وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الخميس، أيار ١٦، ٢٠١٣


أزمتنا ليست مستعصية

علي الأوسي


تطورات الأحداث إلى هذه المستويات الدموية الخطيرة في الحويجة ومساحات أخرى من المنطقة الغربية والموصل لم تكن مفاجئة للمراقبين السياسيين وأصحاب الإهتمام بتطورات وأحداث الساحة العراقية، وإنما هي تطورات طبيعية جدا لأزمتنا السياسية المستديمة منذ خروج القوات الأجنبية من العراق في 31 / 12 / 2011.

لقد كان واضحا منذ البداية ان ازمتنا هذه التي تكبر مثل كرة الثلج المتدحرجة تتحرك نحو هذا المستوى من التصعيد وربما أكثر من ذلك، على الرغم من محاولات بعضهم ولجهل أو لقصور في تفكيرهم أو لغايات غير سليمة عند آخرين التقليل من شأن الأزمة أو تبسيطها أو تصويرها على أنها إنتهت أو انها في طريقها إلى النهاية.

ولا يعني هذا أن الأزمة صعبة جدا وعصية على الحل ولا يمكن التعاطي معها بحلول سياسية ممكنة وقابلة للتطبيق. صحيح أن هذه الأزمة صعبة ولكن صعوبتها سهلة، أي بتعبير آخر انها من النوع السهل الممتنع، وسهولتها تكمن في وضع خارطة طريق واضحة وشفافة لتسوية الأزمة وإلى غير رجعة.

ولابد أن تستند خارطة الطريق هذه إلى قاعدة قوية أساسها الإيمان بشراكة كل الأديان والطوائف والقوميات في هذا الوطن الذي يستوعب الجميع بطاقاته وقدراته وموارده المادية. وعندما نؤمن بشراكتنا في هذا الوطن الواحد يمكننا عندئذ من وضع الإطار العام لخارطة الطريق الذي يتشكل من فهم هذه الأزمة وتفسير أسبابها وتحليل عناصرها ومن ثم تفكيك هذه العناصر بعضها عن بعضها الآخر حتى يصار إلى وضع صيغة عملية قابلة للتطبيق.

وقد يتساءل بعضهم؛ وهل أزمتنا بسيطة إلى هذا الحد بحيث يمكن تسويتها هكذا وبكل بساطة على الورق؟ وإذا كانت هكذا بسيطة، فأين عنها السياسيون والكتل والأحزاب والحكومة ومجلس النواب؟ ولماذا لا يبادرون إلى تسويتها وعلى هذه الطريقة البسيطة أيضا؟

إن هذا السوأل هو الذي يشكل الشطر الثاني من توصيف أزمتنا، فبما ان أزمتنا من النوع السهل الممتنع، فان السؤال السابق هو الذي يشكل الشطر الممتنع من بنية هذه الأزمة. فلولا هذا الممتنع من سياسيين وحكومة ومجلس نواب لتجاوزنا أزمتنا من مدة غير قصيرة، حتى وان كان هناك ارهابيون وبعثيون ونقشبنديون.

إن هذا الكم الممتنع هو الذي يمنع تسوية الأزمة ويدفع باتجاه التصعيد وحسب حاجاته الآنية والأنانية والمصالح الضيقة والمصالح الإقليمية أيضا دون أن يهتم بحاجات الوطن والناس وربما هو على استعداد ليدفع بنا جميعا نحو هاوية الحرب الأهلية الطائفية من دون أن يرف له جفن أو أن يفكر بويلات هذه الحرب وأهوالها.

على هذا الممتنع أن يفكر بين أن يستمر في تمنعه ويدفع بالعراق إلى هاوية النهاية، أو أن يلتقط إرادة التغيير وينخرط في خارطة الطريق السهلة لتسوية الأزمة من اجل العراق والعراقيين الذين اتعبتهم مشقات السفر مع أزمات تكاد لا تنتهي وقلق دائم من حرب طائفية أهلية يمكن أن يفجرها هذا الممتنع.


علي الأوسي 
كاتب وإعلامي عراقي
٣٠ نيسان ٢٠١٣ 

ليست هناك تعليقات: