وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الثلاثاء، كانون الثاني ٠٤، ٢٠١١

أخطاء قاتلة في قناة الحرة عراق

بقلم : محمد نعناع

يمكن تصنيف قناة "الحرة عراق" على انها قناة تبث للعراق وليست قناة عراقية كما يريد البعض ان يصور ولكنها والحق يقال قناة متميزة خطت بثقة وسط القنوات العراقية الحكومية والحزبية والمدعومة من الخارج بالاضافة الى انصاف القنوات ، وسر تميزها شموليتها واستقلاليتها عن القرار السياسي العراقي ولا نقول حياديتها لان ما سنذكره من اخطاء سيخدش الحيادية ،
ولكن رغم هذه الاخطاء التي اعتبرها اخطاء كبيرة وقاتلة وتقصم الظهر في بعض الاحيان الا انها الاكثر حيادية بين القنوات العراقية والقنوات التي تبث للعراق .

والاخطاء التي ساذكرها قابلة للمناقشة من قبل المعنيين بها فضلاً عن امكانية مناقشتها من قبل النقاد والكتاب والاعلاميين ، واتمنى ان لا يفهم الموضوع على انه مجرد انتقاد مترع بالتأزم يحمل في طياته تحاملا على قناة متميزة وحرة كاسمها ، وانما هي خطوة دقيقة اعتبرها نقطة انطلاق لاصلاح الاعلام في العراق او المسؤول عن احداث العراق.

الاخطاء:_

الاول : طالب النائب صباح الساعدي في مؤتمر صحفي دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بالاستقالة من منصبه او موقعه في تنظيمات حزب الدعوة الاسلامية والذي يشغل موقع الرئاسة فيه كأمين عام للحزب بعد فوزه في الانتخابات الاخيرة على السيد ابراهيم الجعفري رئيس تيار الاصلاح ، والداعي من المطالبة هو ان السيد المالكي هو القائد العام للقوات المسلحة ولا يمكن لرئيس حزب ان يكون قائدا للقوات المسلحة ، وهذا ما معمول به في دول قريبة من العراق كتركيا ولبنان ، ورغم ان المطالبة من قبل الشيخ الساعدي تحتاج الى مراجعة قانونية ودستورية ، الا ان امكانية تحقق ما يطالب به الساعدي فيه وجه من الصحة ولكن هذه المطالبة لن تمرر بسهولة لان الدستور هو الذي حدد في مادتين من مواده من يقود القوات المسلحة وهي "السلطة التنفيذية" جاء ذلك في ( المادة 9 اولاً آ ) هنا ذكرت الفقرة "السلطة المدنية" و في المادة (78) وقد ذكرت هذه المادة بشكل واضح قيادة رئيس مجلس الوزراء للقوات المسلحة حيث نصت على : "رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة ، والقائد العام للقوات المسلحة ..."

حول هذا الموضوع اجرى مراسل الحرة المتميز احمد عرام تقريرا خاصا اوحى فيه بان النائب صباح الساعدي يطالب رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بالاستقالة من حزبه لانه اصبح رئيسا للوزراء وهذا يخالف ما اراده الساعدي الذي كان يقصد استقالة رئيس الوزراء من حزبه لانه قائد عام للقوات المسلحة على غرار تجارب اخرى في المنطقة .

الذي يدعم هذا الامر هو الاقتطاع الذي حصل من كلام صباح الساعدي ، وعرض مقطع للسيد النائب كمال الساعدي يرد فيه على النائب صباح الساعدي يقول فيه : "كل رؤساء الوزراء في العالم هم رؤساء لاحزاب او ينتمون لاحزاب "، وكأنه يرد على الشيخ الساعدي الذي يوحي التقرير انه يقول على المالكي ان يستقيل من حزبه لانه اصبح رئيسا للوزراء.

في النهاية التقرير اظهر صباح الساعدي على انه يطالب بشكل غير دستوري .

واذا اردنا تبرير الامر وقلنا ان القضية خلل في المونتاج وخصوصا مقطع السيد كمال الساعدي فهذا ما لم يحصل في تقارير اخرى للمراسل المتميز احمد عرام. فاذن ، اما ان يكون هناك سياسة خاصة يتبعها المراسل وهي اقرب الى دعم السيد المالكي او ان السياسة هي سياسة القناة وتتطلب المسألة هذا النوع من التقارير التي تعرض الحالة ولكن تركز على جانب سلبي فيها ، وهذا امر معمول به في الاعلام ولكن لا نتمنى ان تستمر به الحرة عراق.

الثاني : حصلت في ديالى حادثة مأساوية وهي ان تلميذا في الابتدائية توفي نتيجة توبيخه او "ضربه" من قبل معلمته.

الحرة ركزت على هذا الموضوع وعرضته في اربع نشرات اخبارية وهي نشرة العراق اليوم التي يتابعها اغلب العراقيين ، ومن خلال متابعتنا للموضوع تبين ان هناك جوانب غير التي عرضتها الحرة ، بالاضافة الى ذلك فان قناة الحرة لم تعرف بان حالة الطفل المتوفى لم تكن طبيعية ، ولم تعرف اين حصلت الوفاة ، وفوق ذلك كله عرفت بالمعلمة وعرضتها للخطر واذكت مشاعر الغضب العشائرية تجاهها ، كان ذلك كله قبل أي اجراء قانوني تتخذه الجهات الرسمية والطبية تجاه المعلمة والحادثة ، حتى ان مذيعة الحرة السيدة "زين سليم" تسأل احد الذين استضافتهم نشرة العراق اليوم عن اجراءات تشريح الجثة مما يعني ان سبب الوفاة لازال غير معروف والرجل يرد عليها بان سبب الوفاة لازال غير معلوم ، وهي لم ترد بعد ذلك بان السبب كذا وكذا اذا كانت تعرف السبب !، لانها حقيقة تخوض في امر لا تعرفه واساسا غير مصرح بان يتداول في الاعلام.

المهم هناك مشكلة في تغطية هذا الحدث ومع الاسف لم تنجح الحرة في الوصول الى المعلومة الحقيقية ، واقحمت نفسها في موضوع لم تكن تعرف نتائجه ، حتى ان احد المسؤولين التربويين الذين استضافتهم الحرة هدد الحرة بانه سيقاضيها بسبب تعريضها حياة المعلمة للخطر. لكن من يقول للحرة "لا" ومن يحاسب الحرة عراق؟!!

وفي بعض الاحيان تتفاخر الحرة بانها تعرض لقطات وصور حصرية لكن هي تعرف بان الكثير من الصور واللقطات الحصرية غير مصرح بعرضها كما حصل في قضية الشخص الذي انتحل صفة دكتور فقد عرضت صورته على الملاْ قبل ان تصل المذكرة القضائية لالقاء القبض عليه فضلا عن وقوفه بين يدي المحكمة لتقرير مصيره ، والكارثة ان احد مسؤولي وزارة الصحة يدور مع الحرة وقنوات اخرى في اروقة مكتب الشخص المنتحل لصفة دكتور غير مقدرين العواقب التي ستحصل بعد ذلك وقد يكون في الامر ابعاد عشائرية ونفسية كبيرة ، وحتى لو صح انه مزور او منتحل صفة فله عقاب معين يتلائم مع جريمته وقد يكون ما حصل من نشر لصوره يسبب كارثة له قد تكون اشد من العقوبة التي ستوجه له وهو بهذا الشكل يستطيع مقاضاة من تسبب له باذى يتجاوز عقوبته .

وعند اجراء مقارنة بين هذه الحادثة وحوادث اخرى لا نجد الحرة تابعتها كما تابعت هذا الموضوع ، فمثلا لم تتابع الحرة حادثة جبيل في الفلوجة حيث قتل الامريكيون عددا من العراقيين ، كذلك لم تتابع حادثة مقتل عائلة بكاملها في حادثة سير في الحلة ويعزى سبب الحادثة الى كون الاب كان مخمورا ولم يستطع السيطرة على مِقود السيارة ، وغيرها كثير ، كما انها لم تتابع مأساة مدينة النهروان الذين عاشوا بلا مياه صالحة للشرب اكثر من اربع سنوات.

الثالث : في مسألة قرار مجلس محافظة بغداد القاضي باغلاق بارات الخمور والملاهي الليلية كان للحرة تغطيات متميزة في سبعة ايام وبالعراقي وحتى البرنامج الثقافي ( ابواب ) ناهيك عن نشرة اخبار العراق اليوم .

في هذا الموضوع حدثت بعض الاخطاء منها :

1 – قطع مقطع من كلام رئيس مجلس محافظة بغداد وزمنه دقيقة وثماني ثوان وهو موجود الان على شبكة الانترنيت من برنامج بالعراقي الذي استضيف فيه كامل الزيدي رئيس مجلس محافظة بغداد.

2 – في احدى نشرات اخبار العراق اليوم عرضت الحرة عراق تقرير وتصريحات عن مظاهرة لتأييد قرار مجلس محافظة بغداد ـ لتحافظ على التوازن بعد ان صار واضحا وقوفها بجانب من يعارض القرار ـ وكان المتظاهرون يرفضون وجود الخمور والملاهي جملة وتفصيلا إلاّ ان الحرة قالت انهم يؤيدون قرار اغلاق البارات والملاهي غير المرخصة ، انتبه "غير المرخصة" بمعنى انهم لا يؤيدون اغلاق المرخصة وهذا تلاعب حقيقي ، وخصوصا ان لافتات وتصريحات المتظاهرين كانت واضحة ، منها لافتة تقول "لا نريد الخمور والملاهي في ارض المقدسات" ردا على شعار "بغداد بلا خمور كقندهار" .

وحتى ان بعض المتظاهرين قال لي اني تعجبت عندما شاهدت التقرير بهذا الشكل فنحن خرجنا للاعتراض على مظاهر الفجور بكل اشكالها والذي شاهدته في الحرة لم اكن مقتنعا به.

3 – في احدى حلقات بالعراقي اشار مقدم الحلقة السيد سعدون ضمد الى بيان الشيخ اليعقوبي حول الخمور ، فقال له ضيف الحلقة الدكتور ضياء الشكرجي:"الشيخ اليعقوبي مرجع لحزب الفضيلة وهم يقولون المرجع الاعلى للحزب ، فرأيه على حزب الفضيلة فقط" ولم يرد سعدون ضمد على هذه المغالطة من قبل الدكتور ضياء الشكرجي ، لان الشيخ اليعقوبي يطرح نفسه مرجعا وفقيها ولطالما افتى بامور خارج نطاق السياسة، فمعنى ان يكون حزب الفضيلة اختاره مرجعا له فهذا لاضفاء الشرعية ؛ لان هناك من يعتقد بان العمل السياسي الشيعي لا يكون شرعيا ومقبولا الا اذا رجع الى مرجعية شرعية او فقهية ، او ان الشيخ اليعقوبي هو الذي اسس الحزب ليستقطب من يسميهم ابناء الداخل الذين لم يكن لهم صوت في بداية التغيير وعلى هذا الاساس تحركت مظاهرة ساحة الفردوس الاولى .

والاهم هو ان هناك العشرات من مقلدي الشيخ اليعقوبي لم ينتخبوا حزب الفضيلة وهم يرجعون الى اليعقوبي في الفتوى والارشادات الدينية.

فعدم الرد اما ان يكون رضا بما قاله الشكرجي وهو مغالطة ، او عدم معرفة من السيد سعدون ضمد ، وفي كلا الحالتي يؤشر خللا في ثقافة مقدم البرامج لانك ان رضيت بالمغالطة فقدت الحيادية واذا لم تعرف هذا الامر فهناك نقص في المعلومات وهذا خلل في ادارة المقدم للحوار .

رابعا واخيرا : استضاف السيد حسين جرادي في حلقة من حلقات البرنامج المميز والمهم ساعة حرة السيد وزير الخارجية هوشيار زيباري واثيرت مسألة اشبه بالفضيحة وهي ان منسق الحلقة وهو السيد حسين جرادي لم يتفق مع السيد الوزير على موضوع الحلقة قبل الحلقة ، ومن خلال كلام السيد الوزير يبدو ان جرادي كان قد قال للوزير بان الحديث سيكون حول قضايا تهم السياسة الخارجية ووزارة الخارجية ، واعترض الوزير على الهواء مباشرة ولم يجد جرادي ما يقوله سوى اننا سنناقش القضايا الخارجية في الجزء الثاني من الحلقة رغم ان الموضوع المكتوب كعنوان للحقلة كان "نساء العراق ومعركة الـ10 وزارات" فاين السياسيات الخارجية التي تخص وزير الخارجية من هذا الموضوع . واراد جرادي ان يتلافى الخلل فقال للسيد الوزير انت ايضا وزيرا للمرأة وكالة ، والحق ان الرجل المحترم "هوشيار زيباري" وُضع في مكان ليس له ، خصوصا انه كان يستضاف في هذا البرنامج لوحده دون أي ضيف اخر وهذا هو الاستحقاق الحقيقي لهوشيار زيباري.

فما هي المشكلة؟؟

لدي بعض المبررات الفنية ولكن لست معنيا بالتبرير للحرة عراق..

تطرقنا الى هذا الموضوع لاننا لا نريد ان تفقد الحرة عراق وبالتحديد نشرة العراق اليوم وبرنامج بالعراقي الرونق الذي تعودنا عليه والاهم من ذلك حياديتها واستقلاليتها لانها اكثر من يوفر لنا المعلومة الاقرب للحقيقة .


باحث ومحلل سياسي
hamidawy@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: