وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الخميس، نيسان ٠٩، ٢٠٠٩

باقر الصدر منا سلاما .. باقر الصدر إنّا هجرنا المناما ... !!

بقلم : زهراء فلاح الموسوي

فعل التذكر ونبش الذاكره توازيا مع تقادم العمر وتراكم حجم التجربة ؛ تثمين الذكريات ..
ومعاصرة تحقيق ماكان في اطار دائرة المستحيل و الاماني التي كنا نطلقها قباب الحوائج عند الفجر الناصع وحين المغيب ان نعاصر صيرورتها التأريخية فاننا نشهد معجزة من نسيج خيوط الماضي والحاضر ...

ثمة اشعار واناشيد كنا نرددها كنا نتصور اننا نعيها بكل ابعادها
( في ذلك الوقت) ألــ ليس بالبعيد جدا واحسب انني محظوظة لاني عشت هذه المعجزة دون ان اقطع - بتصوري- مسافة زمنية كبيرة وان اكون شاهدا ومكونا من مكونات هذه المعجزة كأي عراقي طبعا..

وفي كل حول بمناسبة الذكرى كنا نرتل :
تَم ترم تم ,,, تم ترم تم ,,,,

باقر الصدر منا سلاما ... اي باغ سقاك الحماما...
انت ايقضتنا كيف تغفو انت اقسمت ان لن تناما !!
وكنا نحفظ التوقف وننتظر دورنا لان نقرا ماحدد لنا من ابيات القصيد.. على منبر ذكرى الاستشهاد ..
كان والدي يحرضنا على ان نقرا قصص الشهيدة العلوية امنة الصدر ( بنت الهدى) وكانت تستهوينا قصة ( ليتني كنت اعلم) وكنا لانعي منها بحجم عقولنا انذاك كنا لانعي سوى انها قصة حب تتوج بالزواج بين فتاة وشاب في مقتبل العمر ولايقتصر الامر على هذا فحسب انما : لانعرف الكثير من معاني الكلمات لكثير من الجمل التي تمر بنا اثناء قراءة تلك القصص ( حين ذاك... )

على جسر السنك اليوم حط ناظري على قمة بناية موّشحة بلافتات عليها صورة المفكر والثائر والشهيد الاول محمد باقر الصدر تنوّه لذكرى استشهاده ..
ودونما وعي يتسرب من عمق الذهن فهم للاشعار التي رتلتها اليوم بيني ونفسي على الجسر

كيف تنئى بعيدا ولمّا يبلغ الثائرون المراما ... ! افكر في شعر هذا الرجل نبوءة من وحي السُنن فهذه المعلقات مطبوع عليها عناوين وصور وفوق جسر السنك و تُخبِرُ عن الشهيد محمد باقر الصدر رمزا للحرية في بلد المظلومين والفقراء في البلد الذي كان حلما ان نرجع اليه يوما وان تطأ اقدامنا هذا الجسر يوما وان نذوب في الحر من فعل شمس عراقية معلقة في سماءه وصوت اذان الظهر يصدح من مسجد "براس الجسر" حسب التوقيت المحلي لقلب مدينة بغداد وضواحيها وتحت الجسر ماء يجري يعلن عن الحياة فالمسافة بين الأمس واليوم معجزة حقة ..

ياباقر الصدر منا سلاما .. باقر الصدر طردنا الظلاما ... هذه الابيات وانا انسخها تصيبني بالتهاب حاد في عواطفي تحرضني على البكاء ضريبة حلاوة استشعار وفهم امتداد المعاني التي تتضاعف بامتداد العمر والمحنة

في الغربة كنت اكتب عن جاراتنا في العراق وعن اواني " الحساء" التي يتبادلها الجيران اكراما لبعضهم البعض وكنت امنّي الروح بالعودة لاتسلق الحائط ومن وراءه اناوش " الماعون والرغيف" الى جيراننا كم كان يغمرني الحنين لالعابي التي لم ادشنها ولن .. كنت احلم دوما بالنهر والنخل والورد حتى انني عندما اصحو كنت اشم رائحة طين عراقي ..

يـــــــــــــــــــاه .. !!

اليوم اجلس في بيتنا في العراق .. وامامي سطور ادوّنها وساوّقع عليها نيسان بغداد ( شهر المعجزة)!
وافهم ابعاد ماقرات من قصص .. واَخْبَرُ ايضا مسافة غبائي وقصور فهمي حتى هذه اللحظة واي لحظة ستتوِّجُ الذهن باكتشاف ومعرفة في المستقبل الاتي ..

باقر الصدر كبرنا .. باقر الصدر لم نعد نخبئ صورك في الخزانة او ندفنها خوفا كما فعل اهلنا يا ابا جعفر نم قرير العين لأنّا نعي اليوم انّا مناطة بنا حمل راياتنا وان نثبت اننا اهل للنصر واهل للعراق بيتا للجميع باقر الصدر نحن اقسمنا يمينا ان نضحي ولازلنا نقف حتى اليوم في طابور التضحيات وياباقر الصدر إنا هجرنا المناما !

زهراء فلاح الموسوي
الثالثة والنصف صباحا
نيسان المعجزة