وقفت سيدة النساء يوماً على قبر ابيها النبي الاقدس صلوات الله عليهما، وقبضت قبضة من تراب قبره المبارك فشمته ثم بكت وأنشأت تقول: ماذا على مَنْ شمّ تربة أحمدٍ أن لا يشّمَ مدى الزمانِ غواليا ... صُبّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنّها صُبّتْ على الأيامِ صِرنَ لياليا ***** ووقف الامام عليّ يوماً على قبر الزهراء صلوات الله عليهما وانشأ يقول: أرى عللَ الدنيا عليَّ كثيرة وصاحبها حتى الممات عليلُ ... لكل اجتماعٍ من خليلينِ فرقة وكلُ الذي دونَ الفراقِ قليلُ ... وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أنْ لا يدومَ خليلُ

الأربعاء، آذار ٣١، ٢٠١٠

وحدة الكلمة والموقف .. مطلب شرعي و شعبي

أول الغيث
...............

السوداني يتجاهل اقزام (الصباح)

عن موقع الحقائق
....................


قام مدير عام شبكة الاعلام العراقي الدكتور كريم السوداني بتجاهل وتناسي اقزام (الصباح) صفاء وحليم وواثق واحمد وعدم دعوتهم الى مادبة الغداء التي اقيمت في مركز الدراسات الستراتيجية اسوة بمسؤولي الاقسام في الجريدة.
وبعد الانتهاء من المادبة والاجتماع قام الاقزام الاربعة بتقديم طلب الى السوداني ينشدون فيه مقابلتهم فوافق على الطلب شريط ان لايحضر الاجتماع رئيس التحرير او نائب رئيس التحرير او مدير التحرير وبدا الكلام مع السوداني وانتقاد التصرفات الموجودة في الجريدة باعتبار انها جريدتهم وهم المسؤولين عنها على الرغم من ان أي فرد منهم يقوم بشتمها وهو جالس في مكانه يوميا فضلا عن التوصيات التي يستلمونها دوما من(حكيم الاقزام) فلاح المشعل بضرورة هبوط مستوى الجريدة نحو الاسوا واغتنام الفرص لكتابة مواضيع ممكن ان تقوم بالاطاحة بعبد الزهرة زكي والسوداني سويا باعتبار ان الاخير قام بابلاغ فلاح قرار رئيس الوزراء بضرورة تنحيه عن منصبه ومن ثم العودة الى المربع الاول واستعادة قضايا الفساد المالي والاداري والاخلاقي الى العصابة المتمثلة بالاقزام الاربع التي عاثت فسادا طوال السنوات الاربع الماضية وجعلت من الصباح مرتعا للغانيات امثال(ام يثرب)و(حلا) وبار لشرب الكحوليات لكل من صفاء وواثق بحجة المبيت والسهر لمصلحة هذه الجريدة المسكينة.
ايها الاقزام ان ساعاتكم الاخيرة قد حانت على الرغم من تستر رئيس التحرير الحالي عليكم وعلى فسادكم على الرغم من صدور قرار هيئة الامناء بضرورة استبدال هيئة التحرير بحجة عدم وجود بديل عنكم ولكن نتمنى ان تزولو جميعكم بمعية رئيس التحرير الحالي والعودة بكم من حيث اتيتم.

الاثنين، آذار ٢٩، ٢٠١٠

رسالة مفتوحة الى / إئتلاف دولة القانون الإئتلاف الوطني العراقي التحالف الكردستاني

السيد محمد الياسري
....................

بقية السيف .. أخوة الدرب الطويل .. أخوة الجهاد المقدس .. أخوة المحنة والمعاناة .. في إئتلاف دولة القانون والإئتلاف الوطني العراقي والتحالف الكردستاني ..
السلام عليكم وعلى العراق وعلى عباد الله الصالحين
ناضلتم طويلا من أجل الخلاص .. من أجل الحرية .. من أجل السلام .. من أجل عراق حر كريم عزيز ينعم فيه أبناؤه بكامل حقوقهم وتعمهم خيراته .
ناضلتم طويلا من أجل الخلاص .. من الطغمة البعثية الظالمة التي تسلطت على رقاب ومقدرات العراقيين عقودا مظلمة خيم فيها الظلم والإستبداد .
ناضلتم طويلا من أجل الخلاص .. وقد تكلل نضالكم بالظفر والنصر حيث إنهزم البعث المجرم وهلك الطاغية شر هلاك .
حينها إستبشر الشعب العراقي خيرا .. بعهد جديد ... وعراق جديد .. وكله أمل بكم .. بكم أنتم .. لأنه خبركم جيدا .
وبالرغم من تلبد السماء بالغيوم .. بالرغم من الوجود الأجنبي المقلق على أرض عراقنا الحبيب .. وبالرغم من تكالب الحكومات العربية والأقليمية وقوى البعث والتكفير لتخرب العراق وزرع الفتنة بين أبناءه .. بالرغم من جرائم المفخخات والتفجيرات والقتل الجماعي .. بالرغم من الأصوات النشاز ضد التجربة العراقية الوليدة .
كنتم الأقوى والأقدر على إدارة الصراع (صراع الإرادات) وتكسرت على صخرة وحدتكم إرادات الشر .. لأن الشعب معكم و إرادته مستحيل أن تكسر فهو شعب لا يقهر مهما تفرعن الطغاة قد يصبر ولكنه لا يستسلم .
فالعراق اليوم سيد قوي أبي واقف بشموخ كنخيله الباسقات .. بعد أن تهشمت على أرضه قوائم الأرهاب وأشرقت شمسه على لصوص الليل .. وإنكشف الصبح لذي عينين .. فجففت منابع الأرهاب وإزيلت حواضنه ولم يعد للبعث والقاعدة من ملاذ آمن على أرضنا ..
سيما في ظل حكومة نوري المالكي وهذا ما لا ينكره إلا مكابر ومعاند فالكل يعلم بأي حال من الإضطراب كنا وفي أي حال من الإستقرار أصبحنا بعد أربع سنوات من عمرها وكلكم قد ساهمتم في نجاحها .
لكن .. يا أخوة الدرب .. للعراق أخوة كأخوة يوسف الصديق .. نزغ في قلوبهم الشيطان .. فتملكهم الحسد والحقد .. فألقوه في البئر وقالوا لأبيهم أكل الذئب أخانا . فبالأمس ذبحوه بحراب البعثيين واليوم بحراب غلمانهم .
ومرة بعد أخرى تحاك المؤآمرات في العواصم العربية .. ضد العراق .. ضد تجربته الديمقراطية .. ضد إرادة شعبه .. .. وبدأوا يحنون الى زمن البعث لأن الشعب العراقي تستفز إرادة الشعوب العربية لتختار من يمثلها .
أخوة الجهاد .. لأ تخفى عليكم خيوط هذه المؤامرة الخطيرة التي دبروها للإنقلاب على الإستحقاق الإنتخابي بالتزوير بعد شراء ذمم بعض الموظفين في المفوضية والتأثير على بعض كبار موظفي الإدارة الأميركية والأمم المتحدة .. فالتزوير واضح لا يقبل الشك لصالح القائمة العراقية أوالتحالف البعثي وهذه العواصم متورطة في سرقة أصوات العراقين ومن سرق الأصوات اليوم سيسرق الدولة غدا .
ووجوه التزوير المشؤوم لا تختلف عن وجوه الإنقلاب البعثي الأسود عام 63 وعام 68 والتي جائت بشعارات الوحدة والحرية والاشتراكية وسرعان ما كشرت عن أنيابها التي تقطر دما وبدأ بعضها ينهش لحم بعض للسيطرة والنفوذ الى أن وصلت الى طاغية العصر صدام المقبور فتربع على عرش من الجماجم .
وحينها لم تكن القوى الوطنية العراقية بهذه القوة وهذه اليقظة وهذا الوعي السياسي .. فجاؤوا الى الحكم في غفلة من الزمن ..
نقسم عليكم .. بحق دماء الشهداء .. بحرمة دم الشهيد محمد باقر الصدر ودم الشهيد محمد محمد صادق الصدر والشهيد محمد باقر الحكيم بحرمة شهداء حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية والإنتفاظة الشعبانية .. أن لا تدعوا هذه التجربة المريرة تتكرر .. أن تفوتوا الفرصة على مخططات العواصم التي باعت الأرض العربية بالأمس وباعت العراق على الدوام وبأ بخس الأثمان .. أقتلوا الحلم البعثي بعودة عقارب الساعة الى الوراء .. أملنا بكم كبير .. أكتب لكم وقلمي يقطر دموعا لأن مداده ضمير الشعب العراقي .
توحدوا وتحالفوا من أجل العراق .. فبأيديكم مستقبلنا جميعا .. فلا نريد عودة البعث بأي ثوب وبأي أسلوب .. نحن على ثقة بكم في تجاوز هذه المرحلة .. وقيادة العراق بعد إنسحاب القوات الأمريكية منه .
أخوة المحنة .. بالحوار والتفاهم تتذلل الصعاب ويتم التوصل الى أفضل الحلول .. وأملنا أن تجدد ولاية السيدين جلال الطالباني ونوري المالكي لتكون أكبر ضربة للمشروع التآمري البعثي السعودي .
والأهم من ذلك هو توحدكم وأن لا تسمحوا للبعثين بالجلوس معكم .. الله الله بالعراق .. الله الله بالعراق .

النجف الأشرف

السبت، آذار ٢٧، ٢٠١٠

عــصــا الــديــمــقــراطــيــة

نـــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

هي لا تشبه عصا موسى السحرية، بكل تاكيد، لان تلك العصا كانت تقلب الامور راسا على عقب بلمسة، اما عصا الديمقراطية فليست كذلك، وان كانت النتيجة واحدة، الا انها عادة ما تاخذ الوقت الكافي، فتراقب عن بعد، ثم تعذر وقد تقبل بعض الحجج، الا انها تقلب الطاولة كذلك على اي لاعب تاخذه العزة بالاثم، ولات حين مندم.

لا اريد هنا ان انزه عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فلقد شاب عملها الكثير من اللغط والشبهة في احسن الفروض، الا انني اريد ان احيي وعي الناخب الذي عرف كيف يمسك بعصا الديمقراطية لينزلها على رؤوس من قصر في حقه وخان عهده ومد يده الى المال العام وفشل في انجاز مهامه، وبعد كل هذا عاد ليرشح نفسه في هذه الانتخابات، وكانه كان يشتهي الهزيمة اثر اصراره على التعنت وعدم اعترافه بالخطا او التقصير والفشل.

قبل كل شئ، اتمنى على كل مواطن عراقي ان يطلع على ارقام الاصوات التي حصل عليها كل مرشح، فسيجد ان مرشحين نفختهم الظروف، كالبالون، في غفلة من الزمن ليتبوأوا مقاعد في الدولة العراقية الجديدة لم يكونوا اهلا لها، قد وخزت بطونهم عصا الانتخابات فنفست الهواء الزائد ليعودوا الى حجمهم الطبيعي، فيما ان عددا من المرشحين كانت قد خانتهم الظروف لسبب او لاخر، فلم تفسح لهم المجال ليتبواوا المكان المناسب واللائق، قد عادت لهم احجامهم الطبيعية، على امل ان يجدوا في المرحلة القادمة الظروف المناسبة لخدمة البلد في الموقع الذي يليق بهم.

شخصيا ساحتفظ بهذه الارقام في ذاكرتي، والتي اعلنت عنها اليوم رسميا المفوضية، ولم ادعها تهرب مني او ينسينيها الشيطان، لاعيد قراءتها كلما سمعت احد المنفوخين (يعربد) مكابرا.

بعد هذه المقدمة، اود هنا ان اقرا نتائج الانتخابات بعين المنصف والمحايد، لتكون القراءة دقيقة وغير منحازة، متمنيا ان لا يزعل احد علي، فاني لا اهدف الى الشماتة والعياذ بالله او الى الانتقاص من هذا الطرف العتيد او ذاك السياسي البارع، ابدا، فصندوق الاقتراع دول اذا اهلك احد اليوم فقد يستخلفه غدا، والعكس هو الصحيح، فاذا استخلف احد اليوم فقد يهلكه غدا، المهم ان نقف على وجه التحديد على النتائج بعين البصيرة والعقل والمنطق، وبرؤية الدارس، وليس بعين الحاسد او الغاضب او الشامت، فالعين الاولى هي التي تساهم في تحسين الاداء اما العين الثانية فلا تغني ولا تسمن من جوع ابدا.

ان ما ميز هذه الانتخابات عن سابقتها، هي انها جرت بنظام القائمة المفتوحة الذي اقره قانون الانتخابات، والذي منح الناخب فرصة تحديد خياراته بشكل ادق مما فات، ولذلك يمكن اعتبار نتائج التصويت نوع من الاستفتاء الشعبي على فشل او نجاح اي من المسؤولين في الدولة (وزراء او نواب او وكلاء وزراء او ما اشبه) ممن كان قد رشح نفسه في هذه الانتخابات.

انه استفتاء على مدى رضا الناخب باداء هؤلاء المسؤولين، وتصويت على النجاح او الفشل.

وبعودة سريعة الى تلك الارقام، سنلحظ ان عددا كبيرا من الوزراء والنواب لم يحصلوا من الاصوات الا على عدد اصابع اليد، او اكثر من ذلك بقليل، بل ان بعضهم خرج من نتيجة الانتخابات وهو مطلوب للناخب بعض الاصوات، ما يشير الى مدى سخط الناخب على اداء مثل هؤلاء، كما انه يؤشر على ان الناخب قد حكم على مثل هؤلاء بالفشل والهزيمة.

لذلك، فان من الواجب على رئيس الوزراء القادم ان لا يستوزر اي واحد من هؤلاء، حتى اذا تمكن بعضهم من ان يتبوأ مقعدا تحت قبة البرلمان بسبب النظام الانتخابي الذي نص عليه قانون الانتخابات، وطريقة حساب الاصوات وتحديد الفائزين، او بسبب الولاء الحزبي مثلا او المحاصصة او لاي سبب آخر.

المهم ان لا يستوزر هؤلاء وان لا يسمح لهم بان يتبواوا اي موقع رسمي مهم في الدولة العراقية، فكيف اذا كان سياديا؟.

كذلك فان النتائج كشفت عن ما يشبه الاستفتاء الشعبي عن مدى حضور التيارات السياسية في الوسط الشعبي، فبينما اكدت على ان التيار الديني لا زال هو الحاكم في الوسط الشيعي، اشارت من جانب آخر الى ان التيار الديني في الوسط السني قد تقلص بدرجة كبيرة، من خلال عدد المقاعد المتواضعة التي حصلت عليها جبهة التوافق، الحزب الاسلامي، والذي خسر جمهوره لصالح العناصر (الاسلامية) السنية التي رشحت مع (العراقية) (التجديد) تحديدا، ربما لان هذا الجمهور اعتبر هذه العناصر هي الوريث الشرعي لارث التيار الديني في الوسط السني وليس الحزب الاسلامي، لا ادري.

كما سجلت النتائج حضورا يعتد به للتيار القومي (العروبي) في البلد، والذي يرتبط في ذهن العراقيين بالماضي، فيما اشارت الى ضعف التيار القومي (الكردي) الذي خسر، بالجبهة الكردستانية، الكثير من مقاعده لصالح التيار الديني بشقيه وجماعة التغيير التي انشقت عن الجبهة الكردستانية بسبب تساهلها في الصبغة القومية المتزمتة، او ربما ان الناخب الكردي اراد ان يعاقب الجبهة الكردستانية بسبب سياساتها الحزبية الضيقة التي تقدم الولاء للحزب واحيانا للعشيرة على الولاء للاقليم فضلا عن الوطن.

بشان التيار الديني بشكل عام، والذي يتمثل هنا في الوطني العراقي ودولة القانون، بالاضافة الى الاحزاب الدينية السنية والكردية، فقد اكدت النتائج من جديد على انه لا زال هو سيد الموقف واللاعب الاكبر بشكل عام، اذ زاد من مقاعده ما نسبته تقريبا (4%) فيما اشارت نفس النتائج الى ان تيار اليسار (الحزب الشيوعي) انتقل، سياسيا، الى رحمة الله تعالى بعد عمر مديد قضاه بالبر والتقوى، على حد وصف احد الظرفاء ممن يحبون النكتة السياسية من العيار الثقيل.

الملفت للنظر هو ان سنة العراق اجمعوا على التصويت لـ (العراقية) مقابل مقاطعة كل الشخصيات السنية التي كانت قد رشحت ضمن القوائم الشيعية (الائتلاف الوطني ودولة القانون) ولذلك فان الارقام التي حصلت عليها هذه الشخصيات جاءت متواضعة جدا لا تتناسب وحجمها ودورها ومواقفها، بالرغم من ان فيها شخصيات سياسية واجتماعية ودينية مهمة جدا في وسطها، ما يشير الى انهم تعاملوا بمذهبية عالية، لدرجة ان كل الفائزين تقريبا من قائمتي (الائتلاف الوطني) و (دولة القانون) هم من الشيعة، الامر الذي زاد من عدد الاصوات التي حصدتها (العراقية) خاصة في المناطق السنية، بالاضافة الى الاصوات التي حصدتها في المناطق الشيعية سواء في العاصمة بغداد او في محافظات الجنوب، والتي يمكن وصفها بالليبرالية او التي لم تعد ترى في الاحزاب الدينية امل في التغيير وتحسين الاوضاع.

كما ان النتائج تشير الى ان السنة صوتوا للمرشحين السنة في (العراقية) حصريا ما يعني ان تصويتهم كان على اساس مذهبي، حالهم حال بقية شرائح المجتمع العراقي، فلقد صوت الشيعة للمرشحين الشيعة في نفس القائمة وفي بقية القوائم، وكذا الحال بالنسبة الى الكرد والتركمان، الذين تشير النتائج الى انهم تصرفوا بمذهبهم اكثر من تصرفهم باثنيتهم، ما يفسر خسارة الكتل التركمانية حتى في كركوك، مسقط راسها.

هذه النتيجة تدلل مرة اخرى على ان التصويت هذه المرة، كذلك، كان على اساس الانتماء الى الدين او القومية او المذهب، وليس الى الوطن، وان كان الناخب قد اخذ بنظر الاعتبار منجز الناخب وتاريخه ومواقفه، ولكن كل ذلك في اطار الانتماء المذهبي او الديني او الاثني، وليس في الاطار الوطني.

لقد جاء تصويت السنة بهذه الطريقة بالرغم مما بذلته الحكومة العراقية وشخص السيد رئيس الوزراء من جهود مضنية من اجل ابعاد الشبهة الطائفية عن تعاملها مع العراقيين، وسعيها الدائم للوقوف على مسافة واحدة من الجميع من دون تمييز، بل انه كان احيانا اقسى على طائفته من غيرها عندما تعامل، مثلا، بعنف مع التيار الصدري في اكثر من محافظة لدرجة انه كاد ان يقضي عليه لولا اتساع القاعدة الشعبية لهذا التيار، وقوة حضوره في الساحة السياسية، وشدة تماسكه العقائدي، وكل ذلك ظنا منه بان مثل هذه الطريقة قد تغير من قناعات السنة، الا ان نتيجة الانتخابات اثبتت انهم لا زالوا يتوجسون خيفة من الاغلبية.

والا، بماذا يمكن ان نفسر خلو قائمة (رئيس الحكومة) من السنة تحت قبة البرلمان بغير هذا؟.

واحدة من النتائج الملفتة للنظر هو ما يخص (العراقية) والتي اشارت الى ان محور هذه القائمة، واقصد به (حركة الوفاق الوطني) التي يراسها السيد اياد علاوي لم تحصد العدد الذي يعتد به من المقاعد، لدرجة ان مجمل القائمة فازت باصوات التيارات والاحزاب والكتل السياسية الاخرى المنضوية تحت لوائها، والتي تقف على راسها (الحدباء) في الموصل و (الصحوات) في الانبار وغيرها و (التيار الديني المنشق) اذا صح التعبير، في العاصمة بغداد، ما دفع ببعض المراقبين الى القول ان حال (العراقية) يشبه الى حد كبير حال (راكب حمار غيره) يمكن ان يطلب منه الحمالون النزول عن ظهر حمارهم متى شاؤوا ذلك، ومتى ما قرروا تغيير تحالفاتهم وولاءاتهم السياسية، ولذلك يتوقع كثيرون لـ (العراقية) انها اول من ستشهد الانشقاقات من بين جميع الكتل الاخرى، خاصة اذا لم تشارك في الحكومة المرتقبة.

ان هذه الظاهرة هي التي تفسر عنصر المفاجأة في فوزها بهذا الكم الهائل من المقاعد.

لقد عاقب الناخب في هذه الانتخابات عدد كبير من الكتل والاحزاب والافراد، فمثلا:

عاقب الكرد التحالف الكردستاني، فجاءت النتائج ان خسر العديد من المقاعد تعادل نسبة (3%) تقريبا.

عاقب الشيعة (دولة القانون) الذي خسر، قياسا الى ما حصل عليه في انتخابات مجالس المحافظات السابقة ما نسبته (10%) فيما اعادوا الاعتبار بعض الشئ الى (الائتلاف الوطني) مجتمعا بكل مكوناته، قياسا لما حققه من نتائج متواضعة في انتخابات مجالس المحافظات.

عاقب السنة، جبهة التوافق التي وصف احد زعماءها النتائج التي حصدتها بالخاسر الاكبر.

وبعبارة مختصرة، فان الناخب عاقب احزاب وكتل الحكومة فيما منح ثقته لاحزاب وكتل المعارضة، لدرجة ان السنة بشكل عام انتقلوا من جبهة التوافق، المشاركة في الحكومة، الى (العراقية) التي قاطعت الحكومة منذ زمن بعيد، واذا اضفنا هذه النتيجة الى عدد الناخبين الذين لم يشتركوا في عملية الاقتراع (حوالي 8 مليون) بسبب اعتقادهم بعدم جدوائية المشاركة في تحقيق التغيير المرجو، فستكون النتيجة التي يمكن استخلاصها من كل ذلك، هو ان الناخب بشكل عام ساخط على الحكومة واحزابها وكتلها، بدرجة او باخرى.

وان ما يمكن ان نسوقه هنا كدليل على ما نذهب اليه، هو ان عدد كبير من الحزبيين المخضرمين في هذا الحزب الحاكم او ذاك، خسروا مقاعدهم في هذه الانتخابات لصالح مرشحين (مغمورين) كما ان عددا كبيرا آخر من هؤلاء المخضرمين لم يحصدوا الا على اصوات متواضعة بالقياس الى ما حصده آخرون (مغمورون) وبالقياس كذلك الى تاريخهم الحزبي المجيد والعريق، ما يشير الى ان الناخب حكم على العديد من الاحزاب بالفشل، ولذلك سعى هذه المرة الى ان يمنح ثقته للمرشح ليس على اساس تاريخه الحزبي، وانما على اساس تاريخه الشخصي وما اذا كان صالحا يستحق الثقة ام لا؟ فضلا عن اتجاه الناخب صوب المستقلين، اكثر من اتجاهه صوب الحزبيين، ما يفسر الفوز الساحق لكتل مثل (مستقلون) و (كفاءات).

حدث هذا في العديد من المحافظات بما فيها العاصمة بغداد، وقد شمل الكثير من الاحزاب منها (حزب الدعوة الاسلامية) بكل اتجاهاته و (المجلس الاسلامي الاعلى) بكل تسمياته و (الحزب الاسلامي) و (الاتحاد الوطني الكردستاني) و (الحزب الديمقراطي الكردستاني) وقبلهم جميعا (الحزب الشيوعي) الذي لم يحصد سكرتيره في العاصمة بغداد الا على بضعة مئات من الاصوت او تزيد قليلا.

ولعل التيار الوحيد الذي لم يعاقبه الناخب بل جدد ثقته به هو (التيار الصدري) الذي حصد لوحده ما نسبته (12%) تقريبا من عدد مقاعد البرلمان الجديد، اي بزيادة ونسبتها (2%) عن المرة السابقة، فيما حصد مرشحون محسوبون على هذا التيار، في قوائم اخرى، على نسب عالية من الاصوات.

وما يلفت النظر في فوز هذا التيار هو ان جل النساء المرشحات في قوائمه فزن باصوات الناخب وليس بالقاسم الخاص بالنساء (الكوتة) بل ان جلهن حصلن على المراتب الاولى في القوائم، ما يعني ان التيار حقق الفوز بجدارة واقتدار، ان برجاله او بنسائه، ما يفسر بروز دوره من جديد في العملية السياسية .

لقد سعى هذا التيار الى ان يوظف الانتخابات لاثبات وجوده بعد الضربات الموجعة التي تلقاها من الحكومات المتعاقبة منذ سقوط الصنم، في محاولة منه لاعادة الثقة بنفسه، ولذلك اشارت الانباء الى ان قادة التيار ركزوا جهدهم على الارض اكثر من الاعلام والدعاية الانتخابية، ولذلك، تظهر النتائج ان قاعدة التيار كانت قد التقطت مرشحيه في القائمة من بين المئات من المرشحين، وهو الان يسعى لان يكون له تاثير قوي ومباشر في العملية السياسية واستحقاقات ما بعد الانتخابات، كتسمية رئيس الوزراء القادم وتشكيل الحكومة وما الى ذلك، ربما ليعوض عما فاته بسبب سياسة (الجسور) التي كان يمدها للاخرين للوصول الى السلطة فيما بقي هو مختبر تجارب لهذه الحكومة او تلك.

بذلك تكون المقولة المشهورة (ان الضربة التي لا تقضي عليه، تقويه) قد تم تطبيقها على التيار الصدري على اكمل وجه، وهو الان يستبدل ادواته، فيستعيض العمل المسلح بالسياسة، وخيرا يفعل.

التركمان، من جانبهم، فقدوا الثقة بالاحزاب القومية ولذلك صوتت اغلبيتهم الساحقة في كركوك الى (العراقية) فيما عزفت عن منح التيارات والاحزاب القومية والدينية التركمانية اية ثقة.

من جانب آخر، فقد كشفت نتائج الانتخابات عن الاحجام الحقيقية لكل مكون من مكونات الشعب العراقي، خاصة وان هذه المرة لم يقاطع احد منها الانتخابات كما حصل في المرة السابقة، عندما قرر السنة عدم المشاركة في الانتخابات ما دفع بالعديد الى الطعن في حقيقة النسب المئوية لكل مكون اجتماعي.

فقد اثبتت النتائج ان الشيعة يشكلون ما نسبته (63%) على الاقل من مجموع الشعب العراقي فيما يشكل الكرد ما نسبته حوالي (18%) والسنة ما نسبته (16%) او يزيد قليلا.

الحقيقة المهمة التي كشفت عنها النتائج هي ان الناخب العراقي مشتت الراي، لدرجة ان كل المرشحين الـ (6) آلاف تقريبا حصدوا عددا من الاصوات قلت او كثرت، وكأن الناخب يبحث عن شئ ضائع في كل هؤلاء، وهي ظاهرة ينبغي على العراقيين الانتباه لها للحيلولة دون تكرارها في المرات القادمة، لان التركيز في الاختيار يساعد على بلورة نهج الديمقراطية وادواتها بشكل افضل، من خلال مساعدة الكتل على اداء برنامجها الانتخابي.

الحقيقة الاخرى، هي ان الناخب ذهب الى صندوق الاقتراع وهو قاصد على وجه التحديد مرشحه المفضل، بمعنى آخر انه ذهب الى الانتخابات وهو يعرف تحديدا ماذا يريد، ولاي المرشحين سوف يدلي بصوته، ما يعني، ان المال والدعاية والتهريج الاعلامي، كما رايناه من بعض القوائم الانتخابية، لم يؤثر كثيرا، انما الذي ساق صوت الناخب الى ورقة الاقتراع هو اما البرنامج الانتخابي للمرشح او انجازاته ونجاحاته او نظافته وتاريخه المشرف، او في احسن الفروض توجهه الفكري والسياسي وربما الحزبي، والا ماذا يعني ان يحصل مرشح ما على مئات الالاف من الاصوات فيما لا يحصل آخر الا على بضع عشرات منها وكلاهما معروفان في صخب الاعلام وضجيج الدعاية، فضلا عن ان كلاهما في السلطة؟.

اخيرا، فان نسبة التجديد في نواب مجلس النواب القادم قد بلغت حوالي (30%) وهي نسبة كبيرة جدا اذا ما قيست بحداثة التجربة الديمقراطية، ما يعني ان استمرار التجربة وتراكم الخبرة عند العراقيين سيحقق التغيير عاجلا، الامر الذي يشير الى جدوائية المشاركة في الانتخابات على العكس مما يروج له اعداء الديمقراطية والعملية الانتخابية في العراق الجديد.

26 آذار 2010

الجمعة، آذار ٢٦، ٢٠١٠

بعد أعلان نتائج الأنتخابات .. من هي الكتلة الأكبر التي ستشكل الحكومة الجديدة؟؟

مدحت المحمود

رئيس المحكمة الاتحادية العليا
.................................

العدد:25/اتحادية/2010

التاريخ:25/3/2010

طلب

ورد إلى المحكمة الاتحادية العليا كتاب مكتب رئيس الوزراء المرقم (م.ر.ن/1979) المؤرخ في 21/3/2010 متضمناً تفسير المادة (76) من دستور جمهورية العراق وأورد الكتاب نص المادة المذكورة, طالباً تفسير تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) الوارد في المادة.

وضع الطلب أعلاه موضع التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25/3/2010 وبعد الرجوع إلى أراء فقهاء القانون الدستوري والتمعن فيها توصلت المحكمة الاتحادية العليا إلى الرأي الأتي:

الرأي

وجدت المحكمة الاتحادية العليا من استقراء نص المادة (76) من دستور جمهورية العراق بفقراتها الخمسة ومن استقراء بقية النصوص الدستورية ذات العلاقة. إن تطبيق أحكام المادة (76) من الدستور يأتي بعد انعقاد مجلس النواب بدورته الجديدة بناء على دعوة رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام المادة (54) من الدستور, وبعد انتخاب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً للمجلس ثم نائباً أول ونائباً ثانياً له وفق أحكام المادة (55) من الدستور بعدها يتولى المجلس انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وفق ما هو مرسوم في المادة (70) من الدستور, وبعد ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية يكلف وخلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخابه مرشح ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) بتشكيل مجلس الوزراء.

وتجد المحكمة الاتحادية العليا ان تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً )) يعني: إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة, دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد, أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب, أيهما أكثر عدداً, فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عدداً من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء أستناداً إلى أحكام المادة (76) من الدستور.

وصدر الرأي بالاتفاق في 25/3/2010 .

انتهى .

مدحت المحمود

رئيس المحكمة الاتحادية العليا

علي الشلاه يكتسح اصوات بابل

سلام النجم
............

من دون مقدمات في الاسابيع الماضية قرأنا مقال ( علي الشلاه في قائمة نوري المالكي ابشروا بعودة البعث ) كنا نعتقد ان صاحب المقال يريد ان ينبه الناس الى التأريخ البعثي للشاعر علي الشلاه المرشح في قائمة ( عدو ) البعث المجاهد السابق نوري المالكي في بابل / الحلة .

كنا نعتقد ان الناس ستمتنع عن التصويت لعلي فاضل حسين الشلاه لانه كان يعمل في الجوقة الاعلامية للمجرم المقبور صدام حسين فقد كان علي الشلاه رئيس تحرير مجلة اسفار البعثية ومدير تحرير صحيفة القادسية ومن المقربين جدا للمجرم عدي صدام الذي نصبه رئيسا لاتحاد الشباب .

نشر مقال علي الشلاه في قائمة نوري المالكي في اجواء الحملات والمظاهرات التي كانت تتوعد البعث والبعثيين بالويل والثبور وعظائم الامور ان هم عادوا .

لكن بعد ان ظهرت نتائج الانتخابات في الحله والعراق وتقدم البعث والبعثيين الصفوف بقيادة رفيقهم الشاعر علي الشلاه الذي حصل لوحده على اكثر من 14 الف صوت في محافظة بابل ايقنا ان الشعب العراقي يريد عودة البعث وان المظاهرات التي نظمتها القوى السياسية لبعض الافراد ماهي الا ضحك على الذقون وان لا تزوير ولا هم يحزنون وما المظاهرات والمقالات التي نشط كتبها الا دعاية مجانية توجه الناس الى انتخابالبعث ومرشحوه .

نعم العراقيون قالوا كلمتهم ( نعم للبعث وعودة البعث ) وخير دليل على ذلك حصول علي الشلاه الذي لم يكن يفارقه الزيتوني والمسدس هدية السيد الرئيس على هذه الاصوات .

والا اين ال 12 مليون الذين زحفوا الى الحسين قتيل البعث يوم الاثنين

هل كانت مظاهرة لاجل التصويت للبعث في يوم الاحد ؟!!

فأهلا وسهلا بعودة البعث الذي سيعيد كتابة التأريخ بالعظام الشيعية مدادها دماء كردية .

وهنيئا لمن استشهد قبل سقوط الصنم

هنيئا لشهداء القبور الجماعية وهنيئا لشهداء الانفال .....

حيث حباهم الله بالشهادة لكي لاترى عيونهم ترشيح بعثي في قائمة الدعاة

سلام النجم

alnegim@gmail.com

الخميس، آذار ٢٥، ٢٠١٠

دليل جهلهم بقانون الانتخابات

نــــــــــــــــــزار حيدر

لموقع (درابين)

. . . . . . . . . . . . . . .

قال نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان استعجال الكتل السياسية بالاعلان عن نتائج الانتخابات هو الذي اوقعها في الحرج امام جمهورها، ما دفعها الى الحديث عن احتمالات التلاعب، الامر الذي اثار كل هذا اللغط بين العراقيين.

واضاف نـــزار حيدر، الذي كان يجيب على اسئلة موقع (درابين) الالكتروني:

ان استنتاجات البعض للنتائج وما رتب عليها من احتساب عدد المقاعد البرلمانية لهذه الكتلة او تلك، كل حسب تصوراته وليس حسب النظام المتبع، دليل واضح على انهم يجهلون قانون الانتخابات وطريقة احتساب الاصوات وتقسيم المقاعد.

ادناه نص الاسئلة والاجوبة:

السؤال الاول:

ما هو تقييمكم للتغطية الاعلامية للانتخابات العراقية على المستوى الدولي والعربي والمحلي؟.

الجواب:

لقد اختلفت التغطية الاعلامية باختلاف الاتجاهات السياسية والانتماءات الرسمية وحساب المصالح السياسية لمختلف وسائل الاعلام، بالاضافة الى اختلاط العمل المهني مع الامنيات والتطلعات لكل وسيلة اعلامية، ولكن بشكل عام فان الاعلام الاجنبي تعامل بحيادية اكبر مع العملية الانتخابية اذا ما قورن بالاعلام العربي الذي تعامل معها بعدوانية واضحة، لدرجة انه كان يسعى الى ارعاب الناخب العراقي وتخويفه، في محاولة منه للتاثير اما على خياراته او حتى على اصل قراره في المشاركة بالانتخابات من عدمها.

اما بالنسبة الى الاعلام الاميركي، على وجه التحديد، فقد تعامل مع العملية الانتخابية كما لو انه يغطي الانتخابات الاميركية، فبالاضافة الى انه تعامل معها بكل ايجابية، سواء بالوصف او بالمحتوى، كما هو الحال مثلا مع جريدة (الواشنطن بوست) التي نشرت على كامل الصفحة الاولى من الملحق الذي صدر في اليوم الاول لانتخابات الخارج، صورة للعلم العراقي وامامه اصبع ناخب عراقي باللون البنفسجي وفوق الصورة عبارة (يوم القرار العراقي) فانه، الاعلام الاميركي، حرص على تغطية زيارات كبار المسؤولين الاميركيين الى عدد من مراكز الاقتراع خاصة في العاصمة واشنطن، وكذلك كل ما صدر عنهم من بيانات وخطابات ومواقف رسمية، للاشارة الى اهمية هذه الانتخابات وحقيقة جوهرها، وانها ليست صورية كما تجري عادة في البلاد العربية ذات الانظمة الاستبدادية الديكتاتورية البوليسية الوراثية.

بشان التغطية المحلية، فلان جل وسائل الاعلام العراقية المرئية والمسموعة والمقروءة مملوكة للاحزاب والتيارات والكتل السياسية المشاركة في الانتخابات، ولذلك كان من الطبيعي انها لا تتعامل بحيادية بالمطلق، لان كل واحدة منها تحاول التاثير على قرار الناخب لكسب صوته لصالح الكتلة التي تمتلكها او على الاقل التي تمولها، طبعا باستثناء عدد قليل جدا من وسائل الاعلام العراقية التي نجحت في الحفاظ على حياديتها في هذا الجو الاعلامي والدعائي الصاخب، بسبب انطلاقها، في انجاز رسالتها الاعلامية، من اصل الموضوع، والمتمثل بدعم العملية الانتخابية التي تراكم تجربة النظام الديمقراطي الذي اختاره العراقيون كبديل عن الديكتاتورية.

والى جانب هذه الوسائل، ظلت عدد من وسائل الاعلام العراقية، وللاسف الشديد، تواصل دورها التخريبي من خلال تضخيم السلبيات والحنين الى الماضي الاسود وكانها ارادت ان تقنع العراقيين بان الديكتاتورية افضل لهم من الديمقراطية التي جلبت للبلاد كل هذا الخراب والدمار، عندما غضت الطرف عن الكم الهائل من الانجازات التي حققتها الديمقراطية للعراقيين والتي تقف على راسها مبدا التداول السلمي للسلطة عبر صندوق الاقتراع بعيدا عن السرقات المسلحة (الانقلابات العسكرية) التي ظلت تحكم العراق عقودا طويلة من الزمن ادخلته في متاهات الانظمة الشمولية البوليسية لتنتج في النهاية نظام المقابر الجماعية والحروب العبثية وحلبجة والانفال والقتل والاغتيال وعمليات تنظيف السجون، حتى انتهى العراق الى الاحتلال من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

اما بالنسبة الى الاعلام العربي، فكما قلت قبل قليل، انه تعامل بعدوانية مع العملية الانتخابية لانه ينتمي الى الانظمة البوليسية، ولذلك فان هذا الاعلام لا يعرف معنى الحيادية ابدا ازاء شئ اسمه الديمقراطية التي يراها على النقيض من متبنياته الفكرية والسياسية، بل انه منحاز الى الديكتاتورية بشكل واضح جدا، ولهذا السبب فهو بتعامله العدواني مع الديمقراطية في العراق يتصور بانه يؤدي رسالته الاعلامية على احسن وجه، والتي تتلخص في التقليل من اهمية ما يجري في العراق على صعيد بناء النظام السياسي الجديد الذي يتم فيه تداول السلطة من خلال صندوق الاقتراع حصرا، وليس بالانقلابات العسكرية او بطريقة توريث السلطة كما هو حال الانظمة السياسية التي تحكم في البلاد العربية.

ان الاعلام العربي هو لسان حال الانظمة البوليسية والناطق الرسمي باسم الحكام الظلمة واجهزتهم البوليسية القمعية، ولذلك كان امامه خيار واحد في تعامله مع العملية الانتخابية في العراق، الا وهو الطعن بها والتقليل من اهميتها والتخويف منها او على الاقل تصويرها وكانها حرب طاحنة بين الفرقاء، من اجل ان لا تنتقل عدوى التجربة العراقية الى بقية شعوب المنطقة وتحديدا العربية، التي لا زالت تئن من وطاة النظام الشمولي الذي سحق كرامتها بعد ان صادر حريتها والغى ارادتها وكمم افواهها ومارس بحقها سياسة التجهيل والتغييب بكل صورة من الصور.

بكلمة مختصرة يمكن القول ان اختلاف التغطية الاعلامية هو اكبر دليل على ان ما يجري اليوم في العراق هو امر حقيقي وليس صوريا او استعراضيا، ذاك الذي يجري في البلاد العربية والتي لا تختلف في تغطيته وسائل الاعلام فكلها تمجد به وتمتدحه، لانه مدفوع الثمن سلفا.

السؤال الثاني:

هل تعتقدون ان هناك (بهجة) صاحبت الاخبار والتقارير التي اعلنت عن فوز (القائمة العراقية) بالرغم من محاولات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التقليل من مثل هذه التقارير؟.

الجواب:

لقد تعامل الجميع مع النتائج المفترضة على طريقة ما يحلم به ويتمناه وليس على طريقة الحقائق التي تجري على ارض الواقع، ولذلك تكلم الجميع عن النتائج حتى قبل ان تنبس المفوضية ببنت شفة، ولقد راينا كيف ان كل كتلة ظهرت في الاعلام لتتحدث عن ارقام واحصائيات ومقاعد ما انزل الله تعالى بها من سلطان، وكانهم كانوا يحاولون استباق النتائج للتاثير على عمل المفوضية، حتى اذا ظهر ما يخالف امانيهم طعن بعضهم وشكك آخرون وتوقف قسم منهم، فيما كان يفترض على الجميع ان لا يستعجلوا الحديث عن النتائج والانتظار لحين اعلانها من قبل المفوضية بشكل اصولي وحسب السياقات الدستورية والقانونية.

ان طريقة تعامل الكتل السياسية مع نتائج الانتخابات وطريقة تفكيرهم في احتساب الاصوات وعدد المقاعد البرلمانية لهذه الكتلة او تلك، كل حسب تصوراته وليس حسب النظام المتبع، دلل، بما لا يدع مجالا للشك، من ان الكثير منهم يجهل قانون الانتخابات وطريقة احتساب الاصوات وتقسيم المقاعد، كما انه ليس على علم بطريقة عمل المفوضية، وكل ذلك من دون ان يعني ان المفوضية ادت عملها على اكمل وجه، فان الجميع يعرف مدى التعقيد الذي وضع فيه قانون الانتخابات، المفوضية وعملها.

ان استعجال الكتل السياسية بالاعلان عن نتائج الانتخابات هو الذي اوقعها في الحرج امام جمهورها ما دفعها الى الحديث عن احتمالات التلاعب، الامر الذي اثار كل هذا اللغط بين العراقيين.

وان من بين ادلة هذا الجهل، هو تصور البعض بان فوز احدى القوائم باغلبية المقاعد على منافساتها يمنحها حق تسمية رئيس الوزراء القادم حصرا، غافلا عن ان عدد المقاعد وحده لا يكفي للتمتع بمثل هذا الحق وانجاز المهمة، وانما هي بحاجة الى ان تحصل على الاغلبية المطلقة في البرلمان لتتمكن من ذلك، وتاليا من تشكيل الحكومة، وهذا ما يعقد مهام الكتل البرلمانية الجديدة، لانها بحاجة الى تحالفات دقيقة تؤمن لها مثل هذا العدد لتمرير رغبتها السياسية.

فضلا عن ذلك، فان الدستور لم يتحدث عن الكتلة السياسية الاكبر التي من حقها ان تسمي مرشحا لرئاسة الوزراء، وانما تحدث عن الكتلة النيابية الاكثر عددا، والتي قد تتشكل تحت قبة البرلمان في اية لحظة حال الاعلان عن نتائج الانتخابات.

لنقرا بعض مواد الدستور بهذا الشان لنقف على حقيقة الامور بعيدا عن التهويل والصخب الاعلامي، فالمادة (76) اولا تنص على ما يلي:

يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.

وتنص ثانيا من نفس المادة على ما يلي:

يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.

فيما تنص ثالثا على ما يلي:

يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند (ثانيا) من هذه المادة.

ومن الواضح فان هذه المادة لا تنص كاختها (اولا) على ان يكون المرشح الثاني المكلف من الكتلة النيابية الاكثر عددا حصرا، ما يفتح الباب للتحالفات الواسعة بين كل الاطراف لتشكيل الكتلة النيابية الاكثر عددا.

ومن اجل ان لا نجانب الواقع والحقيقة، فان من الحكمة بمكان ان نتذكر دائما بان دور وتاثير التحالفات والتفاهمات بين الكتل الفائزة فوق كل هذه النصوص الدستورية، لان المادة الدستورية نص، اما التفاهمات فهي الروح، ومن الواضح فان الروح تغلب النص عادة حتى في اعرق النظم الديمقراطية.

اما بشان وصف السؤال (بهجة) البعض من فوز هذا او ذاك، فكلنا نعرف جيدا فان هناك اطراف دولية واقليمية تتمنى ان ترى اشخاص معينين على راس الهرم التنفيذي فيما تكره رؤية اشخاص آخرين، ولهذا السبب فان مثل هذه الاطراف، وهي المعروفة بحنينها الى الماضي الاسود الذي حكم العراق، ترقص فرحا لفوز كتلة ما فيما تعرب عن خيبة امل من فوز اخرى.

انهم يتمنون ان تفوز قوائم محددة على حساب قوائم اخرى، لتكون حصان طروادة لاجنداتها في العراق الجديد، ما يسهل عليها تخريب العملية السياسية برمتها من خلال الدفع باتجاه عودة ايتام النظام البائد الى الواجهة، وهو الامر الذي يجب ان يحذر منه العراقيون الذي يتطلعون الى الامام ويكرهون عودة الماضي الاسود مهما كان الثمن.

ولكن بالمجمل، فانني اعتقد جازما بان علينا كعراقيين وعلى المجتمع الدولي ودول الجوار ان نحترم ارادة الناخب العراقي، وان نقبل بخياراته مهما كانت، لان خياره لم يات على ظهر دبابة في خلسة من الليل والناس نيام، كما انه لم يات بالوراثة او بالقوة والاكراه والتهديد والوعيد، وانما جاء عن طريق صندوق الاقتراع الذي يجب ان تنحني له اجلالا واكبارا كل هامات الرجال، فليس لاحد الحق في التاثير على هذه الخيارات، كما انه ليس من حق احد ان يطعن بارادة العراقيين او يسخر منها او يقلل من شانها، فلقد اثبتت التجربة ان الناخب العراقي لم يصوت من فراغ او بلا دراية ابدا، والدليل على ذلك انه، وللمرة الثانية، اهلك سياسيين واستخلف آخرين.

السؤال الثالث:

برايكم، هل ستظل القوائم الفائزة متماسكة؟ ام ستطيح بها تحالفات اخرى امام قضايا حساسة مثل توزيع المناصب السيادية خاصة تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة القادمة والمادة (140) من الدستور وقضايا حساسة اخرى؟.

الجواب:

قبل كل شئ، يجب ان نعرف بان هذه الكتل تتشكل من عدة اتجاهات سياسية واحزاب وتنظيمات الى جانب عدد من الشخصيات التي تجمعت من اجل الوصول الى السلطة تحديدا، ولذلك فهي سوف لن تحافظ على تماسكها اذا لم تشارك في السلطة التنفيذية على وجه التحديد، وذلك لعدة اسباب:

اولا: لازال العراق يخلو من العمل الحزبي بالمعنى الحقيقي، فليس في العراق احزاب تتنافس في الانتخابات وانما هناك كتل سياسية تتجمع بشكل مؤقت لدخول حلبة المنافسة الانتخابية فاذا فازت في السلطة ربما حافظت على تماسكها، والا فلا، ولهذا السبب نرى تنقل الاحزاب والاشخاص بين هذه الكتل كلما احست بضعف الكتلة او ابتعادها، لاي سبب، عن السلطة، لان دافعها للانتماء الى هذه الكتلة او تلك ليس ايمانها بالبرنامج الانتخابي مثلا او المشروع السياسي ابدا، وانما اعتقادها بان لهذه الكتلة دون غيرها حظوظا اكبر من غيرها للامساك بالسلطة، والا فما الداعي للبقاء معها، والتمسك بتلابيبها والاصرار على الرهان على حصان خاسر؟.

ان في كل واحدة من هذه الكتل عدد من الاتجاهات السياسية والاشخاص المختلفين في كل شئ الا في الهدف، وهو هنا الوصول الى السلطة، بل ان بين بعضهم من التناقض ما يفجر انسجامها الداخلي مع اول تحدي، وهذا ما رايناه خلال السنوات الاربع الماضية عندما ظلت تتآكل الكثير من هذه الكتل فلم يبق منها الا الهيكل العظمي، وان ظاهرة التنقل بين الكتل اكبر دليل على انعدام القواسم المشتركة الحقيقية بين المكونات، تنظيمات او اشخاص، لا فرق.

ربما تكون (العراقية) ابرز مصداق لهذه الظاهرة ولذلك فهي اول من تفتتت وتآكلت من بين كل الكتل الاخرى، وهي الان كذلك مرشحة لمثل هذه الحالة لانها تجمع في صفوفها تحالفات معقدة واتجاهات متناقضة في التوجه والمشروع والادوات وفي كل شئ، الا اذا امسكت بتلابيب السلطة، فان الامر سيختلف كثيرا بكل تاكيد، اذ ان السلطة تؤجل، ولا اقول تلغي، مثل هذه النتيجة الحتمية لكتلة كـ (العراقية).

ثانيا: كذلك فاننا في العراق لم نتعلم بعد دور المعارضة، ولذلك فان العمل السياسي يعني عندنا ان نكون في السلطة والا فالتفتت اقرب الينا من حبل الوريد.

للاسف الشديد فان نظرية (القصر او القبر) لا زالت هي الحاكمة في العمل السياسي العراقي وكاننا بعد في دور المعارضة وليس في مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية.

اذا تعلمنا دور المعارضة الى جانب دور السلطة فان الكتل السياسية ستتعلم كيف تحافظ على وحدتها وتماسكها سواء كانت في السلطة او في المعارضة، وسيكون حالنا كحال الكثير من الكتل السياسية التي تتماسك وهي في السلطة كما انها تتماسك وهي في المعارضة، ولا يكون ذلك الا اذا تعلمنا فلسفة العمل السياسي الذي لا يعني السلطة فقط وانما المعارضة كذلك.

ثالثا: في العراق كذلك، نحن لم نرق لحد الان الى مستوى بناء الدولة فلا زلنا نفكر في بناء النظام، ولذلك فان السلطة التنفيذية عندنا هي كل شئ، فهي النظام وهي الدولة وهي السلطة، ولهذا السبب فان من يجلس تحت قبة البرلمان لا يشعر انه في السلطة، كما ان الذي يشغل موقعا في مؤسسات الدولة الاخرى لا يشعر بانه في السلطة، باستثناء الذي في الحكومة فانه يشعر ويسعى الى اشعار الاخرين انه في السلطة وغيره خارجها، ولذلك يسعى الجميع اليها وبكل الطرق المشروعة واحيانا غير المشروعة، وهنا تكمن خطورة العملية السياسية.

لابد ان تتغير النظرة الى الدولة لنتعلم بان الحكومة ليست كل شئ، فهناك البرلمان وهناك مؤسسة الرئاسة وهناك منظمات المجتمع المدني التي تشكل سلطة ما في الدولة وان كانت بادوات اخرى تختلف عن ادوات الحكومة، وهكذا.

هذا بشكل عام، اما بشان الكتل الحالية التي فازت باغلبية المقاعد، فبالتاكيد هناك الكثير من التحديات التي ستواجهها وهي تتفاوض فيما بينها للتوصل الى صيغ متقاربة للاتفاق على تشكيل الحكومة القادمة، ولعل اول تحدي هو موضوع المحاصصة سيئ الصيت، لاننا، والاسف الشديد، لم نشهد في هذه الانتخابات منتصرا واضحا، يمكن ان يكون قطب الرحى في مثل هذه المفاوضات، يفرض شروطه ويجمع الحلفاء من حوله على برنامج ما، انما نحن اليوم امام عدد من الفائزين وبفارق بسيط في عدد المقاعد، ولذلك فان كل الاحتمالات واردة وان كل اشكال التحالفات ممكنة، لدرجة اننا قد نفاجأ حتى بتحالف المتناقضين من اجل السلطة.

ولا اريد هنا ان اكون متشائما بقدر ما احاول ان اقرا المستقبل بالاعتماد على نتائج الانتخابات، فانني اعتقد باننا سنكون امام حكومة غير قوية، ولا اقول ضعيفة، اذا فكرت كل الكتل ان تشارك في تشكيلها، لان البرلمان سيخلو من المعارضة، ومن الواضح فان الحكومة، اية حكومة، بلا معارضة برلمانية لا يمكن ان تكون قوية ابدا، لان قوة الحكومة بالمعارضة وليس بذاتها، ولنا في كل حكومات الدول ذات الانظمة الديمقراطية دليل قاطع على هذه الحقيقة.

22 آذار 2010