مــــهدي زايـــــر جـــــاسم
وفي ضوء ما تشهده العديد من الدول المتقدمة والنامية من مبادرات ناجحة تصدت لظواهر الانحراف والفساد بعد ما تبين خطورة غياب الشفافية وانتشار الفساد بالنسبة لمقدرات المجتمع وأهدافه التنموية و تسبب الفساد في تقويض التنمية في العديد من الدول في شتى أنحاء العالم وعلى مر العصور .
تؤدي الهيئات الرقابية دوراً بارزاً في محاربة الفساد كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ، وتبذل جهوداً كبيرة في سبيل الحد من ظاهرة الفساد الذي ينخر في جسد الدولة العراقية ،ومع أنها دوائر فتية وعمرها لايتجاوز بضع سنين عدا ديوان الرقابة المالية ، لكنها أثبتت جدارتها في ميدان محاربة الفساد ونشر الشفافية،وقطعت أشواطاً كبيرة في هذا المجال، وأوقعت العديد من ما فيات الفساد ورؤسه الكبيرة في شراكها.
وقد أعادت الهيئات الرقابية مليارات الدنانير إلى خزينة الدولة ،وفي قضية واحدة هي قضية( زينة الموظفة في امانة بغداد) أعادت الهيئة مبلغ (13)مليار دينار إلى الخزينة ، عدا السيارات الفارهة والبيوت الضخمة و(كليوات ذهب) وغيرها من العلميات التي قامت بها العمليات الخاصة في هيئة النزاهة،وفي هذة المرحلة المهمة من عمل هذة الهيئات وبعد النجاحات التي حققتها نُفاجأ بتخفيض ميزانية الهيئات الرقابية وشلّ حركتها وعلى قاعدة (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) .
لقد حثت اتفاقية الأمم المتحدةمكافحة الفساد الذي يُعَدُّ العراق إحدى الدول الموقعين على الاتفاقية وصادق عليها مجلس النواب ما نصه (تقوم كل دولة طرف، وفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة أو الهيئات المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة ما يلزم من الاستقلالية، لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة، وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ لـه. وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين، وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤلاء الموظفون من تدريب للاضطلاع بوظائفهم) فأين هي الهيئات الرقابية من هذا الدعم هل هو بتقليل الميزانية ؟! أم بعدم تشريع القوانين التي تنتظر في البرلمان منذ أمد طويل،أم في عدم تخصيص درجات وظيفية ؟ فكيف تستطيع هذة الهيئات تغطية الانفجار الحاصل في توزيع الحقائب الوزارية حيث بلغت (41) وزارة تقاسمتها الكتل السياسية على طريقة(شيلني واشيلك) عدا الهيئات غير مرتبطة بوزارة،فكيف تعمل هذه الهيئات المستقلة وهي مكتفة الأيدي مغلولة الأعناق لاناصر ولامعين ،وكأن الكتل السياسية تحاول عرقلة عملها وتحجيم دورها حتى (ظل البيت لمطيرة ...).
ونحن نخاطب شعبنا من هنا ونقول إن هناك أيادي خفية تحاول الالتفاف على عمل الهيئات الرقابية كي تبدو عاجزة عن الحركة وضعيفة ولا تستطيع العمل ثم الدعوة إلى الغائها بحجة عدم نجاحها وتعطيلها الاستثمار والمشاريع ،وهي حجج واهية أوهن من بيت العنكبوت ،فالشعب واعٍ ومثقف ومطلع ،فيجب توفير الموارد المالية والبشرية لكي تقوم هذة الهيئات بعملها بصورة صحيحة .
إن الفساد والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة ،ولو نظرنا إلى المبالغ التي خصصت لمحاربة الإرهاب وقارناها بالمبالغ التي خصصت المحاربة الفساد فلا تكاد ميزانية هيئة النزاهة تكفي لدفع رواتب منتسبيها ،ناهيك عن الأمور اللوجستية التي تضمن عمل هذه الهيئات وديمومتها ،علما أن هذه الهيئات لديها فروع في المحافظات كافة تحتاج إلى الأفراد والسيارات والخدمات الأخرى الضرورية لإنجاح عملها والضرب على أيدي المفسدين الذين ينهبون المال العام نهاراً جهاراً دون رادع أو دين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق