيمنح سوريا وسام الاستحقاق العالي على تعاونها مع العراق بهذا الصدد، وما ان رجع الى بغداد حتى ثارت ثائرة الحكومة العراقية لنشهد كل هذا التصعيد ضد سوريا، بعد يوم الاربعاء الاسود، ما دفع المواطن العراقي الى التساؤل باستغراب، ترى اي الموقفين هو الصحيح، دور سوريا في استتباب الامن والقضاء على الارهاب؟ ام دورها في قتل العراقيين؟ وكلنا نعرف جيدا بان ما حصل في يوم الاربعاء لم يكن ليحدث في ليلة وضحاها وانما تم التخطيط له ربما، عندما كان المالكي يقف في دمشق يمتدح الموقف السوري.
كنت اتمنى، وانا اتابع مجريات المؤتمر الصحفي، ان يشير المالكي، ولو يشير، الى عشر، بضم العين والشين، ما افصح عنه في بغداد بعيد عودته من دمشق مباشرة، ليتمتع موقفه اللاحق بمصداقية معقولة، فلا يتناقض موقفه في دمشق مع موقفه في بغداد، بالرغم من ان الفارق الزمني بين الموقفين لا يتجاوز الاسبوعين.
هذا مثال، وقس عليه بقية مواقف الزعماء العراقيين، فعلى الرغم من ان الدماء لا زالت تجري انهارا في العراق على يد مجموعات العنف والارهاب، الا ان الدولة العراقية وبكل مؤسساتها لا زالت تجامل في حديثها عن دور دول الجوار، وللان لم يخرج علينا مسؤول ليضع النقاط على الحروف، فيقول ان الدولة الفلانية متورطة في الارهاب الذي يضرب العراق ويقتل الابرياء، وهذه هي الادلة المادية والمعنوية.
ان الجميع يتعامل مع ملف الارهاب بمنطق اثني او طائفي، ولم نجد احدهم يتعامل معه بمنطق وطني ابدا، وهناك فرق كبير بين المنطقين، فبينما الاول يدافع عن الاخر على حساب مصالح البلد وشعبه، لا يدافع المنطق الثاني الا عن الوطن والمواطن حصرا.
.....
نكمل غدا نص الحوار

ليست هناك تعليقات: