وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الجمعة، حزيران ٢٤، ٢٠١١

ليس قبل الاصلاح السياسي

نـــــــــــــــــــــزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

بات من الواضح جدا لكل ذي عين بصيرة او القى السمع وهو شهيد، ان العملية السياسية الجارية في العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، تمر في ازمة حقيقية، لاسباب عديدة لعل من ابرزها:

اولا: عدم ايمان بعض المشاركين فيها باصل العملية السياسية، ولذلك تراهم يضعون يدا في مؤسسات الدولة في العلن، ويمدون اخرى في السر الى الجماعات التي تريد تدمير العملية السياسية، سواء من مجموعات العنف والارهاب او من ايتام النظام البائد، او بعض القوى الخارجية.

ولا زال بعضهم متشبع بعقلية الماضي، يحن اليه ويتكئ عليه، ويتمنى لو تعود عقارب الساعة الى الوراء، فتعود الاقلية تحكم العراق، بحقد طائفي وعنصري بغيض، كما كان ديدن نظام الطاغية الذليل صدام حسين على مدى نيف وثلاثين عاما انصرمت.

ثانيا: انعدام الثقة بين جميع الفرقاء، ليس بين الكتل السياسية فحسب وانما حتى في داخل الكتلة الواحدة، وان اكبر دليل على ذلك هو كل هذا الكم المتناقض من الاقوال والتصريحات والمواقف داخل الكتلة الواحدة فضلا عما يجري بين الكتل، ازاء اية قضية من القضايا المطروحة، فغاب التعاون والتمكين فيما بينهم وتحكمت سياسات التربص والوقيعة.

ثالثا: وهو المهم، الاختلاف على فهم الدستور وطريقة تفسير مواده، خاصة تلك المتعلقة بتشكيل مؤسسات الدولة، وعلى راسها الحكومة، لدرجة ان العملية السياسية تحولت الى مجموعة مصطلحات فارغة المعنى والمحتوى.

رابعا: وقبل كل هذا وذاك، عدم ايمان الكثير من السياسيين بالديمقراطية كمنهج حكم في العراق الجديد، ولذلك نراهم يدعمون، بتشديد العين، مواقعهم التي حصلوا عليها بالتوافق والمحاصصة، بالمال العام وربما بالسلاح بالاضافة الى السلطة التي دعموها، بتشديد العين، بالعديد من القوانين التي فصلوها حسب مقاساتهم، لضمان استمرارهم في السلطة باي شكل من الاشكال، ناهيك عن استقوائهم بقوى خارجية، اقليمية او دولية، لا فرق.

خامسا: ولا ننسى هنا دور الغباء السياسي الذي يتصف به بعضهم، والذي لعب دورا بارزا في ارباك العملية السياسية بدرجة كبيرة.

وبصراحة اقول، فان من غير الممكن ابدا، وربما من المستحيل، ان يشهد العراق اي نمو حضاري وتطور مدني في ظل عملية سياسية تعاني من المرض المزمن، فالسياسة من عملية بناء الدولة، كما هو معلوم، كالقلب من الانسان، فاذا كان القلب مريضا فان كل بقية اعضاء جسد الانسان تظل تعاني الشلل والنحول والخمول والضعف، والعكس هو الصحيح، فالقلب السليم يمنح بقية اعضاء الجسد حياة متجددة، وكذا السياسة، فاذا كانت مريضة في بلد ما وتعاني من الاخفاقات والتراجع، فان كل شئ آخر في البلد يظل يعاني المرض والخمول والضمور والتراجع، وهو اليوم حال العراق في ظل عملية سياسية تعاني المرض والالم.

ولذلك، فاذا فشل السياسيون في انجاز اصلاح سياسي، فان اي اصلاح آخر، وعلى كل الاصعدة، سيظل مستحيلا ومن الوهم والسراب الذي يحسبه الضمآن ماءا، والذي لا ينتج واقعا ملموسا ابدا.

انظروا الى الامن والاستثمار وصناعة النفط، والى فرص العمل، وغير ذلك، سنجدها متوقفة او متعثرة بسبب ضياع القرار السياسي في دهاليز مشاكل الفرقاء.

ان التلكؤ في العملية السياسية هو الذي سبب كل هذا الشلل في عمل مؤسسات الدولة، خاصة البرلمان والحكومة، فهو السبب في التستر على الثالوث المشؤوم والخطير (الفشل والارهاب والفساد) لان السياسيين مشغولون بمشاكلهم التي لها اول وليس لها آخر، من جانب، ولانهم لا يتراضون الا على هذا الثالوث بسبب تورطهم فيه بلا استثناء، وعندما نسمعهم يتحدثون عن مبادرات فالهدف منها حل هذه المشاكل فحسب، ولم نسمع منهم ابدا مبادرات لحل مشاكل التعليم مثلا او البيئة او الصحة او الزراعة او البطالة او الفقر او ما الى ذلك، بمعنى آخر، فانهم صبوا كل جهدهم لحل مشاكلهم العالقة منذ ثمان سنوات ولحد الان، وللاسف الشديد، من دون نتيجة ملموسة، والدليل على ذلك ان الحكومة لا زالت ناقصة لم تكتمل وزاراتها الامنية بعد، فيما اكتملت كل وزارات الدولة لانها وجدت بالاساس للتراضي، ما يعني انهم ناجحون بترضية بعضهم البعض الاخر على حساب معاناة المواطن وامن الوطن ومستقبله.

ولا اريد هنا ان انفي المشاكل التي تصحب كل عملية انقلاب جذري يشهده اي بلد في هذا العالم، خاصة كالعراق الذي حكمته انظمة شمولية عنصرية وطائفية عقودا طويلة من الزمن، فالمشاكل امر طبيعي تصاحب كل عمليات التحول التاريخي، الا ان الذي ليس طبيعيا هو ان تشهد العملية السياسية كل هذا التراجع مع مرور الزمن، فعلى الرغم من مرور ثمان سنوات على التغيير الذي شهده العراق، الا ان المواطن لم يلمس حتى الان اي تغيير يذكر في علاقة الفرقاء، بل انه يلمس تراجعا ملحوظا على هذا الصعيد، ولقد تمنى العراقيون ان يتعلم الفرقاء من التجربة فيغيرون ويبدلون ويحسنون ويصلحون في كل عام، على الاقل، امرا واحدا من الامور المتعلقة بالعملية السياسية، ولكن، للاسف، من دون جدوى.

ان المشاكل امر طبيعي، ولكن ما هو ليس بطبيعي ان تظل العملية السياسية تراوح مكانها من دون تطور او تحسن.

ومن اجل ان نبدا مسيرة الاصلاح السياسي التي تبدا بخطوة، اعتقد ان على مجلس النواب العراقي، واخص بالذكر قادة وزعماء الكتل السياسية، الذين يمسكون بتلابيبه ويقبضون على روحه، ان يتفقوا على اجراء التغييرات الدستورية والقانونية اللازمة بما يضمن انطلاق الاصلاح السياسي الذي سيعيد عربة البلد الى السكة، وبما يضمن تحقيق؛

الف: المشروع الوطني الذي لا يعتمد القوى الخارجية للوصول الى السلطة من قبل اي كان من الفرقاء.

ان من يحجز مقعده تحت قبة البرلمان باصوات الناخبين لا يحتاج الى ان يستقوي على زملائه بهذه الجهة الخارجية او تلك، بل ان عليه ان ياوي الى ركن الشارع القوي الذي حمله الى موقع المسؤولية، من خلال تحقيق النجاحات التي تزيد من ارتباطه بقواعده، وذلك هو الاستقواء الثابت الذي لا يتغير.

باء: انطلاق عملية تشكيل الاحزاب الوطنية التي تعتمد معيار (المواطنة) فقط للانتماء الى صفوفها بعيدا عن (الدين) و (المذهب) و (القومية) فالعراق كما هو معروف بلد متعدد الاديان والمذاهب والقوميات، ولذلك لا يمكن توظيف هذه التعددية، وهي نقطة قوة بلا شك، في خدمة البلد في اطار الشراكة الحقيقية الا بالتعددية الحزبية التي تعتمد المواطنة دون اي معيار آخر.

ان ما يؤسف له حقا هو ان الحياة الحزبية في العراق تعتمد اي شئ الا (المواطنة) فهي تعتمد الدين والمذهب والمناطقية والاثنية واحيانا (التقليد المرجعي) وهذا ما يعقد المشهد السياسي لان هذا النوع من الاحزاب تكرس عادة الانقسام في المجتمع وفي العملية السياسية مهما حاولت ان تفعل بالضد من ذلك، لان تركيبتها تنتج الانقسام في المجتمع، شاءت ذلك ام ابت.

جيم: الغاء المحاصصة والحزبية الضيقة ومعيار الولاء للاشخاص والايديولوجيات والانتماءات الضيقة التي لا تتسع لفضاء المواطنة، لنفسح المجال امام جيش العلماء والكفاءات والخبرات العراقية المنتشرة في الاتجاهات الاربع من العالم فضلا عن داخل العراق، لتاخذ مواقعها الطبيعية في عملية بناء الدولة المدنية الحديثة والعصرية، وفي عملية بناء الانسان.

ان الدول لا تبنيها معايير الجاهلية، وعلى راسها المحاصصة، بل على العكس من ذلك فان معيار مثل المحاصصة والتي تعتمد الولاء الحزبي او الولاء للاشخاص وكذلك الاتجاهات الايديولوجية والسياسية وغيرها، ان كل ذلك يدمر الدولة ولا يساعد في بنائها ابدا.

ان معايير مثل الخبرة والكفاءة والايمان والنزاهة والتجربة والاختصاص والعلمية وغير ذلك هي التي تنتشل البلدان المتخلفة من الحضيض لترتفع بها الى مصاف الدول المتقدمة.

ان كل دول العالم التي نشدت التقدم والتطور والبناء الحضاري والمدني الحقيقي اعتمدت مثل هذه المعايير، وعلى راسها وتقف في الاولوية منها التعليم والبحث العلمي من خلال تغيير مناهج التربية والتعليم، وتخصيص الميزانيات الضخمة للبحث العلمي الذي ينقل البلد من حالة الاستهلاك والاعتماد على الاخرين في كل شئ، الى بلد منتج يفيض بما ينتج على غيره فيساهم في المدنية العالمية ويكون شريكا حقيقيا في المجتمع الدولي.

دال: تغيير قانون الانتخابات بما يضمن تحقيق مبدا (صوت واحد لمواطن واحد) من خلال؛

اولا: تقسيم العراق الى عدد من الدوائر الانتخابية يساوي عدد مقاعد مجلس النواب، زائدا مقاعد الاقليات، الى حين.

ثانيا: ان يكون التنافس بين المرشحين على عدد الاصوات الفعلية التي يحصلون عليها في صندوق الاقتراع وليس على اساس القاسم الانتخابي الذي يمنح من لا يستحق من المرشحين اصوات من يستحق منهم في اطار ما بات يعرف بقاعدة (نقل الاصوات) الظالمة.

ثالثا: ان لا يكون الترشيح على اساس القوائم حصرا، ليتم افساح المجال امام كل من يرغب في الترشيح بصفة مستقلة في دائرته الانتخابية (الجغرافية) حصرا.

ومن الاصلاحات المهمة التي يجب ان تسعى الكتل السياسية لتحقيقها هو اجراء التغييرات الدستورية اللازمة بما يوضح طريقة تشكيل الحكومة التي تنبثق في كل مرة عن الانتخابات التشريعية (النيابية) فالى متى يظل الفرقاء يضيعون الوقت والجهد في تفسير معنى (الكتلة الكبيرة) التي يحق لها دستوريا ان تشكل الحكومة؟ والى متى يظل الفرقاء متشبثون بفكرة حكومة الشراكة الوطنية والتي ثبت بالتجربة وبالفعل انها فاشلة وبلا نتيجة؟.

ان ذلك يجب ان يتضح بنص دستوري صريح لا لبس فيه، من اجل ان يتمكن الناخب من تخمين هوية الحكومة المرتقبة بعد كل انتخابات عامة، اسوة بكل دول العالم المتحضر، والا فان سيناريو التاخير والمماطلة والمبادرات العقيمة سيتكرر في المرات القادمة، في ظل الغموض الذي يكتنف النصوص الدستورية المعنية بامر تشكيل الحكومة.

يجب ان تتشكل الحكومة بطريقة تضمن وجود معارضة برلمانية قوية الى جانبها، ليؤدي مجلس النواب دوره الرقابي الدستوري الفاعل، والا فان حكومة بلا معارضة لا تنجح في شئ ابدا، لان اية سلطة تنفيذية لا تشعر بسيف الرقيب مسلط على رقبتها، لن تحاول تحسين اداءها، وقديما قيل (من امن العقوبة اساء الادب) ينطبق هذا على الفرد وعلى الجماعة.

ان غياب المعارضة هو الذي يحمي اليوم الثالوث المشؤوم (الفشل والارهاب والفساد) ولو كان في مجلس النواب معارضة قوية تراقب وتحاسب وتتابع لما انتشر الفساد في مؤسسات الدولة انتشار النار في الهشيم، ولما افلت الارهابيون من قبضة يد العدالة، ولما سكت احد عن الفشل الذي يصيب مختلف مؤسسات الدولة، المركزية منها والمحلية.

ان ذلك هو الذي عطل او اخر صدور التشريعات اللازمة لعملية اعادة البناء والاعمار وكذلك الاستثمار في البلد، وهو الذي اعاد الى الرفوف العديد من التشريعات التي وعدت الكتل بالاسراع في اصدارها، ولكن، من دون نتيجة، ظنا منهم بان الشارع قد نسي اثر هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة.

ان امام الفرقاء السياسين اليوم فرصة ذهبية لانجاز الاصلاح السياسي، فان انشغال العالم العربي، المشاغب، بنفسه جراء الثورات الشعبية التي راحت تهز النظام السياسي العربي الفاسد، والذي طالما ظل يضع العصي في عجلة العملية السياسية لافشالها وتدميرها وبالتالي تدمير التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق، ان انشغال المشاغبين بانفسهم وهم يذوقون من كاس السم التي جرعوها العراقيين طوال السنوات الثمان المنصرمة، يساعد الفرقاء في التفكير بهدوء وبصوت مرتفع، للوصول الى حلول ناجعة تساعد على الاصلاح السياسي الذي سينتج بكل تاكيد اصلاحا على المستويات الاخرى كافة.

على الفرقاء ان لا يضيعوا الفرصة، وان عليهم ان يبدوا جدية اكبر في عملية الاصلاح السياسي قبل ان تنتقل عدوى العواصم العربية الى بغداد، والتي هي، برايي، اولى من غيرها في عملية التغيير اذا فشل السياسيون في تحقيق الاصلاح المطلوب، لان التظاهر السلمي، وهو احد اهم الحقوق التي كفلها الدستور في ظل النظم السياسية الديمقراطية، انسب اداة للتغيير الديمقراطي، فبه تصنع الشعوب رايا عاما متنورا وثوريا قادرا على تحقيق التغيير المرجو والاصلاح المطلوب، طبعا بعيدا عن البلطجة وبعيدا عن الاقلام التي نصبت من نفسها (شرطي حكومة) ترد على كل من يدعو الى الاصلاح اما بالاتهام او الطعن بالولاء والانتماء، او بظاهرة الاستحمار التي تنتشر هذه الايام على السنة (الزعماء والقادة والسياسيين) وباقلام (شرطة الحكومة) كقول بعضهم يعلق على تقييم الشارع العراقي لمهلة المئة يوم (لو ان الحكومة حلت مشاكل العراق في مثل هذه المهلة القصيرة فماذا سيبقى لها في المدة المتبقية من عمرها) وكأن شغل الحكومات الشاغل ينحصر في حل مشاكل البلاد فقط، او كأن المشاكل لا تتجدد بمرور الزمن وتتطور بتطور الحياة، او كأن العراقيين طالبوا بالمستحيل وليس بقليل من الكهرباء والماء الصالح للشرب، وبعدد محدد من التشريعات التي تعيد ثقة الشارع بـ (قادته) او كأنه، بقوله هذا، يطالب، او على الاقل، يشجع على استمرار المشاكل لتستمر الحكومة في البلد، متناسيا بان شغل الحكومات تطوير البلد وليس حل المشاكل فقط.

انه الغباء يا (شرطة الحكومة) اليس كذلك؟.

21 حزيران 2011

الاثنين، حزيران ٢٠، ٢٠١١

ترشيق الوزرات.... ضرورة ملحة

مهدي زاير

أصبح موضوع ترشيق الوزرات أمراَ ملحاً ومطلباً جماهيرياً في حكومة دولة رئيس الوزراء،ففي الحكومة التي تشكلت بعد اتفاق أربيل بواقع (42) وزارة يعد أمراً مربكاً وترهلاً وظيفياً كبيراً ،فالكثير من المناصب منحت من أجل إرضاء كتل سياسية معينة وخير مثال على ذلك صفقة نواب رئيس الجمهورية؛ لأن رئيس الجمهورية منصب شرفي ولايملك صلاحية كبيرة مقارنة بالسلطة التنفيذية،لذلك فوجود ثلاثة نواب هو إرهاق لميزانية الدولة ،و نائب واحد نعتقد أنه كافٍ ولاحاجة إلى استحداث نائبين آخريين .

فاللعبة السياسية في العراق بلغت حد التعقيد الموجود في لبنان والتي هي لحد الآن في طور تشكيل حكومة بسب الخلافات على الوزرات،ولسنا نحن بأحسن حال منهم، فرغم الاعتراضات الجماهيرية الكبيرة وتوجيه المرجعية الدينية حول ضرورة ترشيق الوزرات إلا أن هذه الدعوات لم تلق الإذن الصاغية وظل المشهد العراقي محافظاً على تعقيداته،بسب الكتل السياسية وعدم التخلي عن مناصبها كونه كما يقولون استحقاقها الانتخابي، فالعملية السياسية مرت بالعديد من المطبات والتشنجات،بل وصلت حد تبادل الشتائم والعراك بالأيدي والخوف كل الخوف من وصوله إلى الشارع ووقوع ما لا تحمد عقباه ،كل هذا بسب بعد الكتل السياسية عن بعضها وعدم إجراء حوارات صريحة بعيداً عن التصريحات الإعلامية المستفزة وضعف الثقة فيما بينها وهي بالحقيقة لاتخدم أحداً، فلو جلست هذه الكتل ولديها الرغبة الحقيقة في حل هذه المشكلات لوجدت الحل في أسرع وقت .

مشكلة أخرى تقف في وجه حكومة الشراكة الوطنية هي مشكلة الوزارات الأمنية التي بقيت معطلة كل هذا الوقت لعدم الاتفاق على المرشحين وكل واحد من هذه الكتل يرمي الكرة في ملعب الآخر ،دون تحمل للمسؤولية خاصة أن الوضع الأمني ،بدأ ينحدر نحو الأسوأ وهناك العديد من الخروقات الأمنية في العديد من مناطق العراق ،وأصبح من الضرورة الإسراع في تقديم أسماء الوزراء الأمنيين ،وأعتقد أن تقديم الأسماء إلى البرلمان والتصويت عليهم أحسن من انتظار التوافق السياسي ،خاصة مع اقتراب الإنسحاب الأمريكي نهاية السنة الحالية .

لو قارنا عدد الوزارات مع الموجودة في دولة متقدمة مثل الصين لوجدنا أن الصين لديها(20) وزراة فقط وهي بلد يربو نفوس سكانه على المليار نسمة ،وفي بلد مثل العراق له ظروفه الخاصة يعتبرهذا الترهل الوزاري إثقال للموزانة الاستثمارية العامة ومكن للفساد الإداري بكل صوره ومظاهره ، فالترشيق أصبح ضرورة ملحة لمحاربة الفساد وتقليل الإنفاق الحكومي ، والتوجه نحو الترشيق هو الحل الأمثل .

الأربعاء، حزيران ١٥، ٢٠١١

100 ثانية و..ثالثة

نـــــــــــــــــــــــزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

قد يكون من الانصاف ان ياخذ المواطن العراقي بنظر الاعتبار محدودية الفترة الزمنية التي قضاها جل الوزراء الحاليين في وزاراتهم، عندما يريد ان يقيم اداءهم، ولكن، هل من الانصاف ان نساوي بينهم وبين من قضى لحد الان قرابة ست سنوات في موقعه؟ واخص بالذكر السيد رئيس الوزراء؟ هل من الانصاف ان نقيم اداءه بذات المعيار الذي نقيم فيه اداء وزرائه؟ فناخذ بنظر الاعتبار محدودية فترة المئة يوم الماضية فقط؟ لا يعقل ذلك وليس من الانصاف في شئ، اليس كذلك؟.

لقد احتج المالكي على زملائه في العملية السياسية عندما اصر على التجديد له لولاية ثانية، بقوله انه يريد ان يحافظ على ما انجزه في الدورة الاولى، ليواصل مشواره الى الامام، مكملا المنجز ومحققا الاهداف والبرامج، فهو لا يريد ان يخلفه من سيبدا من الصفر، فالظرف لا يتحمل ذلك، ما يعني انه تبنى السنوات الاربع الاولى من وزارته، فاذا بنينا تقييمنا بالزامه بما الزم به نفسه، على حد قول المناطقة، فكيف يطلب منا اليوم ان نقيم اداءه على اساس محدودية مهلة المئة يوم المنصرمة فقط؟ او اننى سوف لن ننصفه اذا تجاهلنا ذلك؟.

لقد استغربت جدا من كلامه في جلسة مجلس الوزراء يوم امس، وهو يدعو المواطنين الى انصاف الحكومة بتقييمهم لادائها في المهلة المعلنة، اذ كيف يطلب من الشارع العراقي ان يقيم اداءه شخصيا على اساس المئة يوم الاخيرة فقط، فاين يمكن ان يضع، اذن، الاعوام الستة الماضية التي قضاها رئيسا للحكومة؟.

اقول هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار ان المشكلة الكبيرة التي يمر بها العراق حاليا، والتي تتعقد يوما بعد آخر، ليست في اداء شخص ما من بين المسؤولين، وانما يتحملها كل القادة والسياسيين، خاصة زعماء الكتل الذين قضوا لحد الان مدة اكثر من ثمانية اعوام في السلطة وهم يحاولون حل مشاكلهم وتطويعها لخدمة الصالح العام، ولكن من دون نتيجة، لان العلة تكمن في طريقة تعاملهم مع المشاكل وكذلك في طريقة تعاملهم مع العملية السياسية وفي ادارة الدولة، وهذا ما اشارت اليه المرجعية في بيانها الذي صدر عنها في اليوم التالي ليوم الغضب العراقي، عندما حذرت من مغبة (الاستمرار في النهج الحالي في ادارة الدولة).

واقول بصراحة، فلو انهم استمروا على نفس الطريقة من دون السعي لتغييرها بشكل حقيقي فان العراق تنتظره كارثة لا يعلم الا الله تعالى مدى حجم دمارها للبلد، فالعلة في الطريقة والاسلوب والادوات، وان استمرارها سينتج خرابا لا محالة، فاما ان تتغير الطريقة او ان يقلب العراقيون راس المجن على كل هؤلاء الزعماء ويستبدلونهم بآخرين، مصممون على تغيير الطريقة والاسلوب والادوات، وقبل كل ذلك، تغيير العقلية في ادارة البلد.

فلقد روى لنا التاريخ ان احد (خلفاء المسلمين) الفاسدين والظالمين من بني العباس لزمه الارق فلم ينم الليل، فنادى على احد سماره ليسمعه قصة تطرد عنه الارق فيخلد الى النوم، فقص عليه الحكاية التالية، قائلا:

يا امير المؤمنين؛ كان بالموصل بومة، وبالبصرة بومة، فخطبت بومة الموصل بنت بومة البصرة لابنها، فقالت بومة البصرة، لا اجيب خطبة ابنك حتى تجعلي في صداق ابنتي مئة صنيعة خربة، فقالت بومة الموصل: لا اقدر عليها، لكن ان دام والينا سلمه الله علينا سنة واحدة، فعلت ذلك.

وانا اجزم، لو دام والينا مئة يوم اخرى فسيسلمنا العراق يبابا.

لقد انتظر العراقيون ان يلمسوا اقل جدية عند المسؤولين، سواء في مجلس النواب او في الحكومة، وبمعنى آخر عند زعماء الكتل الذين يستحوذون اليوم بقضهم وقضيضهم على كل مؤسسات الدولة، بل حتى على عقول وارادات اعضاء كتلهم السياسية والبرلمانية، الا ان الذي حصل هو عكس ذلك تماما، فلقد سعى الجميع الى ان يضحكوا على ذقن المواطن، ظنا منهم بانه ينسى بسرعة فلا يتذكر وعودهم التي قطعوها له في يوم الغضب (25 شباط) فمثلا:

اولا: لم يشرع مجلس النواب في مدة المئة يوم المنصرمة اي قانون من القوانين التي الح عليها الشارع كاثبات لحسن نوايا القادة، مثل قانون رواتب الدرجات الخاصة، وعلى وجه التحديد الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب، او تعديل قانون الانتخابات او قانون الاحزاب او قانون حماية الصحفيين، او اي قانون آخر من هذا القبيل.

ثانيا: بل على العكس من ذلك فلقد صادق المجلس على اسوأ قرار عندما صوت على ثلاثة نواب للرئيس، القرار الذي جاء وبشكل واضح وصريح بالضد من ارادة الشارع وبالضد من ارادة المرجعية الدينية، ما يعني انهم لم يتعلموا الدرس من يوم الغضب وانهم لازالوا في واد والشعب في واد آخر.

ثالثا: اما الحكومة فقد فشلت في تحقيق اي انجاز يذكر، خاصة على صعيد الخدمات، فلا الكهرباء بقيت على حالها، اعيد الجملة، فلا الكهرباء بقيت على حالها، ولم اقل تتحسن، لانها تراجعت اليوم عما كانت عليه قبل المئة يوم المنصرمة، ولا البطاقة التموينية بقيت على حالها، فهي الاخرى تراجعت بشكل مذهل، كما ان المواطن لم يلمس اي تحسن لا في مياه الشرب ولا في البيئة ولا في التعليم ولا في الصحة ولا في الاعمار واعادة البناء، ولا في اي شئ آخر، كما انها فشلت في التخفيف من حدة الفساد المالي والاداري الذي يستشري يوما بعد يوم في مفاصل الدولة، كان آخر فضائحه ما جرى في البنك التجاري العراقي.

كما ان الحكومة فشلت في تحقيق تحسن ملموس في الوضع الامني، فلقد تزايدت عمليات الاغتيال بالكواتم وعمليات القتل بالصواريخ والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة بشكل زاد عما كان عليه الحال من قبل.

كذلك، فانهم فشلوا في حل ابسط مشاكلهم، ففشلوا مثلا في الاتفاق على تسمية الوزراء الامنيين، وهو الامر الذي يمكن اعتباره اليوم البارومتر الذي نقيس عليه مدى اتفاقهم او تنازعهم، بل وحجم نزاعاتهم.

لدرجة، ان سيادة العراق تحولت، في ظل هذه النزاعات، الى كرة في ملعبهم يتقاذفونها بين ارجلهم بطريقة مجة، ولعل الدليل الابرز بهذا الشان هو موضوع الميناء الكويتي.

الشئ الوحيد الذي حققه (الزعماء) هو تثبيتهم لعبارة (سوف) في كل المشاريع المقترحة، فلم نعد نسمع من البرلمان والحكومة وبقية مؤسسات الدولة، المركزية منها او المحلية، سوى كلمة (سوف) فمثلا؛

سوف يزيد العراق من صادراته النفطية، وسوف تتحسن الكهرباء، وسوف نبني مدارس وسوف نبني جامعات وسوف نبعث زمالات الى الخارج وسوف يشرب المواطنون الماء الصالح للشرب وسوف يتحسن قطاعي الزراعة والصناعة وسوف نتفق على تسمية الوزراء الامنيين وسوف يناقش مجلس النواب القوانين المهمة التي تصب في خدمة المواطن وسوف نقضي على البطالة وسوف وسوف وسوف.

ولذلك اعتقد بان على المواطن ان يمنح (السياسيين) درجة كاملة (100%) على عبارة (سوف) ودرجة (صفر%) على كل شئ آخر.

اين الخلل اذن؟.

برايي فان الخلل يكمن بما يلي؛

اولا: في طريقة تشكيل الحكومة، والتي تسمى بحكومة الشراكة الوطنية، فان هذا النوع من الحكومات تولد ميتة (فاشلة) لانها تلغي اي نوع من انواع المعارضة تحت قبة البرلمان، ما يلغي دور الرقابة والمحاسبة الذي يجب ان يضطلع به مجلس النواب ازاء عمل الحكومة وانجازاتها ومشاريعها.

ان حكومة بلا معارضة لهي حكومة فاشلة بلا نقاش، ولقد جربنا حكومتين سابقتين تم تشكيلهما بهذه الطريقة وها نحن الان نجرب الحكومة الثالثة.

ثانيا: المحاصصة التي تتستر على الفساد والفشل والارهاب، هذا الثالوث المشؤوم الذي يمكن اعتباره اس المشاكل حاليا، فبسببه، مثلا، يتحدث رئيس الحكومة بالرموز عندما يتحدث عن الارهاب، لانه يخشى ان يذكر اسما فيزعل عليه (زعيم القبيلة) الذي تحاصص معه المواقع، وبسببه كذلك يتحدث رئيس مجلس النواب بالرموز فلا يفصح او يضع النقاط على الحروف عندما يتحدث عن فشل ما في الاداء الحكومي، لانه يخاف ان يزعل عليه (الشيخ القبلي) الاخر الذي تحاصص معه المواقع السيادية، وهكذا.

لقد توقع العراقيون ان يبادر رئيس الوزراء الى اقالة عدد من الوزراء مثلا او المدراء العامين او بعض المسؤولين في هذه الدائرة او تلك، بعد انتهاء مدة المئة يوم، كابسط التزام بوعوده التي قطعها للشعب في محاربة الفساد وابعاد الفاشلين وكذلك المتورطون بالارهاب، اذا به يفاجئ الجميع بعدم فعل اي شئ من هذا القبيل، انما اكتفى بتمديد المهلة بمئة يوم اخرى، ليس لانه لا يريد، بل على العكس فقد لمح في اكثر من حديث خلال مدة المهلة الى وجود مثل هذه الحالات بكل تاكيد، ولكن لانه لا يقدر، وتلك هي المصيبة، فرئيس الوزراء الذي لا يقدر على اقالة وزير كيف له ان يحاسبه او يحمله الفشل، مثلا؟ لان المحاسبة التي لا تنتهي في اغلب الاحيان بالاقالة هي ليست محاسبة ابدا وانما عتاب؟ فهل يتحمل الوضع الحالي عتابا ام بحاجة الى محاسبة صارمة؟.

كلهم يتحدثون بالرموز والطلاسم، وان على المواطن ان يتعلم فن فك الطلاسم وقراءة الفنجان وتحضير الارواح والجن ليعرف ماذا يقول هذا المسؤول او ذاك، عندما يتحدث احدهم عن الفساد والارهاب والفشل.

وعندما يتم التستر على الفساد والفشل والارهاب، فهل يمكن لنا ان نتوقع نجاحا او تحسنا في الاداء؟ بالتاكيد كلا والف كلا، لان هذا الثالوث لا يمكن ان نضع له حدا اذا غابت الرقابة الصارمة والمحاسبة الدقيقة.

لقد قال جمعهم بانهم سيعتبرون بيان المرجعية، الذي عبر عن نبض الشارع بشكل دقيق وحقيقي بعيدا عن المجاملات والتهويل والتقليل من شان اي شئ، خارطة طريق للفترة القادمة وانهم سيضعونه نصب اعينهم، سواء تحت قبة البرلمان او على طاولة مجلس الوزراء، اذا بهم يعملون عكس الاتجاه، فمثلا:

دعت المرجعية في بيانها مجلس النواب والحكومة الى اتخاذ خطوات جادة وملموسة في سبيل تحسين؛

الف: الخدمات العامة ولا سيما الطاقة الكهربائية ومفردات البطاقة التموينية وتوفير فرص العمل للعاطلين ومكافحة الفساد المستشري في مختلف دوائر الدولة.

ثانيا؛ وقبل هذا وذاك، على حد قول بيان المرجعية، اتخاذ قرارات حاسمة بالغاء الامتيازات غير المقبولة التي منحت للاعضاء الحاليين والسابقين في مجلس النواب ومجالس المحافظات ولكبار المسؤولين في الحكومة من الوزراء وذوي الدرجات الخاصة وغيرهم.

جيم؛ الامتناع عن استحداث مناصب حكومية غير ضرورية تكلف سنويا مبالغ طائلة من اموال هذا الشعب المحروم والغاء ما يوجد منها حاليا.

فاية واحدة من هذه الفقرات انجزها المسؤولون؟ او حتى جعلوها من اولوياتهم؟ بل انهم زادوا الطين بلة، اذا بكل ما ورد في البيان تقهقر الى الوراء خطوات كثيرة.

هذا يعني انهم كذبوا حتى على المرجعية، فضلا عن الشعب، عندما تعاملوا مع بيانها كحبر على ورق، واعطوا نداءها اذن صماء، ولذلك فان على المرجعية ان تعيد النظر في موقفها الداعم والمؤيد لهم، وان تنتقل من مرحلة الاكتفاء بالسكوت والتعامل السلبي معهم من خلال رفض اللقاء بهم، كما حصل لعدد منهم لحد الان، الى مرحلة الفعل، بل ان عليها، على ما اعتقد، ان تبادر الى الدعوة للتظاهر وقيادة الشارع بنفسها، بعد ان ثبت لها بان الكلام لا يجدي نفعا معهم، فما (حيلة المضطر الا ركوبها) كما يقول المثل، فعندما لا ينفع الكلام ياتي دور الفعل، ولا فعل اليوم امضى من التظاهر في الشارع للتعبير عن الغضب على نقض العهود وعم الوفاء بالوعود، فقد ينفع الفعل هذه المرة فيجبرهم على تحسين الاداء والاعتذار للشعب والمرجعية على ما قصروا بحقهم.

لقد حان الوقت لان تضع المرجعية نصب عينيها قول امير المؤمنين عليه السلام {وما اخذ الله على العلماء الا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم}.

لقد احترم الشارع العراقي في المرة الماضية راي المرجعية وحرصها الشديد على ان لا يستغل ضعاف النفوس التظاهرات التي كان من المزمع ان يشترك فيها ملايين العراقيين، فاكتفت فئة بالمشاركة وامتنعت اخرى عنها، لتعطي المسؤولين الفرصة الكافية للتصحيح والاصلاح والتعديل والتبديل قبل ان تقرر النزول الى الشارع مرة اخرى، وبقوة هذه المرة، ولذلك اعتقد ان على المرجعية وعلى القيادات التي خففت من غلواء اندفاع الشارع في المرة السابقة، كالصدر، الى ان تاخذ هذه المرة زمام المبادرة لقيادة الشارع قبل ان يندفع الشارع بشكل غير منضبط فيضر اكثر مما ينفع، وعندها فليس عليه من عتاب ابدا، فللصبر حدود، كما يقول المثل، اذ لا يعقل ان يستمر الحال على ما هو عليه اليوم مئة يوم آخر، والمرجعية لا تحرك ساكنا.

لقد حذرت المرجعية في بيانها من مغبة الاستمرار على نفس النهج، وها هي الايام تثبت بالدليل القاطع بانهم مستمرون على نفس النهج فكيف ستترجم المرجعية تحذيرها لهم؟ وما هو الفعل الواقعي على الارض الذي ستبادر اليه في هذه الحالة بعد ان ثبت لها بانهم مستمرون في غيهم معصوبي العيون لا يرون شيئا ولا يستمعون الى احد؟.

ماذا ستفعل المرجعية التي ضبطت الشارع في المرة الماضية من اجل المصلحة العامة؟ هل ستستمر في ضبط الشارع بنفس الطريقة؟ بلا فعل وبلا نتائج ملموسة؟ وماذا اذا رفض الشارع ذلك؟ كيف ستتحمل المرجعية المسؤولية وتاخذ الامور على عاتقها؟.

ان عيون العراقيين متسمرة ازاء المرجعية، لتعرف ما اذا كانت ستبادر ام تكتفي بالموقف السلبي الذي لا يعتقد كثيرون بانه سينفع هذه المرة كذلك، بعد ان اثبت السياسيون انهم يتنازعون على المناصب وليس على تحقيق مصالح الناس وانجاز اهدافهم؟.

8 حزيران 2011


الثلاثاء، حزيران ٠٧، ٢٠١١

( النذل )

بتوقيع : بهلول الكظماوي


يحكى أن نذلاً و آخر طيباً للقلب جمعهما القدر لأن يكونا سجينين بزنزانة واحدة, ثم تفاقم هذا القدر بأن يحكم على كليهما بالاعدام وعلى يد جلاد واحد وبوقت واحد.

وهنا يأتي القدر ليكشف ما في دواخل نفسيهما حينما سألهما الجلاد عن آخر ما يتمنياه قبل الرحيل عن الدنيا.

اجاب طيب القلب بانه يحب أن يرى والدته قبل أن يفارق الحياة.

أما النذل فقد اجاب بان كل ما يتمناه أن لا يرى صاحبه امه و يودعها قبل ان يفارق الحياة.

عزيزي القارئ الكريم:

يبدو أن ما يسمى بمجلس التعاون

الخليجي المسيّر من قبل العائلة الحاكمة في السعودية, وصل الى قناعة باستحالة قبول مبادرته الخليجية في اليمن وعدم تمكن الرئيس اليمني بالتوقيع عليها للرفض الذي ستجابه به شعبياً و من كل الاطراف المعارضة حتى بما فيها الطغمة الحاكمة لاستحالة القبول بالفكر الوهابي و بالهيمنة السعودية على مقاليد الحكم باليمن الذي لم يعد سعيداً منذ أن تدخلت في شؤونة الاهداف السعودية.

واخيراً تمكن لآل سعود من تدبير المقلب الاخير في الضحك على ذقون الشعب اليمني عن طريق سيناريو قصف المسجد الذي كان يتواجد فيه الرئيس اليمني على عبد الله صالح اثناء صلاة الجمعة من قبل جهة غير معلومة لحد الآن,

وحتماً عمل هذه الجهة الغير معلومة يصب في صالح السعودية لا غيرها, بدلالة أن الرئيس اليمني المصاب يقبع الآن في المشافي السعودية, ليس لوحده, بل الى جوارة يسكن جميع افراد عائلته و مؤيديه و انصاره المقربين له في قصور آل سعود مؤقتاً تمهيداً الى اكمال دورتهم التدجينية لارسالهم مجدداً لاقلاق اليمن الجديد.

عزيزي القارئ الكريم:

حتماً ان اليمنيين سوف لم ولن يتقبلوا الفكر الوهابي السعودي, والسعوديون يعلمون علم اليقين بان اليمنيين سوف لن يتقبّلوا ذلك في يوم من الايام, وما تدخلاتها في اليمن الا مثل اماني ذلك النذل في القصة اعلاه لاقلاق عمليات التنمية و التقدم الذي يفترض ان يشهدها اليمن بعد رحيل دكتاتورها خوفاً من هذا النهوض اليمني القادم, والذي سيهدد عرش آل سعود ولربما اذا وقف اليمن معافى على قدميه مجدداً, لربما , بل حتماً سيطالبها بالاراض اليمنية الغنية بالنفط و المسلوبة من قبل ما يسمى بالمملكة السعودية.

وحتماً لم تكن السعودية لتتدخّل هذا التدخل السافر لو لم تسند ظهرها و تشد ازرها بامريكا التي هي ايضاً بحاجة الى عملائها الكلاسيكيين في المنطقة.

ولكنهم يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين.


و دمتم لاخيكم : بهلول الكظماوي

امستردام في 5-6-20011

e-mail:bhlool2@hotmail.com

bhlool2@gmail.com

عزيزي القارئ الكريم:

ارفق صورة للرئيس اليمني يرقد في مستشفيات السعودية, لربما كان يرقد على هذا السرير قبله الرئيس التونسي الخلوع زين العابدين بن علي.

الأربعاء، حزيران ٠١، ٢٠١١

احذروا المزايدات على امن البلد

حذر نـــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، الكتل السياسية في العراق من مغبة ظاهرة المزايدات على حساب امن البلد واستقراره ومصالح المواطن وحاجياته اليومية، داعيا زعماء الكتل الى ان يتحدثوا بصوت مرتفع بشان موقفهم من التمديد للقوات الاميركية، فلا يسروا شيئا ويعلنوا نقيضه، فان العراقيين سيكتشفوا تناقضاتهم ونفاقهم ان عاجلا ام آجلا، وعندها سيحاسبونهم حسابا عسيرا.

واضاف نــــزار حيدر الذي كان يتحدث اليوم على الهواء مباشرة لقناة (السلام) الفضائية العراقية في برنامج (السلام والحدث):

ان المكان الطبيعي لمناقشة موضوع التمديد من عدمه، ونوعيته ومدته وفحواه وكل تفاصيله، هو مجلس النواب حصرا، على غرار ما حصل في المرة السابقة، عندما شرع المجلس الاتفاقية الامنية والاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة والتي كانت قد صادقت عليها الحكومة وبعثتها اليه لتصديقها وتشريعها، اما ان تتراشق الكتل السياسية وتسعترض عضلات (الوطنية) في وسائل الاعلام، فهذا امر مرفوض جملة وتفصيلا، لانه يعرض امن البلد للخطر، فالمزايدات والخطاب الاعلامي لا يساهم في اتخاذ القرار الحكيم والصحيح والسليم في واحدة من اخطر القضايا التي تمس امن البلد وسيادته واستقلاله ومستقبله.

يجب على مجلس النواب ان ياخذ بزمام المبادرة بيده، فيناقش الامر بهدوء وروية بعد ان يستمع الى الخبراء والفنيين في الوزارات الامنية، وتحديدا في وزارتي الدفاع والداخلية، والذين سيحددون حاجة العراق للتمديد من عدمه من الناحية اللوجستية فقط، اما القرار السياسي بشان هذا الموضوع فيعود الى مجلس النواب الذي سيناقش القرار الذي ستتخذه الحكومة العراقية بهذا الشان، والتي ستاخذ بنظر الاعتبار كذلك موقف الراي العام العراقي الذي يكره، بكل تاكيد، ان يرى، ولو ليوم واحد اضافي، قوات اجنبية في بلاده، واذا كان لابد من تحقيق التوافق السياسي بهذا الصدد، فانه قائم وموجود سواء تحت قبة البرلمان او في مجلس الوزراء، فما الداعي، اذن، للتراشق والمزايدات والنزاعات الفارغة؟.

عن الحال القانونية لتواجد القوات الاميركية في العراق في حال اتخذ قرار التمديد لها، قال نـــــزار حيدر:

اولا: يجب ان نتذكر بان حالة الاحتلال التي كانت توصف بها القوات الاجنبية في العراق قد انتهت بدخول الاتفاقية الامنية والاستراتيجية الحالية بين بغداد وواشنطن حيز التنفيذ قبل اكثر من عام، ولهذا السبب فاذا تم التمديد لهذه القوات، على اساس اتفاقية جديدة، وضمن الشروط الجديدة التي سيتم الاتفاق عليها بين بغداد وواشنطن، فعندها سوف تطلق عليها صفة (قوات صديقة) تختلف مهامها كليا عما هو الحال عليها لحد الان، حالها حال اية قوات اخرى موجودة في اي بلد آخر تربطه بالولايات المتحدة علاقات استراتيجية، وكلنا نعرف بان هناك اكثر من (1000) قاعدة عسكرية اميركية في اكثر من (130) بلدا حول العالم، وفي عدد من القارات، بما فيها اوربا والاميركيتين واستراليا، مر على بعضها اكثر من نصف قرن كما هو الحال بالنسبة الى القواعد العسكرية الاميركية الموجودة في اليابان والمانيا وكوريا الجنوبية، اما بالنسبة للبلاد العربية، فان في اغلبها قواعد عسكرية اميركية بما فيها دول الخليج الست والاردن ومصر والمغرب وغيرها، كما ان هناك العديد من القواعد العسكرية الاميركية في عدد من الدول الاسلامية وعلى راسها تركيا، ولا ننسى هنا دولة قطر التي فيها اكبر قاعدة عسكرية اميركية في العالم والتي تغطي جغرافيا ثلثي مساحة الامارة.

اذا ما تقرر التمديد للقوات الاميركية، فسوف لن تكون قوات مقاتلة باي شكل من الاشكال، كما انها سوف لن تتواجد في الشارع العراقي ابدا وانما داخل معسكراتها فقط، وستنحصر مهامها في التدريب والدعم اللوجستي للقوات العراقية والاجهزة الامنية، وربما من هذا المنطلق تتجه الحكومة العراقية للتمديد، طبعا بالاضافة الى مهامها الامنية كحماية السفارة الاميركية في بغداد.

ان التمديد للقوات الاميركية في العراق من عدمه هو قرار سيادي لا يحق لاحد كائنا من كان ان يتدخل فيه، سلبا او ايجابا، كما ان على الولايات المتحدة الاميركية نفسها ان لا تمارس اي نوع من الضغط على الحكومة العراقية، باتجاه التمديد، ولتدع مؤسسات الدولة العراقية تاخذ وقتها اللازم والكافي لدراسة الموضوع قبل التسرع في اتخاذ القرار الخاطئ، فواشنطن تعرف اكثر من غيرها، مدى صعوبة الوضع السياسي المعقد في العراق والمأزوم بما فيه الكفاية، وهو لا يتحمل ازمة جديدة قد تعصف به وتدفعه باتجاه الانهيار، وهو الامر الذي ليس لصالح احد ابدا.

يجب ان يتخذ القرار تحت قبة البرلمان في اطار الدستور حصرا، وتحديدا في اطار المادتين الدستوريتين 7؛ ثانيا، و8 والتي تحرم ان يتحول العراق الى منطلق للعدوان على جيرانه باية صورة من الصور، فالعراق الجديد لا يريد ان يكون بؤرة ازمات متتالية في المنطقة والعالم كما كان عليه الحال في عهد النظام الديكتاتوري البائد.

ان العبرة ليست في التمديد من عدمه، فكما قلنا سلفا، فهناك قرابة (130) دولة حول العالم تتواجد فيها قوات اميركية بشتى الصنوف، وانما العبرة في نوعية التمديد، فاذا جاء هذا التمديد على حساب سيادة العراق فيجب ان يقاوم بشتى السبل والطرق، اما اذا جاء التمديد متناغما مع احتفاظ العراق بقراره السيادي على ارضه ومياهه واجوائه، وهو المامول في حال التمديد، فان ذلك امر لا ضير فيه، وربما سيكون لصالح امن العراق واستقراره، لا ادري، فان الامر متروك، كما اسلفت، الى مجلس النواب بعد ان يستمع الى الخبراء والفنيين في الوزارات الامنية، وهو سيشبه حال التواجد العسكري الاميركي في اي بلد من بلدان العالم، والتي بعضها منافس عنيد للولايات المتحدة، ان على الصعيد الاقتصادي او التكنلوجي او السياسي او حتى العسكري في بعض الاحيان، كما هو الحال بالنسبة الى المانيا واليابان وكندا واستراليا وغيرها من دول العالم الصناعية.

من جانب آخر، اعتبر نــــزار حيدر، ان مصادقة مجلس النواب على نواب الرئيس، يمثل الحد الفاصل الذي فرق بين الاتجاه الذي تسير فيه الكتل السياسية والاتجاه الذي يسير فيه الشعب العراقي تتقدمه المرجعية الدينية التي كانت قد تحدثت بلسان العراقيين عندما دعت في بيانها في شباط المنصرم الكتل السياسية الى التوقف عن استحداث المناصب الزائدة التي تستنزف ميزانية البلد على حساب محرومية العراقيين.

لقد اثبتت الكتل السياسية، بهذا القرار، وبما لا يدع مجالا للشك، انها لا تتنافس فيما بينها من اجل المسارعة لتحقيق مصالح الناخب وتحسين حياته المعيشية، فهي لا تتنافس في برامجها الانتخابية الحقيقية ابدا، لتوفير فرص العمل مثلا والتعليم وتحسين الدخل اليومي للفرد العراقي وتحسين الخدمات، وانما هي تتنازع على المناصب فقط، فاذا حصل احدهم على منصب عاد الى منزله من دون ان يفكر بانجاز ابدا، خاصة وان الكثير من هذه المناصب وهمية وليست حقيقية، الهدف منها هو ترضية هذا الطرف او ذاك، وليس من اجل تحسين اداء مؤسسات الدولة.

ولانها تتنازع على المناصب، لذلك بقيت الحكومة عرجاء لم تكتمل حقائبها الوزارية لحد الان على الرغم من مرور قرابة عام ونصف العام على الانتخابات النيابية الاخيرة، كما ان الازمة الخانقة بين الكتل في تزايد يوما بعد يوم، ما يعني انهم يكذبون على العراقيين عندما يقولون في الاعلام فقط بانهم اتفقوا، اذ يبدو انهم لم يتفقوا الا على ان لا يتفقوا فحسب.

لو انهم ينجزون بمقدار ما يتنازعون، لربما غفر لهم المواطن نزاعاتهم الممجوجة، الا انهم لا ينجزون معشار ما يتنازعون عليه، ولذلك فقد ثبت للمواطن انهم يتنازعون على المناصب ولا يتنافسون على خدمته ابدا.

31 مايس (ايار) 2011